السيرة النبوية الكاملة >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  في ظلال السيرة النبوية >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  صحيح السيرة النبوية >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  السيرة النبوية المستوى الأول >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  السيرة النبوية للأطفال والناشئة >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  تحميل كتاب تربية الاولاد في الاسلام >> كتب الأسرة والمرأة المسلمة  🌾  انشودة عشاق الشهادة >> اناشيد ابراهيم الاحمد  🌾  اقوى آيه مجربة لفك عقد السحر والحسد >> الرقية الشرعية والأذكار  🌾  انشودة قائد الأمة >> الاناشيد الاسلامية  🌾  انشودة جبل بلادي >> أناشيد فرقة الوعد اللبنانية  🌾 

أمر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون

  محيط البوك المادة

القسم الاسلامي علوم القرآن والحديث والفقه
  أمر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون     
 

الكاتب : البداية والنهاية لابن كثير    

 
 

 الزوار : 310 |  الإضافة : 2024-05-30

 

علوم القرآن والحديث والفقه


 

أمر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون

 


قال الله تعالى

فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتو على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون

قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم يذكر تعالى ما كان من أمر فرعون وجنوده في غرقهم وكيف سلبهم عزهم ومالهم وأنفسهم وأورث بني إسرائيل جميع أموالهم وأملاكهم كما قال كذلك وأورثناها بني إسرائيل وقال ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين وقال ههنا وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون أي أهلك ذلك جميعه وسلبهم عزهم العزيز العريض في الدنيا وهلك الملك وحاشيته وأمراؤه وجنوده ولم يبق ببلد مصر سوى العامة والرعايا فذكر ابن عبدالحكم في تاريخ مصر أنه من ذلك الزمان تسلط نساء مصر على رجالها بسبب أن نساء الأمراء والكبراء تزوجن بمن دونهن من العامة فكانت لهن السطوة عليهم واستمرت هذه سنة نساء مصر إلى يومك هذا
وعند أهل الكتاب أن بني إسرائيل لما أمروا بالخروج من مصر جعل الله ذلك الشهر أو سنتهم وأمروا أن يذبح كل أهل بيت حملا من الغنم فإن كانوا لا يحتاجون إلى حمل فليشترك الجار وجاره فيه


فإذا ذبحوه فلينضحوا من دمه على أعتاب أبوابهم ليكون علامة لهم على بيوتهم ولا يأكلونه مطبوخا ولكن مشويا برأسه وأكارعه وبطنه ولا يبقوا منه شيئا ولا يكثروا له عظما ولا يخرجوا منه شيئا إلى خارج بيوتهم وليكن خبزهم فطيرا سبعة أيام ابتداؤها من الرابع عشر من الشهر الأول من سنتهم وكان ذلك في فصل الربيع فإذا أكلوا فلتكن أوساطهم مشدودة وخفافهم في أرجلهم وعصيهم في أيديهم وليأكلوا بسرعة قياما ومهما فضل عن عشائهم فما بقي إلى الغد فليحرقوه بالنار وشرع لهم هذا عيدا لأعقابهم ما دامت التوراة معمولا بها فإذا نسخت بطل شرعها وقد وقع قالوا وقتل الله عز وجل في تلك الليلة أبكار القبط وأبكار دوابهم ليشتغلوا عنهم

وخرج بنو إسرائيل حين انتصف النهار وأهل مصر في مناحة عظيمة على أبكار أولادهم وأبكار أموالهم ليس من بيت الا وفيه عويل وحين جاء الوحي إلى موسى خرجوا مسرعين فحملوا العجين قبل اختماره وحملوا الأزواد في الأردية والقوها على عواتقهم وكانوا قد استعاروا من أهل مصر حليا كثيرا فخرجوا وهم ستمائة ألف رجل سوى الذراري بما معهم من الأنعام وكانت مدة مقامهم بمصر أربعمائة سنة وثلاثين سنة هذا نص كتابهم وهذه السنة عندهم تسمى سنة الفسخ وهذا العيد عيد الفسخ ولهم عيد الفطير وعيد الحمل وهو أول السنة وهذه الأعياد الثلاثة آكد أعيادهم منصوص عليها في كتابهم ولما خرجوا من مصر أخرجوا معهم تابوت يوسف عليه السلام وخرجوا على طريق بحر سوف وكانوا في النهار يسيرون والسحاب بين أيديهم يسير أمامهم فيه عامود نور وبالليل أمامهم عامود نار فانتهى بهم الطريق إلى ساحل البحر فنزلوا هنالك وأدركهم فرعون وجنوده من المصريين وهم هناك حلول على شاطىء اليم فقلق كثير من بني إسرائيل حتى قال قائلهم

