بسم الله الرحمن الرحيم
أختى الكريمة /Dr-pop
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعـــــــــــــد
اعلمى رحمنى الله وإياك أن
الحلف بغير الله شرك
لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر المتفق عليه : ( من كان حالفاً فليحف بالله أو ليصمت ) .
وعند أبى داود بسند صحيح من حديث سعد بن عبيدة قال سمع بن عمر رجلا يحلف لا والكعبة فقال له بن عمر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من حلف بغير الله فقد أشرك " .
وتنقسم الأيمان إلى عدة أقسام :
ومن هذه الأيمان اليمين الغموس : وهي اليمين التي يحلفها المرء متعمدا كاذبا يستحل بها حق أخيه المسلم . وسماها الرسول صلى الله عليه وسلم غموسا ؛ لانها تغمس صاحبها في النار ، وهي احدى الكبائر الثلاث التى أخبر بها المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( الإشراك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس ) .
وسبب كونها من الكبائر أن الحالف جمع بين الكذب واستحلال خاصة الغير والاستخفاف باليمين بالله تعالى وتهاونه بها . فأهان ما عظّمه الله تعالى وعظّم ما حقره الله تعالى فاستحق أن يغمس في النار .
ونظرا للإثم العظيم الناتج عن ذلك ذهب كثير من علماء الأمة كمالك وأحمد وإسحق بن راهويه والأوزاعي وأهل الحديث وغيرهم إلى إنها يمين مكر وخداع وكذب لا تنعقد ولا كفارة فيها ويجب على صاحبها التوبة والاستغفار وإرجاع الحقوق إلى أصحابها .
والحلف بغير الله تعالى : كأن يحلف بالأنبياء أو الملائكة أو الكعبة أو الأموات ... فقد اعتبر الإسلام الحلف بغير الله تعالى شركا به سبحانه ، لما فيه من قدح لشهادة العبد بوحدانية الله تعالى فكيف يشهد العبد أن لا إله الا الله ويحلف بغير الله ، لأنه من شروط شهادة التوحيد أن لا يعظم العبد غيرالله عز وجل .
وجاء فى القرآن أن الحالف بغير الله تعالى جعل المحلوف به ندا يتخذه لله تعالى وهذا الذى حلف بغير الله يجب أن يعلم حرمة ذلك . قال الله تعالى ( فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون ) .
روى البخارى فى الأدب المفرد بسند صحيح من حديث معقل بن يسار رضى الله عنه قال : " انطلقت مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا بكر للشرك فيكم أخفى من دبيب النمل . فقال أبو بكر : وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلها آخر قال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده للشرك أخفى من دبيب النمل ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره قال قل اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم .
وعند أبى داود بسند صحيح من حديث عبد الله بن مسعود قال : قلت يا رسول الله : " أي الذنب أعظم قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قال فقلت ثم أي قال أن تقتل ولدك مخافة أن يأكل معك قال قلت ثم أي قال أن تزاني حليلة جارك قال وأنزل الله تعالى تصديق قول النبي صلى الله عليه وسلم والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون الآية " .
وقد يقول البعض إن النهي عن الحلف بغير الله تعالى يحمل على الكراهية . وهذا لا يصح كيف يحمل على الكراهية والرسول صلى الله عليه وسلم أطلق عليه أنه كفر وشرك ، ولهذا كان ابن مسعود رضي الله عنه يختار أن يحلف بالله كاذبا ولا يحلف بغيره صادقا .
فهذا يدل على أن الحلف بغير الله تعالى أكبر من الكذب مع أن الكذب من المحرمات .
وقال جمهور العلماء أن الحلف بغير الله من الشرك الخفي كما نص على ذلك ابن عباس رضي الله عنه .
ولشديد الأسف والأسى والحسرة فإن الحلف بغير الله تعالى جرى على ألسنة الكثير من الناس جريان الماء فى السيل ، حتى أصبح البعض منهم لا يصدق من حلف بالله عز وجل ، فإذا حلف الحالف بحياة والديه أحدهما أو كلاهما أو بأولاده أو بشرفه أو بالطلاق أو أمثال ذلك صدق واستعظم ، ومن الناس من يستحل الحلف بالله عز وجل كاذبا ولا يستطيع أن يحلف بغير الله إلا صادقا فيا سبحان ربنا وتعالى عما يشرك المبطلون .
فإذا استهان المرء بالله استهان بدينه
ولا شك أن من حلف أن يكون بريئا من الإسلام وهو لا يعلم عقوبتها فهو سوء أدب مع ربه عز وجل ، فربه تعالى الذي خلقه في أحسن صورة ، وهداه للدين الصحيح ، وأكرمه بالعقل والسمع والبصر ، ثم يبرأ من دينه الذى ارتضاه له ؟! إن هذا الأمر لو فُعل مع أحد من الخلق ممن أكرمه بشئ من أمور الدنيا لعُـدًّ فعله هذا منقصة ، وسوء أدب ، فكيف والأمر مع دين الله تعالى ، رغم أنه لا مقارنة البتة ؟! .
والحلف بالخروج عن الدين يخرج صاحبه من الإسلام ، ويجعله مرتدّاً ، وليس بين العلماء خلاف في هذا الحكم .
قال ابن قدامة فى المغنى : ومَن سب الله تعالى : كفر، سواءَ كان مازحاً أو جادّاً ، وكذلك من استهزأ بالله تعالى أو بآياته أو برسله أو كتبه ، قال تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ "65") سورة التوبة.
اتّفق الفقهاء على أنّ من برأ من دين الإسلام أو سبّ ملّة الإسلام أو دين المسلمين يكون كافراً .
فالبراءة من الإسلام أعظم الكبائر ، وأعظم المنكرات ، وهكذا سبُّ الربِّ عز وجل ، وهذان الأمران من أعظم نواقض الإسلام ، وأول أسباب الردة عن الإسلام ، فإذا كان مَن برأ من دين الإسلام أو سبَّ الرب سبحانه وتعالى أو سب الدين ينتسب إلى الإسلام : فإنه يكون بذلك مرتدّاً عن الإسلام ، ويكون كافراً ، يستتاب ، فإن تاب وإلا قـُتل قـَتل ردَّة .
وإن قال بعض أهل العلم : إنه لا يستتاب ، بل يُقتل ؛ لأن جريمته عظيمة ، لكن الأرجح عند أهل العلم أنه يستتاب لعل الله يمنُّ عليه بالهداية فيلزم الحق ، ولكن ينبغي أن يعزر بالجلد والسجن حتى لا يعود لمثل هذه الجريمة العظيمة ، وهكذا لو سب القرآن أو سب الرسول أو غيره من الأنبياء فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل قتل ردة ؛ ، وهكذا الاستهزاء بالله أو برسوله أو بالجنة أو بالنار أو بالصلاة والزكاة من نواقض الإسلام ، قال الله سبحانه وتعالى : ( قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ "66") سورة التوبة ، نسأل الله العافية .
ومع عِظم الذنب الذي فعله هذا الذى برأ من الإسلام ، ومع شدة ما يترتب عليه من أحكام إلا أن الله سبحانه وبحمده قد فتح باب التوبة لمن رغب بالرجوع عن ذنبه ، وأراد أن يتوب ويستغفر ، ولا ينبغي لأحد أن يستبعد عفو الله تعالى ومغفرته ورحمته .
قال سبحانه وبحمده : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " 53") سورة الزمر .
وعند مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه : " إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ".
قيل للحسن البصرى: ألا يستحيى أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ، ثم يستغفر ثم يعود ؟ فقال : ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا ، فلا تملوا من الاستغفار ، وقال : ما أرى هذا إلا من أخلاق المؤمنين ــ يعني أن المؤمن كلما أذنب تاب ــ .
الخلاصــــــــــة
ننصح لمن فعل هذا الجرم العظيم والذنب الكبير بالتوبة والندم الشديدعلى ما فعل ، وأن يكثر من الأعمال الصالحة ، وأن يكون حال المذنب التائب بعد التوبة خيرا من حاله قبل ارتكاب هذه المعصية الكبيرة ،
فالله سبحانه وتعالى يتوب على من تاب .
والله عز وجل أعلى وأعلم .