عشق الجن للإنس
العِشْقُ: فرط الحب، وقيل: هو عُجْب المحب بالمحبوب يكون في عَفافِ الحُبّ، ودَعارته .
الجن كافرهم ومسلمهم يعيشون معنا في أسواقنا في محلاتنا في مدارسنا ، معنا في بيوتنا في الغرف والمطابخ والحمامات ، يقول النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ فَإِذَا سقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا وَلا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ ( رواه مسلم ).
والجن يروننا ولا نراهم ، يقول الله سبحانه وتعالى:} يَابَنِيَ آدَمَ لاَ يَفْتِنَنّكُمُ الشّيْطَانُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مّنَ الْجَنّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَآ إِنّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنّا جَعَلْنَا الشّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ لِلّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ{ [الأعراف:27]، ولقد من الله سبحانه وتعالى على بني آدم بحسن الخِلقة ، يقول الله تعالى في سورة التين : } لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِيَ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ{ ،
فسبحان من أبدعه وجمله ، فالجن يعجبون بحسن خلقتنا وجمالنا وقد يعجبون بأشخاص لا لجمالهم ولكن لخفة دمهم وحسن دعابتهم أو غير ذلك ، فيعشق الجني الإنسية أو تعشق الجنية الإنسي كما هو حاصل بين بني آدم من العشق والإعجاب
ويقول قائلهم
إن العيونَ التي في طَرْفِها حَوَر قَتَلْنَنَا ثم لم يُحيين قتلانا يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهُن اضعف خَلقِ الله إنساناٌ
فإذا كان الإنسي يعشق الإنسية لجمال عينيها ، فما بالك بمن تتجرد من ثيابها أمام شيطان يغلب على عالمه دمامة الخلقة . عَنْ عَلِيِّ ابن أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمُ الْخَلاءَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ . رواه الترمذي وفي رواية يقول صلى الله عليه وسلم ( ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم أن يقول الرجل المسلم إذا أراد أن يطرح ثيابه : بسم الله الذي لا إله الا هو
يقول ابن تيمية : صرع الجن للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق ، كما يتفق للإنس مع الإنس وقد يتناكح الإنس والجن ويولد بينهما ولد وهذا كثير معروف ا.ه.
ومن المعلوم أن الذي يُعشق في عالم الإنس صاحب الوجه الحسن رقيق البشرة أبيض الجلد وقد قيل " البَيَاضُ نِصْفُ الحُسْنِ"، ولكن هذا الذوق لا تجده في عالم الجن ، ولو كان الجمال هو الغاية عند الجن لما بقي الجان العاشق في جسد الممسوس بعد أن يكبر سنه ويشيب رأسه ويتجعد وجهه وتتساقط أسنانه ..!
بلادٌ ألفناها على كل حالة
وقد يؤلَف الشيء الذي ليس بالحسن
ونستعذب الأرض التي لا هواء بها
ولا ماؤها عذب ولكنها وطن
والذي يحصل أن يحضر الجان على الإنسان الكبير والرجل الدميم أو على المرأة السوداء ويقول لك أنا أحبها ولسان حاله يقول :
فاستحسنوا الخال في الخد فقلت لهم
إني عشقت مليحا كله خال
وحالات العشق هي في الحقيقة من أصعب حالات الاقتران ، وهي حالات مستعصية للغاية يصعب معها اقناع الجن بالخروج وترك المصروع ، وذلك بسبب تشبث الجني بجسد من يعشق من الإنس خصوصا إذا كان المصاب في بعد عن ذكر الله .
كيف صبري عن بعض نفسي وهل يصبر عن بعض نفسه الإنسان
وكثير من الشياطين لا تعشق الإنسان الممسوس ولكنها تعشق الجسد فقط فهي تأكل وتشرب وتستمتع به ، ولا تبالي بالإنسان إذا ما كان سعيدا أو حزينا ، بل قد تتسلط عليه بالأذى والسهر والتعب لخدمة السحر أو العين أو لمجرد أن يخالف المصروع هوى الجان ، فعليهم من الله ما يستحقون من العذاب واللعنات المتتالية إلى يوم يلقونه.
