إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " .
البعض ينكر ويسأل : كيف يدخل الشيطان عروق الإنسان ويجري منها مجرى الدم ؟!
فعندما تقدم العلم التجريبي واكتشفنا المكروبات ورأينا من دراستها أنها تخترق الجسم وتدخل إلى الدم في العروق ، هل يحس أحد بالميكروبات وهو يخترق جسمه ؟
هل علم أحد بالمكروب ساعة دخوله للجسم ؟ طبعاً لا .
ولكن عندما يتوالد ويتكاثر ويبدأ تأثيره يظهر على أجسامنا نحس به ، وهذا يدل على أن الميكروب بالغ الدقة مبلغاً لا تحس به شعيرات إحساس الموجودة تحت الجلد .
ومن فرط دقته يخترق هذه الشعيرات أو يمر بينها ونحن لا ندري عنه شيئاً ، ويدخل إلى الدم ويجري في العروق ونحن لا نحس بشيء من ذلك .
فالدم يجري في شرايين واسعة وأوردة وشعيرات دقيقة ... ولكن دقة حجم الميكروب تجعله يخترق هذه الشعيرات فلا ينزل منها دم ،
وعندما تضيق هذه الشرايين تحدث أمراض خطيرة .
وهناك جراحات تجري بأشعة الليزر أو غيرها تخترق هذه الإشاعة الجلد بين الشعيرات ، لأنها إشاعة دقيقة جداً فلا تقطع أي شعيرة ولا تسيل أي دماء .
والميكروب عند دخوله الجسم ويتوالد ومقاومة كرات الدم البيضاء له فترة طويلة ، بينما نحن لا نحس ولا ندرك ما يحدث .
فإذا كان الميكروب وهو من مادتك ، أي : شيء له كثافة وله حجم محدد ولا تراه إلا بالميكروسكوب فتجد له شكلاً مخيفاً ، وإذا كان الميكروب لا تحس به وهو في داخل جسمك ، فما بالك بالشيطان الذي هو مخلوق من مادة أكثر شفافية من مادة الميكروب ، هل يمكن أن تحس به إذا دخل جسدك ؟ لا
وإذا كان الشيء المادي قد دخل جسدك ولم تحس به ، فما بالك بالمخلوق الذي خلقه الله تعالى من مادة أشف وأخف من الطين ؟ ألا يستطيع أن يدخل ويجري من ابن آدم مجرى الدم ؟! .
فلا تتعجب ولا تُكذِّب لأنك لا تحس به .
فالله أعطاك في عالم الماديات ما هو أكثر كثافة في الخلق ويدخل في جسدك ولا تحس به .
إذن : فالعلم أثبت أن هناك موجودات لا نراها ..
ولو أننا باستخدام الميكروسكوبات الإلكترونية الحديثة فحصنا كل خلية في جسم الإنسان فإننا سنرى العجب ، سنرى في جلد الإنسان الذي نحسبه أملس آباراً يخرج منها العرق ، وغير ذلك من تفاصيل باللغة الدقة لا تدركها العين ، فإذا حدَّثنا الله سبحانه وتعالى بأن هناك ملائكة تنزل وتقاتل ، فنحن نصدق ، وقد جعل الله تعالى لنا ما يطمئن بشريتنا فقال : { جنود لم تروها } ،
فإن قال واحد إنه رآها ، وقال آخر : لم أرَ شيئاً ، نقول : إن الله تعالى قال { لم تروها } أي : لم تروها مجتمعين ، فهناك من لمحها ، وهناك من لم يرها .
- وعندما سئل الامام ابن باز رحمه الله عن صحة دخول الجن الى جسد الانسان ..
اجاب وقال ان ذالك يقع وذكره العلماء ، وأن الجن يتلبّس بالجسد ، ويجري منه مجرى الدم ، والجن أنواع وطبقات وأقسام، وقد حكى أبو
العباس ابن تيمية في كتابه "إيضاح الدلالة في عموم الرسالة" حكى إجماعَ أهل العلم على أنَّ الجنيَّ يدخل في الإنسي، ويتكلم على لسانه، ونقل ذلك عن الأئمَّة، وحكاه أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة.
ومَن أنكر ذلك فقد غلط ، وهو مخالفٌ لإجماع أهل السنة ، ومخالفٌ للواقع ، فالناس لا يزالون يُشاهدون الجنَّ يتكلم على لسان الإنسي بلغةٍ غير لغة الإنسي، وبصوتٍ غير صوت الإنسي، وبكلامٍ لا يتعلق بالإنسي، ولا يعرفه الإنسي، كل هذا واقعٌ .
ولما قال بعضُ الناس لأحمد رحمه الله: إنَّهم يقولون: إنَّ هذا غير صحيحٍ، قال: كذبوا، ها هو يتكلم على لسانه ونسمع كلامه.
وقد حضر عندي بعضُ الناس -أنا بنفسي- وسمعتُ كلام الجني، كلامًا غير كلام مَن تلبَّس به، قد دخل في امرأةٍ، وتكلَّم على لسانها،
وتحدَّث معي بأشياء ما تعرفها المرأة، وليس مما يتعلق بالمرأة، وذكر أنه من الهند، وأنه بوذي الديانة، وأنه دخل فيها بسبب كذا وكذا،
وبعدما نصحه بعضُ الإخوان أحبَّ أن يتكلم عندي وأن يخرج عندي، فحضر وأخبرني بالواقع وخرج حسب علمي وحسب قول المرأة أنه خرج منها بالكلية ولم يَعُدْ إليها.
والمقصود أنَّ هذا واقعٌ كثيرٌ من الناس، والعلماء يُشاهدونه، ويُكلِّمهم، ويُكلِّمونه، ويُعاهدهم، ويُعاهدونه، ثم يخرج.
وقد جرى لأبي العباس ابن تيمية في هذا وقائع كثيرة، ولأحمد أيضًا، ولغيرهما من أهل العلم .
ويكفي في هذا الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان في "الصحيحين" عن أنسٍ، من حديث قصة صفية: لما مرَّ بعضُ الأنصار والنبي يُكلِّم صفيةَ في المسجد وقت الاعتكاف، وقد مشى معها ليقلبها عند باب المسجد، فلما رآياه أسرعا، فقال: على رسلكما، إنها صفية بنت حيي،
فقالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: إنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيتُ أن يقذف في قلوبكما شرًّا.