كان بقاؤنا بمصر أحب إلينا من الموت بهذه البرية وقال موسى عليه السلام لمن قال هذه المقالة لا تخشوا فإن فرعون وجنوده لا يرجعون إلى بلدهم بعد هذا قالوا وأمر الله موسى عليه السلام أن يضرب البحر بعصاه وأن يقسمه ليدخل بنو إسرائيل في البحر واليبس وصار الماء من ههنا وههنا كالجبلين وصار وسطه يبسا لأن الله سلط عليه ريح الجنوب والسموم فجاز بنو إسرائيل البحر واتبعهم فرعون وجنوده فلما توسطوه أمر الله موسى فضرب البحر بعصاه فرجع الماء كما كان عليهم لكن عند أهل الكتاب أن هذا كان في الليل وأن البحر ارتطم عليهم عند الصبح وهذا من غلطهم وعدم فهمهم في تعريبهم والله أعلم قالوا ولما أغرق الله فرعون وجنوده حينئذ سبح موسى وبنو إسرائيل بهذا التسبيح للرب وقالوا نسبح الرب البهي الذي قهر الجنود ونبذ فرسانها في البحر المنيع المحمود وهو تسبيح طويل قالوا وأخذت مريم النبية أخت هارون دفا بيدها وخرج النساء في أثرها كلهن بدفوف وطبول وجعلت مريم ترتل لهن وتقول سبحان الرب القهار الذي قهر الخيول وركبانها إلقاء في البحر هكذا رأيته في كتابهم ولعل هذا هو من الذي حمل محمد بن كعب القرظي على زعمه أن مريم بنت


عمران أم عيسى هي أخت هرون وموسى مع قوله يا أخت هرون وقد بينا غلطه في ذلك وان هذا لا يمكن أن يقال ولم يتابعه أحد عليه بل كل واحد خالفه فيه ولو قدر أن هذا محفوظ فهذه مريم بنت عمران أخت موسى وهرون عليهما السلام وأم عيسى عليها السلام وافقتها في الأسم واسم الأب واسم الأخ لأنهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة لما سأله أهل نجران عن قوله يا أخت هرون فلم يدر ما يقول لهم حتى سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال أما علمت أنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم رواه مسلم

وقولهم النبية كما يقال للمرأة من بيت الملك ملكة ومن بيت الإمرة أميرة وإن لم تكن مباشرة شيئا من ذلك فكذا هذه استعارة لها لا أنها نبية حقيقة يوحى إليها وضربها بالدف في مثل هذا اليوم الذي هو أعظم الأعياد عندهم دليل على أنه قد كان شرع من قبلنا ضرب الدف في العيد وهذا مشروع لنا أيضا في حق النساء لحديث الجاريتين اللتين كانتا عند عائشة يضربان بالدف في أيام منى ورسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجع مولي ظهره اليهم ووجهه إلى الحائط فلما دخل أبو بكر زجرهن وقال ابمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعهن يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا وهكذا يشرع عندنا في الأعراس ولقدوم الغياب كما هو مقرر في موضعه والله أعلم وذكروا أنهم لما جاوزوا البحر وذهبوا قاصدين إلى بلاد الشام مكثوا ثلاثة أيام لا يجدون ماء فتكلم من تكلم منهم بسبب ذلك فوجدوا ماء زعاقا أجاجا لم يستطيعوا شربه فأمر الله موسى فأخذ خشبة فوضعها فيه فحلا وساغ شربه وعلمه الرب هنالك فرائض وسننا ووصاه وصايا كثيرة وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز المهيمن على ما عداه من الكتب وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فاتوا على قوم يعكفون


على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون قالوا هذا الجهل والضلال وقد عاينوا من آيات الله وقدرته ما دلهم على صدق ما جاءهم به رسول ذي الجلال والإكرام وذلك أنهم مروا على قوم يعبدون أصناما قيل كانت على صور البقر فكأنهم سألوهم لم يعبدونها فزعموا لهم أنها تنفعهم وتضرهم ويسترزقون بها عند الضرورات فكأن بعض الجهال منهم صدقوهم في ذلك فسألوا نبيهم الكليم الكريم العظيم أن يجعل لهم آلهة كما لأولئك آلهة فقال لهم مبينا لهم أنهم لا يعقلون ولا يهتدون إن هؤلاء متبر ما فيه وباطل ما كانوا يعملون ثم ذكرهم نعمة الله عليهم في تفضيله إياهم على عالمي زمانهم بالعلم والشرع والرسول الذي بين أظهرهم وما أحسن به اليهم وما امتن به عليهم من انجائهم من قبضة فرعون الجبار العنيد وإهلاكه إياه وهم ينظرون وتوريثه إياهم ما كان فرعون وملاؤه يجمعونه من الاموال والسعادة وما كانوا يعرشون وبين لهم أنه لا تصلح العبادة الا لله وحده لا شريك له لأنه الخالق الرازق القهار وليس كل بني إسرائيل

