السيرة النبوية الكاملة >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  في ظلال السيرة النبوية >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  صحيح السيرة النبوية >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  السيرة النبوية المستوى الأول >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  السيرة النبوية للأطفال والناشئة >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  تحميل كتاب تربية الاولاد في الاسلام >> كتب الأسرة والمرأة المسلمة  🌾  انشودة عشاق الشهادة >> اناشيد ابراهيم الاحمد  🌾  اقوى آيه مجربة لفك عقد السحر والحسد >> الرقية الشرعية والأذكار  🌾  انشودة قائد الأمة >> الاناشيد الاسلامية  🌾  انشودة جبل بلادي >> أناشيد فرقة الوعد اللبنانية  🌾 

صفة إبراهيم عليه السلام وما قيل في عمره

  محيط البوك المادة

القسم الاسلامي علوم القرآن والحديث والفقه
  صفة إبراهيم عليه السلام وما قيل في عمره     
 

الكاتب : البداية والنهاية لابن كثير    

 
 

 الزوار : 247 |  الإضافة : 2024-05-30

 

علوم القرآن والحديث والفقه


 

صفة إبراهيم عليه السلام وعمره ووفاته

 

قال الإمام أحمد حدثنا يونس وحجين قالا حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عرض علي الأنبياء فإذا موسى ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى بن مريم فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود ورأيت إبراهيم فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه وبهذا اللفظ وقال أحمد حدثنا أسود بن عمر حدثنا إسرائيل عن عثمان يعني ابن المغيرة عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عيسى بن مريم وموسى وإبراهيم فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر وأما موسى فآدم جسيم قالوا له فإبراهيم قال انظروا إلى صاحبكم يعني نفسه وقال البخاري حدثنا بنان بن عمرو حدثنا النضر أنبأنا ابن عون عن مجاهد أنه سمع ابن عباس وذكروا له الدجال بين عينيه كافرا و ك ف ر فقال لم أسمعه ولكنه قال صلى الله عليه وسلم أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم وأما موسى فجعد آدم على جمل أحمر مخطوم بخلبه كأني أنظر إليه أنحدر في الوادي ورواه البخاري أيضا ومسلم عن محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي عن عبدالله بن عون به وهكذا رواه البخاري أيضا في كتاب الحج وفي اللباس ومسلم جميعا عن محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي عن عبدالله بن عون به

وفاة إبراهيم وما قيل في عمره
ذكر ابن جرير في تاريخه أن مولده كان في زمن النمرود بن كنعان وهو فيما قيل الضحاك الملك المشهور الذي يقال إنه ملك ألف سنة وكان في غاية الغشم والظلم وذكر بعضهم أنه من بني راسب الذين بعث إليهم نوح عليه السلام وأنه كان إذ ذاك ملك الدنيا وذكروا أنه طلع نجم أخفى ضوء الشمس والقمر فهال ذلك أهل ذلك الزمان وفزغ النمرود فجمع الكهنة والمنجمين وسألهم عن ذلك فقالوا يولد مولود في رعيتك يكون زوال ملكك على يديه فأمر عند ذلك بمنع الرجال عن النساء وأن يقتل المولودون من ذلك الحين فكان مولد إبراهيم الخليل في ذلك الحين فحماه الله عز وجل وصانه من كيد الفجار وشب شبابا باهرا وأنبته الله نباتا حسنا حتى كان من أمره ما تقدم وكان مولده بالسوس وقيل ببابل وقيل بالسواد من ناحية كوثى ( 1 ) وتقدم عن ابن عباس أنه ولد ببرزة شرقي دمشق فلما


