إن ظاهرة الموت المفاجئ هي ظاهرة حديثة الظهور نسبياً، وتعتبر أول دراسة للموت المفاجئ هي دراسة فرامنغهام Framingham Heart Study والتي بدأت عام 1948 ، إن نصف الذين شاركوا في هذه الدراسة قد ماتوا الآن، وقد تم دراسة حالات موتهم بدقة كبيرة، ويعرف فرامنغهام الموت المفاجئ أنه الموت الذي يتم في مدة أقصاها ساعة بعد بدء الأعراض. وقد تبين بأن معظم حالات الموت المفاجئ هي نتيجة أمراض الشريان التاجي للقلب، ويسمى هذا النوع من أنواع الموت Sudden Cardiac Death واختصاراً SCD . وبينت دراسته أن الرجال في عمر 45-75 عاماً والذين ماتوا بسبب أمراض القلب قد مات 60 بالمئة منهم موتاً مفاجئاً دون سابق إنذار!! [2].
كما بينت الدراسة أن سبب الموت القلبي المفاجئ هو الاضطراب المفاجئ والذي قد يتولد بنتيجة عدم الاستقرار النفسي. وأنه مهما كانت العناية مشددة ولو تم إسعاف المريض بكل الوسائل، إلا أن هذا النوع من الموت يتمكن من النجاح في مهمته! [2].
ما هو الموت المفاجئ؟
لقد قال القدماء: تعددت الأسباب والموت واحد، ونستطيع أن نفهم من هذه المقولة الاعتقاد السائد في الماضي حول الموت، وهو أن الموت له سبب، مثل المرض أو الحادث أو الانتحار وغير ذلك. ولكن أن نتحدث عن موت بلا سبب فهذا هو الموت المفاجئ والذي لم يكن معروفاً من قبل.
ومع تطور وسائل الطب الحديث وأجهزته استطاع الإنسان اكتشاف أسباب الموت، ومنها السرطان مثلاً أو الأمراض الوبائية أو المعدية وهذه الأمراض تحدث وتكون مؤشراً لاقتراب الموت، ولكن السبب الأهم للموت في هذا العصر هو الجلطة القلبية المفاجئة والتي تأتي من دون إنذار.
يعرّف العلماء الموت المفاجئ على أنه موت غير متوقع يحدث خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الساعة من الزمن، وقد تبين أن نصف المصابين بأمراض في القلب سوف يموتون موتاً مفاجئاً! إن معظم حالات الموت المفاجئ تكون بسبب اضطرابات في الشريان التاجي للقلب.
إن الموت المفاجئ يهاجم الإنسان المريض حتى وهو في المشفى، فقد دلت الدراسات أن 10 بالمئة يموتون بشكل مفاجئ داخل المشفى، و90 بالمئة خارج المشفى [7].
إحصائيات
إن السبب الأول للوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية هو أمراض القلب أي الجلطة القلبية، وتبلغ النسبة 28 بالمئة من حالات الوفاة. وتؤكد التقارير الإحصائية الدقيقة أنه قد مات في عام 2001 بحدود 700 ألف إنسان بسبب أمراض القلب وذلك في أمريكا فقط! [6].
ولكن ما هي أعداد الذين يموتون كل عام بسبب هذا النوع من أنواع الموت المفاجئ؟ في الولايات المتحدة يموت كل عام أكثر من 300 ألف إنسان موتاً مفاجئاً بسبب أمراض في القلب. وتؤكد الإحصائيات أن نسبة الموت القلبي المفاجئ تزداد بشكل عام على مستوى العالم. وأن الرجال من الممكن أن يتعرضوا للموت المفاجئ أكثر من النساء بثلاثة أضعاف.
يحدث الموت المفاجئ دون سابق إنذار وحتى أحياناً دون أية علامات عن مرض في القلب. وعلى الرغم من ملايين الدولارات التي تُصرف على أبحاث أمراض القلب في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من أنهم استطاعوا تخفيض الوفيات الناتجة عن أمراض القلب التي تسبب الموت غير المفاجئ، إلا أن نسبة الموت المفاجئ بقيت ثابتة! [2].
التدخين والضغوط النفسية
إن التدخين يرفع احتمال الموت المفاجئ ثلاثة أضعاف! حيث إن التدخين هو المسؤول عن ربع أمراض القلب التاجية CAD في العالم، وهذه الأمراض معظمها ينتهي بالموت المفاجئ.
