وأي خير في عين لا تبكي؟
في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم ذكر من السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل له إلا ظله رجلا ذكر الله أي وعيده وعقابه خاليا ففاضت عيناه :
أي خوفا مما جناه واقترفه من المخالفات والذنوب, وكان زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهم إذا توضأ وفرغ من وضوئه أخذته رعدة فقيل له في ذلك,
فقال : ويحكم ، أتدرون إلى من أقوم ولمن أريد أن أناجي. وقال أحمد بن حنبل : الخوف يمنعني من أكل الطعام والشراب فما أشتهيه.
وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله ، وعينا سهرت في سبيل الله ، وعينا يخرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله تعالى } .
وكان ابن السماك يعاتب نفسه ويقول لها : تقولين قول الزاهدين وتعملين عمل المنافقين ، ومن ذلك الجنة تطلبين أن تدخليها، هيهات هيهات للجنة قوم آخرون ولهم أعمال غير ما نحن عاملون. وقال صلى الله عليه وسلم : { قال الله سبحانه وتعالى : وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين ،
إن أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة ، وإن خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة } .
وفي صحيح البخاري عن عائشة : " وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن" وقال عبد الله بن عيسى : كان في وجه عمر بن الخطاب خطان أسودان من البكاء. وفي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال : { يا رسول الله ما النجاة ؟ قال : أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك }.
وقال عبد الرحمن بن مهدي : مات سفيان الثوري ، فلما اشتد به جعل يبكي فقال له رجل : يا أبا عبد الله أتراك كثير الذنوب ؟ فرفع رأسه وأخذ شيئا من الأرض فقال : والله لذنوبي أهون عندي من هذا ، إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت. وقال جعفر بن سليمان : اشتكى ثابت البناني عينيه، فقال له الطبيب : اضمن لي خصلة تبرأ عينك ، فقال وما هي ؟ قال : لا تبك. قال : وأي خير في عين لا تبكي؟