الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد :
ذكر العديد من العلماء في كتبهم مشروعية العلاج بماء
السدر وطريقة ذلك في الرقية الشرعية، ونُقِل جزءٌ كبيرٌ منها من كتب وهب بن منبّه، ولكن لم يتمّ الوقوف على دليلٍ مرفوع إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بشأن ذلك، وإنّما ثبت نفعه بالتّجربة، وتناقله الكثير من العلماء في كتبهم، وأفتى أهل العلم بجواز استخدام ماء السدر في العلاج بالرقية الشرعية.
فالسدر من اشجار الجنة يتفيأ تحتها اهل اليمين حيث قال تعالى: { وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود }. كما ورد ذكر
السدر في قوله تعالى: (عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، إذ يغشى السدرة ما يغشي)
أمّا أهميته وفائدته فهو ينفع بإذن الله مع الرقية في دفع السّحر، وخاصّة لِمن حُبِس عن زوجته؛ أي كان مربوطاً بسحرٍ عن مجامعة زوجته، وهذا مع الأخذ بالأسباب واللجوء إلى الله بالدعاء والإيمان بأنّ الشفاء بيده، وقد جرّب غير واحدٍ من العلماء المعتبرين ذلك في الرقية ورأوا نفعه في العلاج بإذن الله، وممّا ذُكر في ذلك:
نقل ابن حجر عن ابن بطّال أنّه رأى في كتب ابن منبّه طريقة استخدام ورق السدر في الرقية الشرعية، ثم قال: "... وَهُوَ جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ إِذَا حُبِسَ عَنْ أَهْلِهِ".
نقل بعض أهل العلم عن ابن القيّم في خصائص السّدر أنّه ينفع مع الرقية في فكّ السّحر عموماً وفكّ سحر مَن حُبِس عن زوجته.
تكلّم ابن باز -رحمه الله- بالتفصيل في طريقة استخدام ورق السدر بالرقية، وقال: "... وقد جُرِّب هذا كثيراً ونفع الله به، وقد فعلناه مع كثيرٍ من الناس فنفعهم الله بذلك، فهذا دواء مفيد ونافع للمسحورين، وهكذا ينفع هذا الدواء لمن حبس عن زوجته..."، ثمّ قال: "... والشفاء بيد الله -سبحانه وتعالى-، إنما هي أسباب والله الموفق -سبحانه وتعالى-، وكل شيء بيده جل وعلا...".
طريقة استعمال ماء السدر في الرقية الشرعية
ما ذكره الحافظ ابن حجر
نقل الحافظ ابن حجر عن وهب بن منبه طريقة
استعمال ورق السدر في الرقية الشرعية، وهي على النحو الآتي:
يتمّ أخذ سبع ورقاتٍ من السّدر الأخضر، ثمّ دقّه بين حجرين وضربه بالماء.
يقرأ الرّاقي عليه ما يأتي:
آية الكرسي.
القواقل، وهي السور التي تبدأ بِـ: (قُل)، وهي: الجن، والكافرون، والإخلاص، والفلق، والناس.
يشرب المريض منه ثلاث شربات، ثمّ يتمّ الاغتسال بماء الرّقية المتبقّي.
ما ذكره الشيخ ابن باز
ذكر الشيخ ابن باز طريقةً أخرى مشابهة ولكن بتفصيلٍ أكبر، وبيانها فيما يأتي:
يأخذ المصاب أو الراقي سبع ورقات سدرٍ أخضر، ثمّ يدقّها بحجرٍ، ويضعها في إناءٍ ويصبّ فيه ما يكفي من الماء للغسل.
يقرأ على الماء والسدر ما يلي :
سورة الكافرون.
سورة الإخلاص "ثلاث مرات".
المعوّذتين "ثلاث مرات".
قول الله -تعالى-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ* فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ). [الأعراف:117-119]
قوله -تعالى-: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ* فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ* فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ* وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ). [يونس:79-82]
قوله -تعالى-: (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى* قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى* فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى* قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأعْلَى* وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى). [طه:65-69]
(أذْهِبِ البأس رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا).[٨]
(باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شيءٍ يُؤْذِيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ).
(أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة).
ثمّ يشرب المرض من هذا الماء ثلاث مرات، ويغتسل بالباقي، وله أن يستعمله لأكثر من مرةٍ حسب الحاجة إلى أن يزول عنه الأذى.