وقوله تعالى والله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وإن الله قد أحاط بكل شي علما ثم قال حدثنا علي بن عبدالله أخبرنا ابن علية عن علي بن المبارك حدثنا يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي سلمة بن عبدالرحمن وكانت بينه وبين ناس خصومة في أرض فدخل على عائشة فذكر لها ذلك فقالت يا أبا سلمة
اجتنب الأرض فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ظلم قيد شبر طوقه من سبع أرضين ورواه أيضا في كتاب المظالم ومسلم من طرق عن يحيى بن كثير به ورواه أحمد من حديث محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة به ورواه أيضا عن يونس عن أبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة بمثله ثم قال البخاري حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبدالله عن موسى بن عقبة عن سالم عن أبيه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئا من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين ورواه في المظالم أيضا عن مسلم بن إبراهيم عن عبدالله هو ابن المبارك عن موسى بن عقبة به وهو من أفراده وذكر البخاري هاهنا حديث محمد بن سيرين عن عبدالرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثني عشر شهرا الحديث ومراده والله أعلم تقرير قوله تعالى الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن أي في العدد كما أن عدة الشهور الآن اثني عشر مطابقة لعدة الشهور عند الله في كتابه الأول فهذه مطابقة في الزمن كما أن تلك مطابقة في المكان ثم قال البخاري حدثنا عبيد بن إسماعيل حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه خاصمته أروى في حق زعمت أنه انتقصه لها إلى مروان فقال سعيد رضي الله عنه انا انتقص من حقها شيئا أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ شبرا من الأرض ظلما فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين ورواه
وقال الإمام أحمد حدثنا حسن وأبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا عبدالله بن لهيعة حدثنا عبدالله ابن أبي جعفر عن أبي عبد الرحمن عن ابن مسعود قال قلت يا رسول الله أي الظلم أعظم قال ذراع من الأرض ينتقصه المرء المسلم من حق أخيه فليس حصاة من الأرض يأخذها أحد إلا طوقها يوم القيامة إلى قعر الأرض ولا يعلم قعرها إلا الذي خلقها تفرد به أحمد وهذا إسناد لا بأس به وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه من سبع أرضين تفرد به من هذا الوجه وهو على شرط مسلم وقال أحمد حدثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني أبي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من اقتطع شبرا من الأرض بغير حقه طوقه إلى سبع أرضين تفرد به أيضا وهو على شرط مسلم وقال أحمد أيضا حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أخذ من الأرض شبرا بغير حقه طوقه من سبع أرضين تفرد به أيضا وقد رواه الطبراني من حديث معاوية بن قرة عن ابن عباس مرفوعا مثله فهذه الأحاديث كالمتواترة في اثبات سبع أرضين والمراد بذلك أن كل واحدة فوق الأخرى والتي تحتها في وسطها عند أهل الهيئة حتى ينتهي الأمر إلى السابعة وهي صماء لا جوف لها وفي وسطها المركز وهي نقطة مقدرة متوهمة وهو محط الأثقال إليه ينتهي ما يهبط من كل جانب إذا لم يعاوقه مانع واختلفوا هل هن متراكمات بلا تفاصل أو بين كل واحدة والتي تليها خلاء على قولين وهذا الخلاف جار في الأفلاك أيضا والظاهر أن بين كل واحدة والتي تليها خلاء على قولين وهذا الخلاف جار في الأفلاك أيضا والظاهر أن بين كل واحدة منهن وبين الأخرى مسافة لظاهر قوله تعالى الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن الآية وقال الإمام أحمد حدثنا شريح حدثنا الحكم بن عبدالملك عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت سحابة فقال أتدرون ما هذه قلنا الله ورسوله أعلم قال العنان وزوايا الأرض تسوقه إلى من لا يشكرونه من عباده ولا يدعونه أتدرون ما هذه فوقكم قلنا الله ورسوله أعلم قال الرفيع موج مكفوف وسقف محفوظ أتدرون كم بينكم وبينها قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة خمسمائة سنة ثم قال أتدرون ما الذي فوقها قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سموات ثم قال أتدرون ما فوق ذلك قلنا الله ورسوله أعلم قال العرش أتدرون كم بينه وبين السماء السابعة قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة خمسمائة عام ثم قال أتدرون ما هذه تحتكم قلنا الله ورسوله أعلم قال أرض أتدرون ما تحتها قلنا الله ورسوله أعلم قال أرض أخرى أتدرون كم بينهما قلنا الله ورسوله أعلم قال مسيرة سبعمائة عام حتى عد سبع أرضين ثم قال وأيم الله لو دليتم أحدكم إلى الأرض السفلى السابعة لهبط ثم قرأ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ورواه الترمذي عن عبد بن حميد وغير واحد عن يونس بن محمد المؤدب عن شيبان بن عبدالرحمن عن قتادة قال حدث الحسن عن أبي هريرة وذكره إلا أنه ذكر أن بعد ما بين كل أرضين خمسمائة عام وذكر في آخره كلمة ذكرناها عند تفسير هذه الآية من سورة الحديد ثم قال الترمذي هذا حديث غريب من هذا الوجه قال ويروى عن أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد
أنهم قالوا لم يسمع الحسن من أبي هريرة ورواه أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم في تفسيره من حديث أبي جعفر الرازي عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة فذكر مثل لفظ الترمذي سواء بدون زيادة في آخره ورواه ابن جرير في تفسيره عن بشر عن يزيد عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلا وقد يكون هذا أشبه والله أعلم ورواه الحافظ أبو بكر البزار والبيهقي من حديث أبي ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لا يصح إسناده والله أعلم
وقد تقدم عند صفة العرش من حديث الأوعال ما يخالف هذا في ارتفاع العرش عن السماء السابعة وما يشهد له وفيه وبعد ما بين كل سماءين خمسمائة عام وكثفها أي سمكها خمسمائة عام وأما ما ذهب إليه بعض المتكلمين على حديث طوقه من سبع أرضين أنها سبعة أقاليم فهو قول يخالف ظاهر الآية والحديث الصحيح وصريح كثير من ألفاظه مما يعتمد من الحديث الذي أوردناه من طريق الحسن عن أبي هريرة ثم إنه حمل الحديث والآية على خلاف ظاهرهما بلا مستند ولا دليل والله أعلم وهكذا ما يذكره كثير من أهل الكتاب وتلقاه عنهم طائفة من علمائنا من أن هذه الأرض من تراب والتي تحتها من حديد والأخرى من حجارة من كبريت والأخرى من كذا فكل هذا إذا لم يخبر به ويصح سنده إلى معصوم فهو مردود على قائله وهكذا الأثر المروي عن ابن عباس أنه قال في كل أرض من الخلق مثل ما في هذه حتى آدم كآدمكم وإبراهيم كإبراهيمكم فهذا ذكره ابن جرير مختصرا واستقصاه البيهقي في الأسماء والصفات وهو محمول إن صح نقله عنه على أنه أخذه ابن عباس رضي الله عنه عن الإسرائيليات والله أعلم
وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال قال نعم الحديد قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد قال نعم النار قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار قال نعم الريح قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح قال نعم ابن آدم يتصدق بيمينه يخفيها من شماله تفرد به أحمد
وقد ذكر أصحاب الهيئة إعداد جبال الأرض في سائر بقاعها شرقا وغربا وذكروا طولها وبعد امتدادها وارتفاعها وأوسعوا القول في ذلك بما يطول شرحه هنا وقد قال الله تعالى ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود قال ابن عباس وغير واحد الجدد الطرائق وقال عكرمة وغيره الغرايب الجبال الطوال السود وهذا هو الشاهد من الجبال في سائر الأرض تختلف باختلاف بقاعها وألوانها وقد ذكر الله تعالى في كتابه الجودي على التعيين وهو جبل عظيم شرقي
جزيرة ابن عمر إلى جانب دجلة عند الموصل امتداده من الجنوب إلى الشمال مسيرة ثلاثة أيام وارتفاعه مسيرة نصف يوم وهو أخضر لأن فيه شجرا من البلوط وإلى جانبه قرية يقال لها قرية الثمانين لسكنى الذين نجوا في السفينة مع نوح عليه السلام في موضعها فما ذكره غير واحد من المفسرين والله أعلم