وهذا النوع من الاقتران تكون له أحيانا بعض الأعراض :
فمن أعراضه أن يكثر مع المعشوق الاحتلام في اليقظة والمنام ليلاً ونهاراً ، وقد يشعر المعشوق بمن يتابعه ويحتضنه دون أن يراه ، وقد يسلب الإرادة فلا يستطيع على الحركة أو صراخ ويشعر بمن يعاشره " اغتصاب " وهو مستيقظ غير نائم ، وربما يشعر بأن شيئا ما يثير شهوته حتى يقذف وهو مستيقظ وفي كامل وعيه ،،، أما في الحلم تتم المعاشرة كاملة " يحصل الإيلاج " وإذا ما فرغ من حلمه واستيقظ وجد نفسه متعبا وكأن الأمر حقيقة ،،، وقد يصاب المريض بالنعاس في أي وقت في العمل أو في المدرسة ويحتلم .
وقد أن يتدرج الشيطان في التشكل للمعشوق في بداية الأمر في المنام ، كأن يرى المعشوق في منامه صورة امرأة جميلة أو رجل وسيم وأنها معه في زواج ومعاشرة وتتكرر هذه المنامات حتى يصبح الشكل مألوفا للإنسي ( أحيانا يكون التشكل في صورة رجل أو امرأة يعرفها الإنسي ) ، يرى في المنام شخصا على أحسن صورة يقترب منه ويداعبه ويعاشره ، وتجد بعض الإنس يتلذوذن بتلك المداعبة ويهيمون بذلك الخيال وتجدهم يأنسون بالعزلة ويسارعون الى النوم لعلهم يرون ذلك الطيف الجمي
يقول الشاعر :
وإني لأهوَى النوم في غير نَعْسَة لعل لقاء في المنام يكون تخبرني الأحلامُ أني أراكُم فياليتَ أحلامَ المنامِ يقين
فإذا تبين للجن العاشق أن الشاب أو الشابة راغب في هذه الخيالات العارية والدعابات الجنسية في اليقظة والمنام ، قد يتشكل له في اليقظة عن طريق التخيل بالعين ويتحدث مع عشيقه أو عشيقته عن طريق الوسوسه ، حتى يتعلق الإنسي في هذه الصورة الجميلة المزيفة ، يذكر لي أحد الشباب وقد ابتلي بشيطانة خبيثة ، فيقول: أنه بلغ بي الحال أن أخاطب قرينتي قبل النوم فأقول لها أريد منك أن تأتيني في المنام على صورة فلانه ، يقول: فأنام وتأتيني تلك الشيطانة الخبيثة بصورة من طلبت ، شاب آخر يقول: كانت تشترط علي الشيطانة بأن لا أذهب إلى المسجد مقابل أن تتجسد لي في اليقظة .
فإذا وافق الإنسي عشيقه من الجن بفعل الفاحشة معه أو حتى لو تركه ولم يدفعه بالذكر والدعاء ، فإن الشيطان يتمكن منه ويستحوذ عليه لأنه لم يحفظ حدود الله ، ويخشى عليه أن يتركه الله سبحانه وتعالى ولا يبالي به بأي واد هلك ، فتتفرد به الشياطين وتتلاعب به كيفما شاءت ، يقول الله تعالى في سورة الأنعام:} وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَامَعْشَرَ الْجِنّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مّنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مّنَ الإِنْسِ رَبّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا الّذِيَ أَجّلْتَ لَنَا قَالَ النّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُ إِنّ رَبّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ{ .
يقول شيخ الإسلام ابن تيميه : الاستمتاع بالشيء هو أن يتمتع به . ينال به ما يطلبه ويريده ويهواه ، ويدخل في ذلك استمتاع الرجال بالنساء بعضهم لبعض ... فالجن تأتيه بما يريد من صورة أو مال أو قتل عدوه ، والإنس تطيع الجن ، فتارة يسجد له ، وتارة يسجد لما يأمره بالسجود له وتارة يمكنه من نفسه فيفعل الفاحشة، وكذلك الجنيات منهن من يريد من الإنس الذي يخدمنه ما يريد نساء الإنس من الرجال . وهذا كثير في رجال الجن ونسائهم ، فكثير من رجالهم ينال من نساء الإنس ما يناله الإنس ، وقد يفعل ذلك بالذكران.
فإذا ما تمكن عاشق الجن من الإنسي ، يجعله يحب الوحدة والانطواء والعزلة ، وتجده شارد الذهن ، وإذا كان الرجل خاطبا أو المرأة مخطوبة ترفض الزواج ، وأعرف امرأة كلما تقدم أحد ليخطبها تتعب جسديا ونفسيا وربما تصرفت كالمجانين حتى يتراجع الخاطب عن خطبتها ، ويتحدث الخبيث على لسانها ويقول لن أتركها تتزوج لأنها زوجتي ، وقد يصاب الإنسي ببعض الأمراض مثل الخفقان والآلام في القلب ، لأن الشيطان العاشق في الغالب يسكن قريبا من القلب أو العينين ، وقد يصاب المعشوق بالكسل والخمول وكثرة النوم ، أحيانا إذا كان المصاب رجلا فتجده يكره النساء عموما والعكس إذا كانت المصابة امرأة ، وإذا كان الإنسان متزوجا قد يربطه الشيطان فيجعله يكره معاشرة زوجه وإذا عاشر لا يجد لذة في الجماع ويتسبب في كثير من المشاكل بين الزوجين ، لأن الشيطان يرى أن الإنسان المعشوق ملك له وحده ، وكثيراً ما يُصرع أو يتعب المعشوق في حالة الغضب الشديد ، وفي بعض الحالات يمر الإنسي بمرحلة من العذاب بسبب عشق الجن له ، ولا يعلم مدى هذه المعاناة إلا من جربها ومن لا يزال يعانيها .
علاج وطرد عاشق الجن
إذا تبين أن المريض مصاب بمس من الجن بسبب العشق فعلاجه باتباع نفس طريقة علاج المس الشيطاني ، ولكن قد يكون سبب التلبس الحقيقي السحر أو العين ، لأنه يوجد من الجن من يخدم الساحر مقابل أن ينفذ إلى جسد المسحور ، أو يدخل إلى جسد الإنسي عن طريق العين وبعد فترة من الزمن يتدرج به الحال إلى أن يتعلق قلبه بالإنسي أو الإنسية فيكون عاشقا ، فإذا حضر وقت القراءة يقول أنا أحبها أو تقول أنا أحبه إن كانت جنية فينبغي الانتباه وأخذ المعطيات من المريض مع الملاحظة وقت الرقية.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: فما كان من صرعهم للإنس بسبب الشهوة والهوى والعشق فهو من الفواحش التي حرمها الله تعالى ، كما حرم ذلك على الإنس وإن كان برضى الآخر ، فكيف إذا كان مع كراهته فأنه فاحشة وظلم! فيخاطب الجن بذلك ويعرفون أن هذا فاحشة محرمة ، أو فاحشة وعدوان ، لتقوم الحجة عليهم بذلك ، ويعلمون أنه يحكم بحكم الله ورسوله الذي أرسل إلى جميع الثقلين الإنس والجن.
ومن الآيات التي تؤثر في هذا النوع من المس وتفضحه قراءة الآيات أدناه مع آيات الرقية . وتنفع هذه الآيات مع آيات الحفظ والتحصين في منع الشيطان من التمتع ومعاشرة المعشوق من الإنس.
