الحج متخفياً ..

  محيط البوك سؤال الفتوى

  طباعة  
الحج متخفياً ..

 الكاتب : الشيخ محمود أحمد سمهون

 

 الزوار : 10629|  الإضافة : 2009-06-11

 

 السلام عليكم ورحمة الله

 
هل يجوز لي أن أحصل على تأشيرة لأداء العمرة في رمضان ثم أبقى مختبئا بعد انتهاء المدة المسموح لي بالبقاء خلالها في المملكة ...

السؤال:

هل يجوز لي أن أحصل على تأشيرة لأداء العمرة في رمضان ثم أبقى مختبئا بعد انتهاء المدة المسموح لي بالبقاء خلالها في المملكة وفي يوم التروية أخرج من المخبئ لأداء مناسك الحج وبعدها أعود إلى بلدي علما وأن هناك من يضمن لي المخبأ مقابل مبلغ من المال أفتونا في الأمر فإنه محل خلاف عندنا وأفيدونا بأدلة المنع أو أدلة الجواز و لكم الأجر؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعـد:

فالظاهر من السؤال أن هؤلاء المعتمرين قد دخلوا البلاد بتأشيرة للعمرة وأن قوانين تلك البلاد تُحتِّم عليهم المغادرة بعد الانتهاء من أعمال العمرة ولا تسمح لهم بالبقاء حتى الحج، وأنّ إقامتهم في هذه الحال مخالفة لقوانين تلك البلاد. وإذا كان ذلك كذلك، فالذي نفيده في هذا الشأن هو عدم الجواز؛ لما يلي:


أولاً: ما في ذلك من مخالفة أمر الحاكم، ومخالفة أمر الحاكم -طالما لم يكن بمحرَّم- لا تجوز ؛ لأن الله تعالى قد أوجب طاعة أولي الأمر قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ [النساء: 59]، والأدلة على هذا كثيرة، وطاعة أولي الأمر سبب لاجتماع الكلمة وانتظام المعاش؛ فلابد للناس من مَرجِع يأتمرون بأمره رفعًا للنزاع والشقاق، وإلا لَعَمَّت الفوضى ودخل على الناس فساد عظيم في دينهم ودنياهم، وعلى هذا فللحاكم أن يسن من التشريعات ما يراه محققًا لمصالح العباد؛ في إطار شرع الله، والحكم بما أنزل الله، فإنَّ تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، والواجب له على الرعية الطاعة والنصرة. ومن دخل إلى البلاد فعليه الالتزام بقوانينها، وتحرم عليه المخالفة، وهنا الحاكم قد أمر بمغادرة البلاد بعد العمرة فتجب طاعته على الفور، ولا يجوز التخلُّف للحج، ويتأكد ذلك أيضًا إن قلنا الحج واجب على التراخي.


ثانيًا: ما يترتب على ذلك من الضرر الذي يلحق بالآخرين، والمقرر في قواعد الشرع أن الضرر يزال؛ وقد روى أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار". وليس الهدف من التشريعات المتعلقة بضبط أعداد الحجيج سواء أكان من داخل المملكة أم من خارجها إلا مصلحة المسلمين وتيسير أدائهم لتلك الفريضة الجليلة ودفع ما يترتب على زيادة أعدادهم عن الحد الذي قررته السلطات من مضار قد تصل أحيانًا إلى حد الوفاة. ثم ها هنا قد تعارضت مصلحتان إحداهما قاصرة وهي حج من تخلف بعد العمرة، والأخرى مصلحة لعموم المسلمين لا تحصل إلا بضبط أعدادهم، وقد تعارضتا، فتقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، والمصالح التي تفوت بمثل تلك الممارسات عظيمة؛ فتقدَّم على أداء الحج للمتخلف بعد العمرة، بل لقد راعى الفقهاء من المصالح ما هو أقل من ذلك؛ فقد نصوا على تقديم صون الأموال على الحج إذا أفرطت الغرامات في الطرقات، كما ذكره القرافي في الفروق.


ثالثاً: الواجب لا يُترَك إلا لواجب كما تقرر في قواعد الفقه، وهنا الحاكم قد أمر بمغادرة البلاد عقب أداء العمرة، وطاعته واجبة، والحج الذي تخلف لأجله ليس بواجب في هذه الحال؛ لعدم استطاعته فعله إلا بمخالفات جسيمة.


فإن قيل: إن بعض الناس يفتي بجواز التخلف بعد العمرة لأداء الحج.

فالجواب: إن هؤلاء المفتين إما أن يكونوا ممن يجوز لهم إفتاء الناس أو لا، فإن لم يكونوا ممن يجوز لهم الإفتاء فالأمر ظاهر؛ إذ هم ساقطون عن درجة الاعتبار، وإن كانوا ممن تعتبر أقوالهم فلا يسوغ متابعتهم في فتاويهم؛ لأنا إذا قدرنا هذه المسألة على سبيل التنزل من مسائل الخلاف، فحكم الحاكم في مسائل الخلاف يرفع الخلاف، والحاكم قد منع هذه الأعمال.


فهذا ملخص ما أفتى به بعض العلماء المعاصرين منهم الدكتور علي جمعة مفتي مصر.. والله تعالى أعلم.

الشيخ محمود أحمد سمهون

إمام مسجد الحاج بهاء الدين الحريري - لبنان


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


6 + 8 =

/300
القرآن كاملاً بالزعفران لعلاج السحر والمس والعين

بمناسبة شهر رمضان المبارك 

مع كل نسختين من القرآن بالزعفران

نسخة مجاناً  >>>  أطلبه الآن

  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع