وقد أوضح القرآن الكريم والسنة النبوية حكمه وعواقبه في الدنيا والآخرة، كما بينت الشريعة الإسلامية الموقف من السحرة وعقوبتهم.

وهو من المنكرات العظيمة ، ومن كبائر الموبقات ، بل هو من نواقض دين الإسلام ، إذا كان تعلمه ومباشرته عن طريق الاستعانة بالشياطين .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" تعليم السحر وتعلمه منكر عظيم ، ومن الشرك الأكبر ؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن ، والاستغاثة بهم والتقرب إليهم ، وما يهديهم من الذبائح والنذر " .

وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" السحر أكبر الكبائر بعد الشرك ، وهو كفر بالله عز وجل ، وهو قرين الشرك ، فالساحر والذي يصدق بالسحر كلاهما سواء " .

أما إذا كان صاحبه يتوصل إليه باستخدام عقاقير محسوسة ، ومواد كيميائية ، ونحو ذلك : فلا يكفر صاحبه .


والساحر حده القتل بكل حال .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" السحر نوعان : نوع كفر، ونوع عدوان وظلم.
أما الكفر : فهو الذي يكون متلقىً من الشياطين ، فالذي يُتلقى من الشياطين : هذا كفر مخرج عن الملة ، يُقتل متعاطيه .
النوع الثاني من السحر: سحر لا يكون بأمر الشياطين ، لكنه بأدوية وعقاقير وأشياء حسية ، فهذا النوع لا يُكفِّر ، ولكن يجب أن يقتل فاعله درءاً لفساده وإفساده " .


تعريف السحر

لغويًا

السحر في اللغة يعني الخداع والتخييل وإظهار الباطل في صورة الحق. ويُقال: سَحَر الشيءَ أي خَدَعَهُ وَغَيَّرَ حَقِيقَتَهُ.

اصطلاحًا

عرف العلماء السحر بأنه "عزائم ورُقى وكلمات تُقال أو تُكتب، يُؤثّر بها الساحر في القلوب والأبدان، إما بمرضٍ أو تفريقٍ أو قتلٍ أو غير ذلك، بطرق خفية لا يدركها الناس".



أنواع السحر في الإسلام

1. السحر الحقيقي

وهو الذي يحدث أثراً ملموساً في الأشخاص والأشياء، كجعل الإنسان يمرض أو يُصاب بالجنون أو يُحبس عن زوجته.

2. السحر التخيلي

وهو الذي يعتمد على الخداع والتلاعب بالبصر والعقل، كجعل الشيء يبدو على غير حقيقته، كما فعل سحرة فرعون حيث خُيِّل للناس أن الحبال تتحرك كأنها ثعابين.



حكم السحر في الإسلام

أولًا: حكم تعلُّم السحر وممارسته

اتفق العلماء على أن تعلُّم السحر وممارسته حرام شرعًا، بل هو من الكبائر الموبقة، والدليل على ذلك قوله تعالى:

"وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ ٱشْتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِى ٱلْـَٔاخِرَةِ مِنْ خَلَـٰقٍۢ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا۟ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا۟ يَعْلَمُونَ" (سورة البقرة: 102)

وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات... وذكر منها: السحر" (رواه البخاري ومسلم).


ثانيًا: حكم الساحر في الإسلام

اتفق الفقهاء على أن الساحر إذا كان يضر الناس بسحره، فإنه يجب أن يُقام عليه الحد، وقد جاء في ذلك قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"حد الساحر ضربة بالسيف" (رواه الترمذي).

كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل السحرة، ففي الحديث:
"حدُّ الساحر ضربة بالسيف" (رواه الترمذي وصححه الألباني).

وقد قتل الصحابة بعض السحرة، كما فعل جندب الأزدي حينما قتل ساحرًا كان يخدع الناس في مجلس الوليد بن عقبة.


ثالثًا: هل يُكفَّر الساحر؟

اختلف العلماء في كفر الساحر، ولكن الراجح أن من تعلّم السحر واعتقده وفعله فهو كافر، لأنه استعان بالشياطين واقترف ما ينافي التوحيد. قال الله تعالى:

"وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌۭ فَلَا تَكْفُرْ " (سورة البقرة: 102).



عقوبة الساحر في الدنيا والآخرة

أولًا: عقوبة الساحر في الدنيا

القتل: كما فعل الصحابة رضي الله عنهم، حيث قتلوا السحرة الذين يضرّون الناس بسحرهم.

التعزير: في بعض الحالات التي يكون فيها السحر دون إضرار مباشر أو دون كفر، قد يُعاقب الساحر بالتعزير (أي عقوبات يحددها القاضي).


ثانيًا: عقوبة الساحر في الآخرة

إذا مات الساحر على سحره ولم يتب، فهو في خطر عظيم من عذاب الله، وقد قال تعالى عن السحرة:
"وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ ٱشْتَرَىٰهُ مَا لَهُۥ فِى ٱلْـَٔاخِرَةِ مِنْ خَلَـٰقٍۢ" (سورة البقرة: 102)، أي: ليس له نصيب في الجنة.


هل تُقبل توبة الساحر؟

قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" إذا تاب الساحر توبة صادقة فيما بينه وبين الله : نفعه ذلك عند الله ، فالله يقبل التوبة من المشركين وغيرهم ، كما قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ) الشورى/25 ، وقال جل وعلا : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 .

لكن في الدنيا لا تقبل ، الصحيح : أنه يقتل ، فإذا ثبت عند حاكم المحكمة أنه ساحر يقتل ، ولو قال : إنه تائب ، فالتوبة فيما بينه وبين الله صحيحة , إن كان صادقا تنفعه عند الله ، أما في الحكم الشرعي فيقتل ، كما أمر عمر بقتل السحرة ؛ لأن شرهم عظيم ، قد يقولون : تبنا ، وهم يكذبون ، يضرون الناس ، فلا يسلم من شرهم بتوبتهم التي أظهروها ولكن يقتلون ، وتوبتهم إن كانوا صادقين تنفعهم عند الله " انتهى .


كيفية الوقاية من السحر

1. التحصن بذكر الله

قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة وقبل النوم.

قراءة المعوذتين وسورة الفاتحة صباحًا ومساءً.

الإكثار من الأذكار والأدعية المأثورة.


2. الابتعاد عن أماكن السحرة والمشعوذين

يجب على المسلم عدم اللجوء إلى السحرة أو تصديقهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلمﷺ: "من أتى كاهنًا أو عرَّافًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد" (رواه أحمد وأبو داود).


3. استخدام الرقية الشرعية

الرقية الشرعية من أقوى الوسائل لإبطال السحر، وهي قراءة القرآن والأدعية على المريض بنية الشفاء.


الخلاصة :
السحر من أخطر المحرمات في الإسلام، وهو يؤدي إلى الفساد في الأرض وهلاك الأفراد والمجتمعات. ولذلك، حذَّرت الشريعة الإسلامية منه وأمرت بمعاقبة السحرة أشد العقوبات. وعلى المسلم أن يتحصّن بذكر الله، ويبتعد عن كل ما له صلة بالسحر، وأن يعتمد على الرقية الشرعية للعلاج منه.