أهلك الله نمرود على يديه وهاجر إلى حران ثم إلى أرض الشام وأقام ببلاد ايليا كما ذكرنا وولد له اسماعيل واسحق وماتت سارة قبله بقرية حبرون التي في أرض كنعان ولها من العمر مائة وسبع وعشرون سنة فيما ذكر أهل الكتاب فحزن عليها إبراهيم عليه السلام ورثاها رحمها الله واشترى من رجل من بني حيث يقال له عفرون بن صخر مغارة بأربع مائة مثقال ودفن فيها سارة هنالك قالوا ثم خطب إبراهيم على ابنه اسحق فزوجه رفقا بنت بتوئيل بن ناحور بن تارح وبعث مولاه فحملها من بلادها ومعها مرضعتها وجوارها على الإبل قالوا ثم تزوج إبراهيم عليه السلام قنطورا فولدت له زمران ويقشان ومادان ومدين وشياق وشوح وذكروا ما ولد كل واحد من هؤلاء أولاد قنطورا وقد روى ابن عساكر عن غير واحد من السلف عن أخبار أهل الكتاب في صفة مجيء ملك الموت إلى إبراهيم عليه السلام أخبارا كثيرة الله أعلم بصحتها وقد قيل إنه مات فجأة وكذا داود وسليمان والذي ذكره أهل الكتاب وغيرهم خلاف ذلك قالوا ثم مرض إبراهيم عليه السلام ومات عن مائة وخمس وسبعين وقيل وتسعين سنة ودفن في المغارة المذكورة التي كانت بحبرون الحيثي عند امرأته سارة التي في مزرعة عفرون الحيثي وتولى دفنه اسمعيل واسحاق صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وقد ورد ما يدل أنه عاش مائتي سنة كما قاله ابن الكلبي وقال أبو حاتم بن حبان في صحيحه أنبأنا المفضل بن محمد الجندي بمكة حدثنا علي بن زياد اللخمي حدثنا أبو قرة عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اختتن إبراهيم بالقدوم وهو ابن عشرين ومائة سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة وقد رواه الحافظ بن عساكر من طريق عكرمة بن إبراهيم وجعفر بن عون العمري عن يحيى بن سعيد عن سعيد عن أبي هريرة موقوفا

ثم قال ابن حبان ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن رفع هذا الخبر وهم أخبرنا محمد بن عبدالله بن الجنيد نيست ( 1 ) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اختتن ابراهيم حين بلغ مائة وعشرين سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة واختتن بقدوم وقد رواه الحافظ ابن عساكر من طريق يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد أتت


عليه ثمانون سنة ثم روى ابن حبان عن عبدالرزاق أنه قال القدوم اسم القرية قلت الذي في الصحيح أنه اختتن وقد أتت عليه ثمانون سنة وفي رواية وهو ابن ثمانين سنة وليس فيهما تعرض لما عاش بعد ذلك والله أعلم وقال محمد بن اسماعيل الحساني الواسطي زاد في تفسير وكيع عنه فيما ذكره من الزيادات حدثنا أبو معاوية عن يحبى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال كان إبراهيم أول من تسرول وأول من فرق وأول من استحد وأول من اختتن بالقدوم وهو ابن عشرين ومائة سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة وأول من فرق وأول من استحد وأول من اختتن بالقدوم وهوابن عشرين ومائة سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة وأول من قرى الضيف أول من شاب هكذا رواه موقوفا وهو أشبه بالمرفوع خلافا لابن حبان والله أعلم

وقال مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال كان إبراهيم أو من أضاف الضيف وأول الناس اختتن وأول الناس قص شاربه وأول الناس رأى الشيب فقال يا رب ما هذا فقال الله وقار فقال يا رب زدني وقارا وزاد غيرهما وأول من قص شاربه وأول من استحد وأول من لبس السراويل فقبره وقبر ولده اسحق وقبر ولد ولده يعقوب في المربعة التي بناها سليمان بن داود عليه السلام ببلد حبرون وهو البلد المعروف بالخليل اليوم وهذا تلقى بالتواتر أمة بعد أمة وجيل بعد جيل من زمن بني إسرائيل وإلى زماننا هذا أن قبره بالمربعة تحقيقا فأما تعيينه منها فليس فيه خبر صحيح عن معصوم فينبغي أن تراعي تلك المحلة وأن تحترم احترام مثلها وأن تبجل وأن تجل أن يداس في أرجائها خشية أن يكون قبر الخليل أو أحد من أولاده الأنبياء عليهم السلام تحتها وروى ابن عساكر بسنده إلى وهب بن منبه قال وجد عند قبر إبراهيم الخليل على حجر كتابة خلقة ... ألهى جهولا أمله ... يموت من جا أجله ... ومن دنا من حتفه ... لم تغن عنه حيله ... وكيف يبقى آخر ... من مات عنه أوله ... والمرء لا يصحبه ... في القبر إلا عمله ...

ذكر أولاد إبراهيم الخليل
أول من ولد له إسماعيل من هاجر القبطية المصرية ثم ولد له اسحق من سارة بنت عم الخليل ثم تزوج بعدها قنطورا بنت يقطن الكنعانية فولدت له ستة مدين وزمران وسرج ويقشان ونشق ولم يسم السادس ثم تزوج بعدها حجون بنت أمين فولدت له خمسة كيسان وسورج وأميم ولوطان ونافس هكذا ذكره أبو القاسم السهيلي في كتابه التعريف والاعلام

ومما وقع في حياة إبراهيم الخليل من الأمور العظيمة قصة قوم لوط عليه السلام وما حل بهم من النقمة


الغميمة وذلك أن لوطا بن هاران بن تارح وهو آزر كما تقدم ولوط ابن أخي إبراهيم الخليل فإبراهيم وهاران وناحور اخوة كما قدمنا ويقال إن هاران هذا هو الذي بنى حران وهذا ضعيف لمخالفته ما بأيدي أهل الكتاب والله أعلم وكان لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له وأذنه فنزل بمدينة سدوم من أرض غور زغر وكان أم تلك المحله ولها أرض ومعتملات وقرى مضافة إليها ولها أهل من أفجر الناس وأكفرهم وأسوأهم طوية وأرداهم سريرة وسيرة يقطعون السبيل ويأتون في ناديهم المنكر ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بني آدم وهي إتيان الذكران من العالمين وترك ما خلق الله من النسوان لعباده الصالحين فدعاهم لوط إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات والفواحش المنكرات والأفاعيل المستقبحات فتمادوا على ضلالهم وطغيانهم واستمروا على فجورهم وكفرانهم فأحل الله بهم من البأس الذي لا يرد ما لم يكن في خلدهم وحسبانهم وجعلهم مثلة في العالمين وعبرة يتعظ بها الألباء من العالمين ولهذا ذكر الله تعالى قصتهم في غير ما موضع من كتابه المبين فقال تعالى في سورة الأعراف ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين وقال تعالى في سورة هود ولقد جعلنا رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم لا تصل إليهم نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن رواء اسحاق يعقوب قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى تجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتاهم عذاب غير مردود ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزوني في ضيفي أليس منكم رجل رشيد قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فاسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد وقال تعالى في سورة الحجر ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون قال لا توجل إنا نبشرك


بغلام عليم قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين الا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا أنها لمن الغابرين فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون وآتيناك بالحق وإنا لصادقون فاسر بأهلك بقطع من الليل وابتع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين وجاء أهل المدينة يستبشرون قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزنون قالوا أولم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم إن في ذلك لآية للمؤمنين وقال تعالى في سورة الشعراء كذبت قوط لوط المرسلين إذ لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجم بل أنتم قوم عادون قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين قال إني لعملكم من القالين رب نجني وأهلي مما يعملون فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الآخرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين إن في ذلك لآية وما أكن أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم وقال تعالى في سورة النمل ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين وقال تعالى في سورة العنكبوت ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين قال رب انصرني على القوم المفسدين ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله الا امرأته كانت من الغابرين ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن أنا منجوك وأهلك إلاامرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون وقال تعالى في سورة الصافات وإن لوطا لمن المرسلين إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الأخرين وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون وقال تعالى في الذاريات بعد قصة


ضيف إبراهيم وبشارتهم إياه بغلام عليم قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين فاخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم وقال في سورة الانشقاق كذبت قوم لوط بالنذر إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر

وقد تكلمنا على هذه القصص في أماكنها من هذه السورة في التفسير وقد ذكر الله لوطا وقومه في مواضع أخر من القرآن تقدم ذكرها مع قوم نوح وعاد وثمود والمقصود الآن إيراد ما كان من أمرهم وما أحل الله بهم مجموعا من الآيات والآثار وبالله المستعان وذلك أن لوطا عليه السلام لما دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونهاهم عن تعاطي ما ذكر الله عنهم من الفواحش فلم يستجيبوا له ولم يؤمنوا به حتى ولا رجل واحد منهم ولم يتركوا ما عنه نهوا بل استمروا على حالهم ولم يرتدعوا عن غيهم وضلالهم وهموا بإخراج رسولهم من بين ظهرانيهم وما كان حاصل جوابهم عن خطابهم إذ كانوا لا يعقلون إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فجعلوا غابة المدح ذما يقتضي الإخراج وما حملهم على مقالتهم هذه الا العناد واللجاج فطهره الله وأهله الا امرأته وأخرجهم منها أحسن إخراج وتركهم في محلتهم خالدين لكن بعد ما صيرها عليهم بحرة منتنة ذات أمواج لكنها عليهم في الحقيقة نار تأجج وحر يتوهج وماؤها ملح أجاج وما كان هذا جوابهم الا لما نهاهم عن الطامة العظمى والفاحشة الكبرى التي لم يسبقهم إليها أحد من أهل الدنيا ولهذا صاروا مثلة فيها وعبرة لمن عليها وكانوا مع ذلك يقطعون الطريق ويخونون الرفيق ويأتون في ناديهم وهو مجتمعهم ومحل حديثهم وسمرهم المنكر من الأقوال والأفعال على اختلاف أصنافه حتى قيل إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم ولا يستحيون من مجالسهم وربما وقع منهم الفعلة العظيمة في المحافل ولا يستنكفون ولا يرعوون لوعظ واعظ ولا نصيحة من عاقل وكانوا في ذلك وغيره كالأنعام بل أضل سبيلا ولم يقلعوا عما كانوا عليه في الحاضر ولا ندموا على ما سلف من الماض ولا راموا في المستقبل تحويلا فأخذهم الله أخذا وبيلا وقالوا له فيما قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين فطلبوا منه وقوع ما حذرهم عنه من العذاب الأليم وحلول البأس العظيم فعند ذلك دعا عليهم نبيهم الكريم فسأل من رب العالمين وإله المرسلين أن ينصره علىالقوم المفسدين فغار الله لغيرته وغضب لغضبته واستجاب لدعوته وأجابه إلى طلبته وبعث رسله الكرام وملائكته العظام فمروا على الخليل إبراهيم وبشروه بالغلام العليم وأخبروه بما جاؤوا له من الأمر الجسيم والخطب العميم قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل


عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين وقال ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله الا امرأته كانت من الغابرين وقال الله تعالى فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط وذلك إنه كان يرجوا أن ينيبوا ويسلموا ويقلعوا ويرجعوا ولهذا قال تعالى إن إبراهيم لحليم أواه منيب يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود أي أعرض عن هذا وتكلم في غيره فإنه قد حتم أمرهم ووجب عذابهم وتدميرهم وهلاكهم إنه قد جاء أمر ربك أي قد أمر به من لا يرد أمره ولا يرد بأسه ولا معقب لحكمه وإنهم آتيهم عذاب غير مردود

وذكر سعيد بن جبير والسدي وقتادة ومحمد بن إسحق أن إبراهيم عليه السلام جعل يقول أتهلكون قرية فيها ثلاثمائة مؤمن قالوا لا قال فمائتا مؤمن قالوا لا قال فأربعون مؤمنا قالوا لا قال فأربعة عشر مؤمنا قالوا لا قال ابن اسحق إلى أن قال أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد قالوا لا قالوا إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها الآية وعند أهل الكتاب أنه قال يا رب أتهلكهم وفيهم خمسون رجلا صالحا فقال الله لا أهلكهم وفيهم خمسون صالحا ثم تنازل إلى عشرة فقال الله لا أهلكهم وفيهم عشرة صالحون قال الله تعالى وقال ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب قال المفسرون لما فصلت الملائكة من عند إبراهيم وهم جبريل وميكائيل واسرافيل أقبلوا حتى أتوا أرض سدوم في صور شبان حسان اختبارا من الله تعالى لقوم لوط وإقامة للحجة عليهم فاستضافوا لوطا عليه السلام وذلك عند غروب الشمس فخشي إن لم يضفهم يضيفهم غيره وحسبهم بشرا من الناس وسيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب

قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومحمد بن إسحق شديد بلاؤه وذلك لما يعلم من مدافعته الليلة عنهم كما كان يصنع بهم في غيرهم وكانوا قد اشترطوا عليه أن لا يضيف أحدا ولكن رأى من لا يمكن المحيد عنه وذكر قتادة أنهم وردوا عليه وهو في أرض له يعمل فيها فتضيفوا فاستحيى منهم وانطلق امامهم وجعل يعرض لهم في الكلام لعلهم ينصرفون عن هذه القرية وينزلوا في غيرها فقال لهم فيما قال يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء ثم مشى قليلا ثم أعاد ذلك عليهم حتى كرره أربع مرات قال وكانوا قد أمروا أن لا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك

وقال السدي خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قوم لوط فأتوها نصف النهار فلما بلغوا نهر سدوم لقوا ابنة لوط تستقى من الماء لأهلها وكانت له ابنتان اسم الكبرى ريثا والصغرى ذعرتا فقالوا لها يا جارية هل من منزل فقالت لهم مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم فرقت عليهم من قومها فاتت أباها


فقالت يا أبتاه أرادك فتيان على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم قط هي أحسن منهم لا يأخذهم قومك فيفضحوهم وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلا فجاء بهم فلم يعلم أحدا إلا أهل البيت فخرجت امرأته فأخبرت قومها فقالت إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط فجاءه قومه يهرعون إليه وقوله ومن قبل كانوا يعملون السيئات أي هذا مع ما سلف لهم من الذنوب العظيمة الكبيرة الكثيرة قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم يرشدهم إلى غشيان نسائهم وهن بناته شرعا لأن النبي للأمة بمنزلة الوالد كما ورد في الحديث وكما قال تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزراجه أمهاتهم وفي قول بعض الصحابة والسلف وهو أب لهم وهذا كقوله أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون وهذا هو الذي نص عليه مجاهد وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة والسدي ومحمد بن اسحق وهو الصواب والقول الآخر خطأ مأخوذ من أهل الكتاب وقد تصحف عليهم كما أخطأوا في قولهم إن الملائكة كانوا إثنين وانهم تعشوا عنده وقد خبط أهل الكتاب في هذه القصة تخبيطا عظيما وقوله فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد نهى لهم عن تعاطي ما لا يليق من الفاحشة وشهادة عليهم بأنه ليس فيهم رجل له مسكة ولا فيه خير بل الجميع سفهاء فجرة أقوياء كفرة أغبياء وكان هذا من جملة ما أراد الملائكة أن يسمعوا منه من قبل أن يسألوه عنه فقال قومه عليهم لعنة الله الحميد المجيد مجيبين لنبيهم فيما أمرهم به من الأمر السديد لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد يقولون عليهم لعائن الله لقد علمت يا لوط إنه لا أرب لنا في نسائنا وانك لتعلم مرادنا وغرضنا واجهوا بهذا الكلام القبيح رسولهم الكريم ولم يخافوا سطوة العظيم ذي العذاب الأليم ولهذا قال عليه السلام لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ود أن لو كان له بهم قوة أو له منعة وعشيرة ينصرونه عليهم ليحل بهم ما يستحقونه من العذاب على هذا الخطاب وقد قال الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا نحن أحق بالشك من إبراهيم ويرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي ورواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وقال محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رحمة الله على لوط لقد كان يأوي إلى ركن شديد يعني الله عز وجل فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه وقال تعالى وجاء أهل المدينة يستبشرون قال ان هؤلاء ضيفي فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا أو لم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين فأمرهم بقربان نسائهم وحذرهم الاستمرار على طريقتهم وسيآتهم هذا وهم في ذلك لا ينتهون ولا يرعوون بل كلما لهم يبالغون في تحصيل هؤلاء الضيفان ويحرضون ولم يعلموا ما حم


به القدر مما هم إليه صائرون وصبيحة ليلتهم إليه منقلبون ( 1 ) ولهذا قال تعالى مقسما بحياة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون وقال تعالى ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ذكر المفسرون وغيرهم أن نبي الله لوطا عليه السلام جعل يمانع قومه الدخول ويدافعهم والباب مغلق وهم يرومون فتحه وولوجه وهو يعظهم وينهاهم من وراء الباب وكل ما لهم في الجاج والعاج فلما ضاق الأمر وعسر الحال قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد لأحللت بكم النكال قالت الملائكة يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك وذكروا أن جبريل عليه السلام حرج عليهم فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم حتى قيل إنها غارت بالكلية ولم يبق لها محل ولا عين ولا أثر فرجعوا يتجسسون مع الحيطان ويتوعدون رسول الرحمن ويقولون إذا كان الغد كان لنا وله شان قال الله تعالى ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر فذلك أن الملائكة تقدمت إلى لوط عليهم السلام آمرين له بان يسرى هو وأهله من آخر الليل ولا يلتفت منكم أحد يعني عند سماع صوت العذاب إذا حل بقومه وأمروه أن يكون سيره في آخرهم كالساقة لهم وقوله إلا امرأتك على قراءة النصب يحتمل أن يكون مستثنى من قوله فاسر بأهلك كأنه يقول الا امرأتك فلا تسر بها ويحتمل أن يكون من قوله ولا يلتفت منكم أحد الا امرأتك أي فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم ويقوى هذا الاحتمال قراءة الرفع ولكن الأول أظهر في المعنى والله أعلم
قال السهيلي واسم امرأة لوط والهة واسم امرأة نوح والغة وقالوا له مبشرين بهلاك هؤلاء البغاة العتاة الملعونين النظراء والأشباه الذين جعلهم الله سلفا لكل خائن مريب إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب فلما خرج لوط عليه السلام بأهله وهم ابنتاه ولم يتبعه منهم رجل واحد ويقال إن امرأته خرجت معه فالله أعلم فلما خلصوا من بلادهم وطلعت الشمس فكان عند شروقها جاءهم من أمر الله ما لا يرد ومن البأس الشديد ما لا يمكن أن يصد وعند أهل الكتاب أن الملائكة أمروه أن يصعد إلى رأس الجبل الذي هناك فاستبعده وسأل منهم أن يذهب إلى قرية قريبة منهم فقالوا اذهب فانا ننتظرك حتى تصير إليها وتستقر فيها ثم نحل بهم العذاب فذكروا أنه ذهب إلى قرية صغر التي يقول الناس غور زغر فلما اشرقت الشمس نزل بهم العذاب قال الله تعالى فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد قالوا اقتلعهن جبريل بطرف


جناحه من قرارهن وكن سبع مدن بمن فيهن من الأمم فقالوا إنهم كانوا أربع مائة نسمة وقيل أربعة آلاف نسمة وما معهم من الحيوانات وما يتبع تلك المدن من الأراضي والأماكن والمعتملات فرفع الجميع حتى بلغ بهن عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها قال مجاهد فكان أول ما سقط منها شرفاتها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل والسجيل فارسي معرب وهو الشديد الصلب القوي منضود أي يتبع بعضها بعضا في نزولها عليهم من السماء مسومة أي معلمة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يهبط عليه فيدمغه كما قال مسومة عند ربك للمسرفين وكما قال تعالى وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين وقال تعالى والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى يعني قلبها فأهوى بها منكسة عاليها سافلها وغشاها بمطر من حجارة من سجيل متتابعة مرقومة على كل حجر اسم صاحبه الذي سقط عليه من الحاضرين منهم في بلدهم والغائبين عنها من المسافرين والنازحين والشاذين منها ويقال إن امرأة لوط مكثت مع قومها ويقال إنها خرجت مع زوجها وبنتيها ولكنها لما سمعت الصيحة وسقوط البلدة والتفتت إلى قومها وخالفت أمر ربها قديما وحديثا وقالت واقوماه فسقط عليها حجر فدمغها وألحقها بقومها إذ كانت على دينهم وكانت عينا لهم على من يكون عند لوط من الضيفان كما قال تعالى ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين أي خانتاهما في الدين فلم يتابعاهما فيه وليس المراد أنهما كانتا على فاحشة حاشا وكلا ولما فإن الله لا يقدر على نبي أن تبغى امرأته كما قال ابن عباس وغيره من أئمة السلف والخلف ما بغت امرأة نبي قط ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ خطأ كبيرا قال الله تعالى في قصة الإفك لما أنزل براءة أم المؤمنين عائشة بنت الصديق زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فعاتب الله المؤمنين وانب وزجر ووعظ وحذر وقال فيما قال إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم أي سبحانك أن تكون زوجة نبيك بهذه المثابة وقوله ههنا وما هي من الظالمين ببعيد أي وما هذه العقوبة ببعيدة ممن أشبههم في فعلهم ولهذا ذهب من ذهب من العلماء إلى أن اللائط يرجم سواء كان محصنا أو لا نص عليه الشافعي وأحمد بن حنبل وطائفة كثيرة من الأئمة واحتجوا أيضا بما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به وذهب أبو حنيفة إلى أن اللائط يلقى من شاهق جبل ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط لقوله تعالى وما هي من الظالمين ببعيد وجعل الله مكان تلك البلاد بحرة منتنة لا ينتفع بمائها


ولا بما حولها من الأراضي المتاخمة لفنائها لرداءتها ودناءتها فصارت عبرة ومثلة وعظة وآية على قدرة الله تعالى وعظمته وعزته في انتقامه ممن خالف أمره وكذب رسله واتبع هواه وعصى مولاه ودليلا على رحمته بعباده المؤمنين في انجائه إياهم من المهلكات وإخراجه إياهم من النور إلى الظلمات كما قال تعالى إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم وقال تعالى فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم إن في ذلك لآية للمؤمنين أي من نظر بعين الفراسة والتوسم فيهم كيف غير الله تلك البلاد وأهلها وكيف جعلها بعد ما كانت آهلة عامرة هالكة غامرة كما روى الترمذي وغيره مرفوعا اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ثم قرأ إن في ذلك لآيات للمتوسمين وقوله وإنها لبسبيل مقيم أي لبطريق مهيع مسلوك إلى الآن كما قال وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون وقال تعالى ولقد تركناها آية بينة لقوم يعقلون وقال تعالى فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم أي تركناها عبرة وعظة لمن خاف عذاب الآخرة وخشي الرحمن بالغيب وخاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فانزجر عن محارم الله وترك معاصيه وخاف أن يشابه قوم لوط ومن تشبه بقوم فهو منهم وإن لم يكن من كل وجه فمن بعض الوجوه كما قال بعضهم فإن لم تكونوا قوم لوط بعينهم فما قوم لوط منكم ببعيد فالعاقل اللبيب الخائف من ربه الفاهم يمتثل ما أمره الله به عز وجل ويقبل ما أرشده إليه رسول الله من إتيان ما خلق له من الزوجات الحلال والجواري من السراري ذوات الجمال وإياه أن يتبع كل شيطان مريد فيحق عليه الوعيد ويدخل في قوله تعالى وما هي من الظالمين ببعيد



 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


4 + 4 =

/300
  محيط البوك روابط ذات صلة

المادة السابق
المواد المتشابهة المادة التالي
  صورة البلوك راديو الشفاء للرقية

راديو الشفاء للرقية الشرعية

راديو الشفاء للرقية مباشر

  صورة البلوك جديد الاناشيد الاسلامية

  صورة البلوك جديد القرآن الكريم

  صورة البلوك جديد الكتب