سأل هذا السؤال بل هذا الضمير عائد على الجنس في قوله وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون 277 على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة أي قال بعضهم كما في قوله وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم أن لن نجعل لكم موعدا فالذين زعموا هذا بعض الناس لا كلهم وقد قال الإمام أحمد حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن سنان بن أبي سنان الديلي عن أبي واقد الليثي قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة انكم تركبون سنن الذين من قبلكم ورواه النسائي عن محمد بن رافع عن عبدالرزاق به ورواه الترمذي عن سعيد بن عبدالرحمن المخزومي عن سفيان بن عيينة عن الزهري به ثم قال حسن صحيح

وقد روى ابن جرير من حديث محمد بن اسحق ومعمر وعقيل عن الزهري عن سنان بن أبي سنان عن أبي واقد الليثي أنهم خرجوا من مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر قال وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ويعلقون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط قال فمررنا بسدرة خضراء عظيمة قال فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون والمقصود أن موسى عليه السلام لما انفصل من بلاد مصر وواجه بلاد بيت المقدس وجد فيها قوما من الجبارين من الحيثانيين والفزاريين والكنعانيين وغيرهم فأمرهم موسى عليه السلام بالدخول عليهم ومقاتلتهم واجلائهم اياهم عن بيت المقدس فإن الله كتبه لهم ووعدهم إياه على لسان إبراهيم الخليل أو موسى الكليم الجليل فأبوا ونكلوا عن الجهاد فسلط الله عليهم الخوف والقاهم في التيه يسيرون ويحلون ويرتحلون ويذهبون ويجيئون في مدة من السنين طويلة هي من العدد أربعون كما قال الله تعالى وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فانا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما أدخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال فانها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين يذكرهم نبي الله نعمة الله عليهم احسانه عليهم بالنعم الدينية والدنيوية ويأمرهم بالجهاد في سبيل الله ومقاتلة أعدائه فقال يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم أي تنكصوا على أعقابكم وتنكلوا على قتال أعدائكم


فتنقلبوا خاسرين أي فتخسروا بعد الربح وتنقصوا بعد الكمال قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين أي عتاة كفرة متمردين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا فإنا داخلون خافوا من هؤلاء الجبارين وقد عاينوا هلاك فرعون وهو أجبر من هؤلاء وأشد بأسا وأكثر جمعا وأعظم جندا وهذا يدل على أنهم ملومون في هذه المقالة ومذمومون على هذه الحالة من الذلة عن مصاولة الاعداء ومقاومة المردة الأشقياء
وقد ذكر كثير من المفسرين ههنا آثارا فيها مجازفات كثيرة باطلة يدل العقل والنقل على خلافها من أنهم كانوا أشكالا هائلة ضخاما جدا حتى إنهم ذكروا أن رسل بني إسرائيل لما قدموا عليهم تلقاهم رجل من رسل الجبارين فجعل يأخذهم واحدا واحدا ويلفهم في أكمامه وحجزة سراويله وهم إثنا عشر رجلا فجاء بهم فنثرهم بين يدي ملك الجبارين فقال ما هؤلاء ولم يعرف أنهم من بني آدم حتى عرفوه وكل هذه هذيانات وخرافات لا حقيقة لها وأن الملك بعث معهم عنبا كل عنبة تكفي الرجل وشيئا من ثمارهم ليعلموا ضخامة أشكالهم وهذا ليس بصحيح وذكروا ههنا أن عوج بن عنق خرج من عند الجبارين إلى بني إسرائيل ليهلكهم

وكان طوله ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة ذراع وثلاثة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع هكذا ذكره البغوي وغيره وليس بصحيح كما قدمنا بيانه عند قوله صلى الله عليه وسلم إن الله خلق آدم طوله ستون ذراعا ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن قالوا فعمد عوج إلى قمة جبل فاقتلعها ثم أخذها بيديه ليلقيها على جيش موسى فجاء طائر فنقر تلك الصخرة فخرقها صارت طوقا في عنق عوج بن عنق ثم عمد موسى إليه فوثب في الهواء عشرة أذرع وطوله عشرة أذرع وبيده عصاه وطولها عشرة أذرع فوصل إلى كعب قدمه فقتله يروى هذا عن عوف البكالي ونقله ابن جرير عن ابن عباس وفي إسناده إليه نظر ثم هو مع هذا كله من الإسرائيليات وكل هذه من وضع جهال بني إسرائيل فإن الأخبار الكذبة قد كثرت عندهم ولا تميز لهم بين صحتها وباطلها ثم لو كان هذا صحيحا لكان بنو إسرائيل معذورين في النكول عن قتالهم وقد ذمهم الله على نكولهم وعاقبهم بالتيه على ترك جهادهم ومخالفتهم رسولهم وقد أشار عليهم رجلان صالحان منهم بالاقدام ونهياهم عن الاحجام ويقال إنهما يوشع بن نون وكالب بن يوقنا قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعطية والسدي والربيع بن أنس وغير واحد قال رجلان من الذين يخافون أي يخافون الله وقرأ بعضهم يخافون أي يهابون أنعم الله عليهما أي بالإسلام والإيمان والطاعة والشجاعة ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين أي إذا توكلتم على الله واستعنتم به ولجأتم إليه نصركم على عدوكم وأيدكم عليهم وأظفركم بهم قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون فصمم ملاؤهم علىالنكول عن الجهاد ووقع أمر عظيم ووهن كبير فيقال إن يوشع وكالب لما سمعا هذا


الكلام شقا ثيابهما وإن موسى وهرون سجدا إعظاما لهذا الكلام وغضبا لله عز وجل وشفقة عليهم من وبيل هذه المقالة قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال ابن عباس اقض بيني وبينهم قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرص فلا تأس على القوم الفاسقين عوقبوا على نكولهم بالتيهان في الأرض يسيروا إلى غير مقصد ليلا ونهارا وصباحا ومساء ويقال إنه لم يخرج أحد من التيه ممن دخله بل ماتوا كلهم في مدة أربعين سنة ولم يبق إلا ذراريهم سوى يوشع وكالب عليهما السلام لكن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر لم يقولوا له كما قال قوم موسى لموسى بل لما استشارهم في الذهاب إلى النفير تكلم الصديق فأحسن وغيره من المهاجرين ثم جعل يقول أشيروا علي حتى قال سعد بن معاذ كأنك تعرض بنا يا رسول الله فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن يلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله يريك منا ما تقربه عينك فسر بنا على بركة الله

فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد وبسطه ذلك وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن مخارق بن عبدالله الأحمسي عن طارق هو ابن شهاب أن المقداد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون وهذا إسناد جيد من هذا الوجه وله طرق أخرى قال أحمد حدثنا أسود بن عامر حدثنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال قال عبدالله بن مسعود لقد شهدت من المقداد مشهدا لأن أكون أنا صاحبه أحب إلى مما عدل به أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين قال والله يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ولكنا نقاتل عن يمينك وعن يسارك ومن بين يديك ومن خلفك فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرق لذلك وسر بذلك رواه البخاري في التفسير والمغازي من طرق عن مخارق به وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه حدثنا علي بن الحسن بن علي حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا محمد بن عبدالله الأنصاري حدثنا حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سار إلى بدر استشار المسلمين فأشار عليه عمر ثم استشارهم فقالت الأنصار يا معشر الأنصار إياكم يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا إذا لا نقول له كما قال بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون والذي بعثك بالحق إن ضربت أكبادها إلى برك الغماد لاتبعناك رواه الإمام أحمد عن عبيدة بن حميد عن حميد الطويل عن أنس به ورواه النسائي عن محمد بن المثنى عن خالد بن الحارث عن حميد عن أنس به نحوه وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى عن عبدالأعلى بن حماد عن معتمر عن حميد عن أنس به نحوه



 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


5 + 4 =

/300
  محيط البوك روابط ذات صلة

المادة السابق
المواد المتشابهة المادة التالي
  صورة البلوك راديو الشفاء للرقية

راديو الشفاء للرقية الشرعية

راديو الشفاء للرقية مباشر

  صورة البلوك جديد الاناشيد الاسلامية

  صورة البلوك جديد القرآن الكريم

  صورة البلوك جديد الكتب