الضغوط النفسية تؤثر في زيادة احتمال الموت القلبي المفاجئ، وكذلك المرحلة العمرية، فقد بينت الدراسات أن المرحلة الأكثر تعرضاً للموت المفاجئ هي الأربعينات والخمسينات من عمر الإنسان. وهذه الفترة هي التي يكون الإنسان فيها في أشده أي يكتمل عقله. كما أن المصابين بمرض السكر لديهم احتمال كبير للموت القلبي المفاجئ [1].
هل يوجد علاج طبي لهذه الظاهرة؟
إن معظم الأطباء يتحدثون عن العلاج بعد وقوع السكتة، لأنه ليس لديهم علاج حتى الآن لمثل هذه السكتات الخطيرة، وعلى الرغم من ذلك فإن احتمالات النجاة من هذا الموت هي ضئيلة جداً. ويؤكد الأطباء بأن الطريقة المثالية لاتقاء هذا النوع من الموت المفاجئ هو ضمان أكبر درجة من الاستقرار لعمل القلب [5].
إن العلاج المتوفر حالياً هو أن يكون المريض تحت العناية التامة ومن ثم إجراء جراحة سريعة له، وحتى هذه الطرق لا تعطي نتائج إلا في حالات قليلة. وينصح الأطباء بتقليل كمية السكر والكولسترول في طعام هؤلاء المرضى، وحتى هذه لا تفيد في مثل هذه الحالة.
ولكن ما هو العلاج بالنسبة لأولئك الذين لا يعلمون بحالتهم ولا يتوقع أحد أن الموت المفاجئ سيأتيهم في أي وقت دون سابق إنذار؟ إن هؤلاء قد فشل الطب حتى الآن في التنبؤ بحالتهم، ولكن هل تركهم النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم أم وصف لهم العلاج؟؟
ما هو العلاج النبوي والقرآني
لقد ذكر الله القلب في الكثير من آيات القرآن الكريم. فالقلوب تمرض وتقسو، والقلوب تعمى وتخاف وتطمئن، والقلوب تزيغ وتتنجس، والقلوب تفقه وتعقل. إذن القلب ليس مجرد مضخة بل هو جهاز متكامل يتحكم في الاستقرار النفسي عند الإنسان.
إن ذكر الله تعالى هو أفضل وسيلة لاطمئنان القلوب، لأن الله تعالى يقول: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]. فعندما يذكر المؤمن ربه فإن قلبه يستقر ولا يعاني من أي اضطراب، ويمكنك عزيزي القارئ أن تغمض عينيك وتجعل قلبك يخشع ويستحضر عظمة الله تعالى وتقول مثلاً (لا إله إلا الله) وانظر ما هو الإحساس الذي تحس به، ألا تشعر بأنك من أكثر الناس استقراراً وأمناً وطمأنينة!
لقد رأينا بأن سبب الموت المفاجئ هو اضطراب مفاجئ في نظام عمل القلب، ولذلك فقد فشل الأطباء حتى الآن بإيجاد علاج لهذه الظاهرة، ولكن القرآن عالجها بهذه الآية الكريمة، فتخيل نفسك عزيزي القارئ وأنت قد حفظت كتاب الله في قلبك، ألا تتوقع أنك ستكون من أكثر الناس استقراراً!
لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاءً عظيماً كان يدعو به كل يوم، ونحن نتأسى بهذا النبي الرحيم ونتعلم هذا الدعاء لندعو به أيضاً. يقول عليه الصلاة والسلام: (ما من عبد يقول صبح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، لم يصبه فجأة بلاء) [رواه أبو داوود].
وقد كان النبي الكريم يدعو بهذا الدعاء أيضاً: (اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بك أن أُغتال من تحتي) [رواه الترمذي].
الإعجاز النبوي الشريف
يمكن أن نلخص وجه الإعجاز في هذا الحديث الشريف بالنقاط الآتية:
1- لا يمكن لأحد أن يتنبأ بأن الموت المفاجئ سيكثر لأنه لم يتمكن أحد من معرفة هذا الأمر إلا منذ سنوات قليلة عندما تمكن العلماء من إجراء إحصائيات دقيقة وكانت المفاجأة أن الأرقام التي حصلوا عليها لم تكن متوقعة، فقد كانت نسبة الذين يموتون موتاً مفاجئاً مرتفعة جداً.