الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم
لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا
بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً,
وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة المؤمنون, في دم كلٍ منا ثلاث أنواع:
النوع الأول، الكريات الحمر، ولها
بحثٌ طويل، تحدثت عنه مراراً،
والنوع الثاني، الكريات البيض، والنوع الثالث
الصفيحات الدموية .
يوجد في الدم الكريات الحمراء والكريات البيضاء والصفيحات الدموية
فالكريات البيض، هي جيش الدفاع الذي يتولىَّ الدفاع أمام كل هجمةٍ من الجراثيم،
تسمىَّ الكريات البيض عند الأطباء، جهاز المناعة
الكريات البيضاء هي جهاز المناعة الذي يحمي الجسم من الجراثيم
إن هذه الكريات تسبح في الدم، ولها أوضاعة استثنائية، إنه بإمكانها أن تجري عكس
جريان الدم، بإمكانها أن تخرج من الأوعية الدموية إلى الأنسجة العضلية، بإمكانها أن
تخترق كلَّ النظم الحازمة التي وضعت في الجسم .
ما هذه الكريات البيض؟
للكريات البيض القدرة على أن تجري عكس جريان الدم وأن تخرج من الأوعية
إن لها قلاعاً، تؤوي إليها، وتنطلق منها، ما هي هذه القلاع؟ إنها العقد اللمفاوية
التي هي بمثابة قلاع يحشر بها عددٌ كبير من الكريات البيض .
القلاع التي تؤوي إليها الكريات البيضاء هي العقد اللمفاوية
قال بعض العلماء: إن من هذه الكريات من يقوم بمهمة الاستطلاع، فإذا دخل إلى البدن
جرثومٌ غريب، اقتربت منه الكريات البيض، لتتعرَّف إليه، لتتعرَّف بنيته التركيبية،
أماكن ضعفه، ما الذي يعطِّله عن العمل؟ ما الذي يكبِّله؟ ما الذي يقضي عليه؟ وتعود
هذه الكريات البيض، وكأنَّها كائناتٌ عاقلةٌ من أعلى درجة من الذكاء، تعود هذه
الكريات البيض إلى أماكن انطلاقها إلى العقد اللمفاوية، لتخبر عن طبيعة هذا الجرثوم،
وأماكن ضعفه، وطريقة القضاء عليه، حيث تتولى المخابر في هذه العقد، صنع المواد
المضادة للجراثيم .
الكرية البيضاء تقترب من الجرثوم وتدرسه كي تصنع العقد اللمفاوية مواد مضادة له
هناك كرياتٌ بيض أخرى، مهمتها تصنيع السلاح، حيث يصنع في هذه العقد المصول التي من
شأنها أن تقضي على هذا الجرثوم .
تنطلق كرياتٌ أخرى ذات طبيعةٍ قتالية، تحمل هذه المضادات، وتتجه نحو العدو الجرثومي،
وتحاصره إلى أن تقضي عليه، فإذا شعر الإنسان أن في بعض أعضائه وذمةً بيضاء، فليعلم
علم اليقين أن هناك معركةً طاحنة، تجري بين الكريات البيض، وبين هذا الجرثوم الغريب
.
الكريات البيضاء المقاتلة تحمل المضاد وتتجه للجرثوم كي تقتله
وفي الإنسان خطوطٌ دفاعية تشكِّل هذه الكريات البيض الاستطلاعية الخط الأول، وتشكَل
العقد اللمفاوية الخط الثاني، فإذا اجتاح الجرثوم، هذه العقد اللمفاوية تعلن
الاستنفار العام في الجسد، عندئذٍ ترتفع الحرارة، ويضعف الجسد عن القيام بأعبائه
اليومية وتظهر العلامات التي تؤشِّر، أو تدلُّ على وجود مرضٍ جرثوميٍ عام .
ما هي الحقيقة التي أعلن بها النبي ووقعت في هذا العصر ؟
يا أيها الأخوة المؤمنون, ما ذكرت لكم مما يتعلَّمه طلاَّب الطب إلا جزءاً يسيراً
يسيراً جداً عاماً، ومع ذلك فهذا الجهاز بعناصره الثلاث؛ عناصره الاستطلاعية،
وعناصره التصنيعية، وعناصره القتالية، وقيادته المركزية، وخططه الحكيمة في الدفاع
عن الجسد، إن جهاز المناعة هذا، يقضي عليه مرض الايدز
مرض الإيدز يقضي على جهاز المناعة عند الإنسان بمهاجمته للكريات البيضاء
الذي يتحدث عنه العالم اليوم، والذي لفت نظري، أن النبي عليه الصلاة والسلام في بعض
الأحاديث الشريفة، ذكر عن هذا المرض شيئاً، فقال عليه الصلاة والسلام:
((يا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خصال خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ))
يقول العلماء: إن السبب الأول لهذا المرض هو شيوع الفاحشة، بل شيوع الفاحشة المنكرة
المثلية بين أفراد المجتمع، لذلك يقول عليه الصلاة والسلام: ((لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا))
أي أن يظهروها, وإلى أن يعلنوا عنها في الصحف, والمجلات، وفي أجهزة الأعلام، في
الغرب، وفي البلاد التي أنحلت فيها القيم، يعلن عن الرذيلة في أجهزة الإعلام، يعلن
عن أماكن البغاء، وأماكن الانحراف اللا أخلاقي في كل مكان, قال :
((حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي
لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمِ))
الإيدز هذا المرض الخطير الذي أقلق العالم، والذي جعل الرعب يملك القلوب, صار
الإنسان يخشى كل شيء خوفاً من هذا المرض, حينما تجاوزوا حدود الله عزَّ وجل، ولم
يعبؤوا بشرعه، ولم يعبؤوا بنظافة العلاقة الاجتماعية، عندئذٍ جاء هذا المرض ليقلقهم،
وليجعل حياتهم جحيماً,
قال النبي:((يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ, وَأَعُوذُ
بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ, لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ
حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا, إِلا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي
لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلافِهِمِ الَّذِينَ مَضَوْا))