وَمِنَ النّاسِ مَن يَتّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبّونَهُمْ كَحُبّ اللّهِ وَالّذِينَ آمَنُواْ أَشَدّ حُبّاً للّهِ وَلَوْ يَرَى الّذِينَ ظَلَمُوَاْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنّ الْقُوّةَ للّهِ جَمِيعاً وَأَنّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ [البقرة:165]
} وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الّذِينَ يَتّبِعُونَ الشّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً { [النساء:27-28]
} وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمّ مُوسَىَ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلآ أَن رّبَطْنَا عَلَىَ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ { [القصص:10]
} وَرَاوَدَتْهُ الّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نّفْسِهِ وَغَلّقَتِ الأبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنّهُ رَبّيَ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّالِمُون * وَلَقَدْ هَمّتْ بِهِ وَهَمّ بِهَا لَوْلآ أَن رّأَى بُرْهَانَ رَبّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السّوَءَ وَالْفَحْشَآءَ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِين{[يوسف:23-24]
} قَالَ رَبّ السّجْنُ أَحَبّ إِلَيّ مِمّا يَدْعُونَنِيَ إِلَيْهِ وَإِلاّ تَصْرِفْ عَنّي كَيْدَهُنّ أَصْبُ إِلَيْهِنّ وَأَكُن مّنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنّ إِنّهُ هُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ { [يوسف: 33 – 34]
}وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِين{ [يوسف:30]
} وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ * أَإِنّكُمْ لَتَأْتُونَ الرّجَالَ شَهْوَةً مّن دُونِ النّسَآءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ { [النمل:54-55]
} سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ لّعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ* الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ*الزّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ { [النور:1-3]
} وَالّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إِلَهَا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً { [الفرقان :68]
} إِنّ الّذِينَ يُحِبّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ { [النور:19]
}حُورٌ مّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيّ آلآءِ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنّ { [الرحمن:72-74]
} وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مّن قَبْلُ إِنّهُمْ كَانُواْ فِي شَكّ مّرِيبِ{ [سبأ:54]
الغاية من الاقتران
إن الغاية من اقتران العشق في الغالب هي الجماع ، لذلك ينبغي على المصاب عدم تمكين الجني من الجماع والاستمتاع به وذلك بفعل ما يأتي:
1. يدهن القبل والدبر بالمسك الأسود " الأحمر " أو المسك الأبيض ( أو زيت الزيتون الذي قرئ عليه القران ) يوميا قبل النوم . كما ينبغي عليه أن يطيب ثياب النوم بالمسك أو دهن العود او الريحان .
2. لا ينام وهو عُريانا من الثياب أو بثياب شفافة .
3. ان يقول بسم الله الذي لا اله إلا هو بنية أن يستر الله عورته من أعين الجن عندما يخلع ثيابه .
4. يحافظ على أذكار الصباح والمساء والنوم خاصة .
5. يجتنب المعاصي ويحافظ على الطاعات .
6. لا ينام منفردا ويسأل الله تعالى أن يحفظه وأن يكفيه شر من تسلط عليه من الشياطين .
والذي ينبغي أن يعلمه الإنسان المعشوق أن الشيطان قبيح الصورة بشع الخِلقَة ولا يغتر بالصورة التي يتشكل عليها الشيطان في نظره ، يقول الله تعالى:} أَذَلِكَ خَيْرٌ نّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزّقّومِ * إِنّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لّلظّالِمِينَ * إِنّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيَ أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنّهُ رُءُوسُ الشّيَاطِين{ سورة الصافات ، ويقولe : (الجن ثلاثة أصناف : فصنف يطير في الهواء ، وصنف حيات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون ).
حقيقة التناكح بين الإنس والجن
يقول الله سبحانه وتعالى } وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشّيْطَانُ إِلاّ غُرُوراً{ [الإسراء: 64] . أخرج القرطبي في تفسيره عن مجاهد قال: إذا جامع الرجل ولم يُسَمّ انطوى الجانّ على إحْلِيله فجامع معه ، فذلك قوله تعالى: }لَمْ يَطْمِثْهُنّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنّ{ . وروي من حديث عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن فيكم مُغَرّبين» قلت: يا رسول الله, وما المغرّبون؟ قال: «الذين يشترك فيهم الجن». رواه الحكيم الترمذي في (نوادر الأصول). قال الهَرَوِيّ: سموا مغرّبين لأنه دخل فيهم عرق غريب ، وكانت بِلْقِيس ملكة سَبَأ أحد أبويها من الجن.أ.ه.
يقول الشيخ عبد الخالق العطار: عالم الجن الذي نتكلم عنه هو الموصوف بأنه جسم دقيق رقيق لطيف وهذا النوع هو الذي يدخل بأذن الله جسم الإنسان ويقترن به ، والنكاح بين هذا النوع من الجن وبين الإنس يتم بطريق الإثارة والتهيج من الجن إلى الإنس في موضع الإثارة العظمى بفرج الإنسي ذكرا أو أنثى، وأطمئن بناتي من بني الإنس أن هذا التنكاح لا يترتب عليه هتك غشاء البكارة ولا ينجم عنه حمل لأنه لا يعدو إثارة وتهيج في موضع العفة للفتاة الإنسية حتى تفرز وتقذف ماءها هي لا ماء الجني الذي أثارها وهيجها حتى أمنت أي من الأمناء ، وهذا العمل شبيه بالاستمناء والسحاق وهو المشهور بالعادة السرية ، وكذلك إذا اقترنت الجنية الأنثى برجل من الإنس فإن النكاح بينهما في صورة إثارة واحتكاك في موضع الإثارة مناما ، فيستيقظ الرجل بعد أن يكون قد أمنى ، وهو مثل الاحتلام بالضبط ، لكن إذا تجسم وتجسد الجني أي تحول إلى جسم مادي فأنه يصير مثل الإنسان تماما لأنه تحكمه الصورة ، وفي هذه الحالة يصير الجني ذكرا كان أو أنثى مثل الإنسي تماما ويحدث بينه وبين الإنسان التناكح والتلاقح والتناسل والذرية ، وفي هذه الحالة تأخذ شكل وصفات وخصائص الإنسان الكامل أ.ه.
تنبيه : قد يثير الشيطان الشهوة عند المرأة حتى أنها تهتك بكراتها بإصبعها أو أي آلة أخرى .
مناكحة الجن للإنس على أربعة أشكال :
1. الاحتلام : وهذا لا يكون إلا في المنام ، وهو معلوم يوجب الغسل بسبب الإنزال.
2. الاستمتاع المنامي : يستمتع الجان بالإنسان في المنام بغير شعور الإنسان ولا يكون معه إنزال ، بكيفية يعلمها الله.
3. المعاشرة الخفية : وهي أن يشعر الإنسان بمن يجامعه وهو في كامل وعيه ولا يستطيع رده.
4. التشكل : يتشكل الجان على صورة إنسان وتكون المعاشرة طبيعية كما هو حاصل بين الإنس .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى :
وصرعهم للإنس قد يكون عن شهوة وعشق ، كما يتفق للإنس مع الإنس ، وقد يتناكح الإنس والجن ويولد بينهما ولد ! وهذا كثير معروف ، وقد ذكر العلماء ذلك وتكلموا عليه وقد كره أكثر العلماء مناكحة الجن أ.ه.
وقد يزعم الشيطان أنه يريد الزواج من الإنسية أو العكس ، تبين له أن طلب الزواج مرفوض لأن الإنسية أو الإنسي لا يريده ولن يكون زواجا شرعيا ولو وافق الآخر لأن الراجح من أقوال العلماء أن زواج الجن من الإنس حرام لقوله تعالى: } وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لّتَسْكُنُوَاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مّوَدّةً وَرَحْمَةً إِنّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكّرُون{ [سورة الروم:21]. ويُرغب بما أعده الله للمؤمنين يوم القيامة من الحور العين في الجنة ،
وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه .