شهادة وفاة الأخلاق والقيم والضمير 

  محيط البوك المادة

صفحة المقالات العامة
  شهادة وفاة الأخلاق والقيم والضمير      
 

الكاتب : حسن العوجي    

 
 

 الزوار : 1382 |  الإضافة : 2022-06-07

 

مركز المعلومات العامة

 قصة حقيقية مؤثرة تدمع لها العيون



يرويها لواء مصري شهير اسمه : الدكتور سمير فرج


يقول اللواء : أنه حينما كان رئيساً لإدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية، جاءته ذات مرة سيدة فاضلة تريد أن تحظى برعاية بعض أسر شهداء الحرب مع إسرائيل التي عرفت بحرب أكتوبر 1973 ؟
فرحب اللواء بها وكفلت تلك المرأة قرابة 200 أسرة كفالات مالية وعلاج وزواج وحج وما إلى ذلك، وكانت تعطي عطاء من لا يخشى الفقر، حتى لكأنها حاتمية النسب !

حتى وصل عدد الأسر التي كانت تدعمها إلى ألف أسرة

ولما عُرض عليها مقابلة حرم رئيس الجمهورية لتنال تكريماً رفضت وقالت : ( هكذا يضيع الثواب )

يقول اللواء : مرت سبع سنوات ثم انقطعت عني أخبارها، وذات يوم وبعد خمسة عشر عاماً من تركي الشؤون المعنوية، تلقيت اتصالاً من إحدى مديرات دور المسنين، وفاجأتني أن هناك عجوزاً تريد الحديث معي؟

فعرفت أن الصوت ليس غريباً
فذكرتني أنها ( أم الشهداء ) وكنتُ أطلق عليها هذا اللقب وتذكرتُ أول لقائي بها قبل 22 سنة وعرفت أنها بدار المسنين منذ خمس سنوات، فزرتها وجلست معها وسألتها عن أولادها ؟

فأخبرتني عن ولدها الطبيب العالمي المقيم في أمريكا وولدها الثاني الذي أصبح ثرياً مشهوراً في دبي وابنتها المتزوجة المقيمة في القاهرة .

طرق خيالي مدى الثراء الذي هم فيه، ولمحت بين عيني العجوز كبر السن، وضعف البصر، وهشاشة السمع، ورقة العظم، ووحشتها، وقربها من عتبة الموت، وبُعد فلذات أكبادها عنها، والعصا التي لا تقدر أن تمشي خطوة واحدة إلا بها !!

لقد أصبحت ضعيفة نحيفة متعبة مهدودة ليس كما عهدتها قبل عشرين عاماً تطوف مصر بأكملها بحثاً عن أرملة تشتري لها الطعام وتؤانس وحشتها.
لقد كان آخر عهدها بولديها الشباب قبل عشر سنوات !!!

فقمت بالإتصال عليهما ودعوتهما لزيارة أمهما ؟
فأجابني الطبيب المقيم في أمريكا : إن أمّنا ثرية، ولديها من المال ما يكفيها للعيش في دار المسنين دون مشاكل !!!

فقلت له : ألا تشتاق لأمك ؟
فتعذّر بانشغاله رغم أنه يزور مصر كل عام

وسمعت نفس الكلام من ولدها المقيم في دبي !!

وأما البنت التي في القاهرة فتعلّلت بأولادها وكثرة مشاغلها !!

فبقيتُ ثلاثة أشهر أزورها في كل أسبوع وحديثها العذب المصفى في كل زيارة حكاياتها مع أولادها، وفي كل زيارة تخرج لي ملف ذكريات عبارة عن صور و (ألبومات) لأولادها وهي فرحة مسرورة بنجاحهم وتفوقهم، وتخبرني عن بذلها الغالي والنفيس في دراسة ولدها الطبيب، وأكبر متعة لها الحديث عن أولادها..

وذات يوم حدثتني برغبتها العارمة بزيارة أولادها لتفرح بهم و بأحفادها، وتكحل نظرها برؤيتهم قبل وداع هذه الحياة ومغادرة هذا الكوكب، وهي الثرية القادرة على السفر..

فاتصلت بولديها لترتيب أمور سفرها إليهما واستقبالهما لها ومعرفة عنوان كل منهما ؟

فكان الرد واحداً وهو:
( الأمور هنا صعبة وعندما نزور القاهرة سوف نراها )

وفي يوم من الأيام الحزينة جاءني اتصال لا أنساه من مديرة دار المسنين تبلغني بوفاة العجوز، فذهبت سريعاً أجرُّ خُطاي، وأسحب قدماي سحباً، وأكاد أن أتعثر في المشي...

ولما وصلت الدار ورأيت العجوز الوحيدة المسجاة التي ماتت وهي تتمنى أن تنظر نظرة واحدة لأولادها، أو يكونوا عند رأسها في لحظة السكرات ولم يلبوا طلبها، ولم يردوا حتى على اتصالاتها، انهار دمعي ولم أتمالك مشاعري..

وكانت لحظات بلغ بي الهول فيها مبلغه !!

فاتصلتُ بولديها فكان الرد:
( لا نستطيع الحضور ولا داعي لمشقة السفر من أجل هذا الأمر)

فاتصلت بابنتها التي في القاهرة، فأخبرتني أنها مع أولادها في الإسكندرية للمشاركة في مسابقة رياضية وحضورها صعب !!!

يقول اللواء بعد ذلك : أنه قام بتجهيز تلك المرأة ودفنها ومشى وحيداً في جنازتها، في حين أنها سخرت مالها لتدريس ولدها ليحصل على أرقى الشهادات العالمية في الطب .

والثاني كانت هي السبب الرئيس في نجاحه
والبنت ويا لهذه البنت، أمها التي بذلت مهجتها في تربيتها !!

يخبر اللواء أنه ولأول مرة يبكي كالطفل تماماً
تذكر ببكائه هذا بكاءه يوم ماتت أمه الحنون..

بعد أسبوع من دفن العجوز حضرت البنت لدار المسنين تطالب بشهادة الوفاة ليبدأ حصر الثروة الطائلة لتلك العجوز التي كانت تعول ألف أسرة من أسر شهداء مصر ليبدأ تقسيم التركة.

وبعدها حضر الولدان واستلموا شهادة الوفاة .

يا لتلك الشهادة
إنها شهادة وفاة القيم
إنها شهادة موت الضمير
شهادة موت الأخلاق، والعطف، والرحمة، ورد الجميل
شهادة العقوق الصارخ
شهادة قلة الحياء وموت العاطفة
أحقاً يكون هذا ؟!

العبرة :
أيها الأخوة والأخوات :
هذه واقعة حصلت تفاصيلها لأبناء بلغ بهم العقوق مبلغه، وهم أناس من بني جلدتنا، مسلمون يتجهون نحو البيت الحرام في سجودهم !!
يا الله.. ما كنتُ أظن أني سأبقى حتى أعيش في زمن يستغني فيه البعض عن مصدر حنانه
يا هؤلاء من تعبدون ؟!

لا قيمة لعبادتكم حتى تقرنوا طاعته بطاعتهما

قال تعالى : ﴿ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ﴾

رفع الله برَّ الوالدين لمستوى عبادته ، لأن الله هو الخالق والوالدين سبب وجود الإنسان

يا هؤلاء، سفركم في طلب الجنة هو بحث عن السراب الزموا رجليها، فثمَّ الجنّة

إذا ماتت القيم ماتت الروح، وشقيت النفس، وتعكر طعم الحياة وضاع منك شرفك ورجولتك وكل شيء جميل

نعم أيها الأخوة والأخوات :
لقد نشأ جيل في الآونة الأخيرة معلناً التمرد بكل جرأة ووقاحة على القيم والأخلاق والمبادئ
علموا أولادكم البِرّ قبل أن يفلتوا من أيديكم، وتلهيهم معالم الحضارة المعاصرة المزيفة .

وشهادة وفاة الأخلاق والقيم سلموها لكل من ينكر جميل والديه.


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


7 + 3 =

/300
  محيط البوك روابط ذات صلة
  صورة البلوك ملتقى الشفاء الاسلامي
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق