الجواب : الشيخ ابو البراء الاحمدي .
والجواب بحول الله أقول : أنه مما ذكر عن أئمتنا أن الشهداء تبقى أجسادهم فى قبورهم لا تتبدل ولا تتغير وظهر ذلك كثيرا على مرِّ العصور
فعند البخارى من حديث هشام بن عروة عن أبيه : { لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه فبدت لهم قدم ففزعوا وظنوا أنها قدم النبي صلى الله عليه وسلم فما وجدوا أحدا يعلم ذلك حتى قال لهم عروة لا والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر رضي الله عنه } .
ومن هنا يُعلم أن قدم عمر بن الخطاب رضى الله عنه ظلت باقية على حالها إلى زمن الوليد بن عبد الملك وإلى ماشاء الله ، وكذالك قيل عن سيدنا حمزة وغيرهم الكثير .
الجواب : الشيخ الالباني .
وان كان ليس هناك دليل شرعي يخبرنا أن أجساد الشهداء لا تفنى كأجساد الأنبياء ، لكن الذي وقع أن في التاريخ الإسلامي الأول بسبب حفريات اكتشفوا جثت بعض الشهداء كماهي وكما يقولون أن قبر سيدنا حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم ....
هذا صحيح وقع ، لكن هذا لا يعطينا قاعدة أولا : أن كل شهيد لا يبلى جسده ، بل قد وجدت بعض الأجساد لغير الشهداء باقية كما هي ممكن يكون هذا الامر يعود إلى طبيعة الأرض , أو أن الله عز وجل العليم بأحوال الموتى فقد يكرم بعضهم بأن يبقي جسده كما كان في قيد الحياة ، تكون كرامة من الله لذاك الإنسان سواء كان شهيدا أو كان صالحا غير شهيد .
لكن لا يجوز أن نأخذ من ذلك قاعدة فلا نقول على الله مالا نعلم . نقول : إن الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء . أما غير الأنبياء فلا دليل عندنا بأن أجسادهم تبقى .
الجواب : الاسلام سؤال وجواب ؟
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (يَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْإِنْسَانِ إِلَّا عَجْبَ ذَنَبِهِ فِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ) رواه البخاري (4814) ومسلم (2955) .
فظاهر هذا أن جميع بني آدم تأكلهم الأرض ، ولا يبقى من أجسادهم شيء إلا عجب الذنب ، وهو عظم صغير في أسفل الظهر .
ولم يرد - فيما نعلم – استثناء أحد لا تأكله الأرض إلا الأنبياء فقط ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ) رواه أبو داود (1047) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الشهيد لا تأكله الأرض أيضاً .
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (18/173) :
" روي في أجساد الأنبياء والشهداء أن الأرض لا تأكلهم ، وحسبك ما جاء في شهداء أحد وغيرهم ، وإذا جاز أن لا تأكل الأرض عجب الذنب جاز أن لا تأكل الشهداء ، وذلك كله حكم الله وحكمته " انتهى باختصار .
وقال القرطبي في "المفهم شرح مسلم" (7/307) :
" وظاهر هذا : أن الأرض لا تاكل أجساد الشهداء ، والمؤذنين المحتسبين ، وقد شوهد هذا فيمن اطلع عليه من الشهداء ، فوجدوا كما دفنوا بعد آماد طويلة ، كما ذكر في السير وغيرها " انتهى.
ولكننا لا نعلم دليلا صحيحا من السنة النبوية يدل على أن الشهيد لا تأكله الأرض ، غير أنه وجد في وقائع كثيرة بقاء بعض الشهداء مدة بعد دفنهم .
روى البخاري (1351) عَنْ جَابِرٍ رضى الله عنه ، في قصة استشهاد والده في غزوة أحد ، قال ( فَأَصْبَحْنَا فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ ، وَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِى قَبْرٍ ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِى أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الآخَرِ ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ هُنَيَّةً ، غَيْرَ أُذُنِهِ ).
وفي رواية أبي داود (3232) ( فَمَا أَنْكَرْتُ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ شُعَيْرَاتٍ كُنَّ فِى لِحْيَتِهِ مِمَّا يَلِى الأَرْضَ ).
وقد عقد القرطبي في "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" بابا ذكر فيه شيئا من ذلك.
ولكن لا نستطيع الجزم بأن ذلك يكون لكل شهيد ، وأنه يبقى إلى يوم القيامة .
قال ابن أبي العز الحنفي في "شرح الطحاوية" (ص/396):
" وحرم الله على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء كما روي في السنن ، وأما الشهداء : فقد شوهد منهم بَعدَ مُدَدٍ مِن دفنه كما هو لم يتغير ، فيحتمل بقاؤه كذلك في تربته إلى يوم محشره ، ويحتمل أنه يبلى مع طول المدة ، والله أعلم ، وكأنه - والله أعلم - كلما كانت الشهادة أكمل والشهيد أفضل ، كان بقاء جسده أطول " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "لقاءات الباب المفتوح" (204/سؤال رقم/1):
" أما الشهداء والصديقون والصالحون فهؤلاء قد لا تأكل الأرض بعضهم كرامة لهم ، وإلا فالأصل أنها تأكله ولا يبقى إلا عجب الذنب " انتهى .
والله أعلم .