« هواوي" .. ما الذي يخيف أميركا من العملاق الصيني؟ »







علاقة \"هواوي\" بـ\"غوغل\" تكتسب حساسية بالغة للشركة الصينية العملاقة التي خطت خطوات سريعة في عالم الاتصالات لدرجة أنها أزاحت \"أبل\" الأميركية من المرتبة الثانية عالمياً لجهة الحصة السوقية في قطاع الهواتف الذكية، وبدأت تقارير تتحدث عن مضيها لخطف الرقم \"واحد\" من \"سامسونغ\" الكورية الجنوبية.

تتمثل أهم جوانب الحساسية تلك في اعتماد \"هواوي\" على نظام \"أندرويد\" لتشغيل سلسلة هواتفها الذكية التي أكسبتها مكانة في السوق العالمية، خاصة في الدول النامية، نظراً لأسعارها التنافسية.

الآن تقف \"هواوي\" في مفترق طرق، إما أن تستميت في خلق نظام تشغيلها الخاص وتحمي أجهزة عملائها من مصير قد ينتهي عند \"سلال القمامة\"، أو أن تراقب عن كثب انسحابها الدراماتيكي من السوق بوتيرة أسرع من دخولها الصاروخي إليها، إن هي لم تستطع إيجاد بدائل عن من حظروها.

لكن لماذا يطرح عملاق التكنولوجيا الصيني كل هذا الجدل؟
الأسبوع الماضي، أعلن ترمب حالة الطوارئ الرامية إلى حماية شبكات الاتصالات الأميركية مما سمَّاها بـ\"التهديدات الخارجية\".. كلمات ترجمت على أنها موجهة بشكل رئيسي ضد الغريم الصيني \"هواوي\".

وعلى الرغم من أن ترمب منح الشركة الصينية متنفساً بتأجيل مؤقت للحظر لمدة 90 يوماً، إلا أن شجرة التأجيل لا تستطيع إخفاء غابة الصعاب التي تحولت إلى واقع مذ حرمت \"غوغل\" هواتف الشركة الصينية من نظام تشغيلها، ما يعني أنها - بعد انقضاء المهلة - ستبقى حبيسة آخر نسخة من \"أندرويد\" دون تحديث، فيما ستُحرم إصداراتها الجديدة من تطبيقات ذات شعبية مثل محرك البحث \"غوغل\" ومتجر التطبيقات \"غوغل بلاي\" و\"يوتيوب\" و\"خرائط غوغل\"، هذا إن لم تتسع دائرة الحظر وتجد منتجات \"هواوي\" نفسها خالية من تطبيقات أساسية تعود لشركات أخرى.

في غمرة ما يحدث لعملاق التكنولوجيا الصيني، لا يمكن طرد فكرة مفادها أن وراء كل هذا دوافع تتعدد، لكنها تؤشر إلى أمر واحد.. ألا وهو أن العملاق الصيني بدأ يبث الخوف في أروقة الغرب.

5G.. هاجس الاستخبارات
أول مبعث قلق يعود إلى تكنولوجيا الجيل الخامس، التي تعد \"هواوي\" رائدتها عالمياً.

فالشركة الصينية التي تعد أيضاً من أكبر مصنعي تكنولوجيا الاتصالات إلى جانب صناعة الهواتف الذكية والحواسيب، دخلت في محادثات مع الحكومات وشركات الاتصالات حول العالم لتزويدها بالأنظمة التي تتيح تقنية 5G .. الثورة القادمة في عالم الاتصالات.

لكن هذه الثورة المنتظرة لا تخلو من شكوك تحوم حول تمكينها لبكين من التجسس على الدول التي تستخدم التكنولوجيا الصينية.

هنا يبرز دور مجموعة Five Eyes ، التي شكلتها الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب بريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، والتي مهمتها ربط وكالات الاستخبارات التابعة للدول الخمس وتقاسم معلومات سرية غالباً ذات طابع إلكتروني.

وقد وصل الأمر بواشنطن أن هددت شركاءها في المجموعة الاستخباراتية بالتوقف عن مشاركة المعلومات الاستخباراتية معهم، إن هم تبنوا تكنولوجيا 5G الصينية وأدرجوها في أي من أنظمتهم المعلوماتية الحساسة.

\"هواوي\" نفت مراراً وتكراراً أن تكون \"جاسوساً للحكومة الصينية\"، لكن موقفها يضعف أمام هذه الانتقادات التي تستند إلى قوانين صينية تجعل من المستحيل على الشركات رفض أي طلب للحكومة يتعلق بجمع المعلومات.

غير أن نفس الانتقادات وجهت في السابق للسلطات الأميركية، التي اتهمت باختراق بيانات شركات مثل \"غوغل\" و\"ياهو\"، وشنت هجمة ضد تقنية تشفير البيانات التي اعتمدتها شركات التقنية الأميركية.

سرقة التكنولوجيا
جعل ترمب من التكنولوجيا وبراءات الاختراع أحد أهم ملفات التفاوض مع الصين في غمرة الحرب التجارية الدائرة بين القوتين الاقتصاديتين. وقد ارتبط اسم \"هواوي\" بفضيحة قريبة من هذا الملف الشائك، حين اتهم أحد مهندسيها بسرقة ذراع آلية تُستخدم لاختبار شاشات الهاتف الخلوي، عند مغادرته مختبر تصميم تابع لشركة T-Mobile.

الشركة الألمانية، التي كانت آنذاك أحد شركاء \"هواوي\"، لم تلقِ بالاً لتبريرات الأخيرة بأن المهندس تصرف بشكل منفرد، وانتهى الأمر بشركتي التكنولوجيا في المحكمة.

اللعب مع إيران
القلاقل طالت المديرة المالية للعملاق الصيني وابنة مؤسس الشركة، المتهمة بمساعدة إيران للالتفاف على العقوبات الأميركية من خلال شركة تدعى Skycom.

جزء من الاتهام الموجه ضد Meng Wanzhou يعود إلى الكذب بشأن الاتفاقيات التجارية المبرمة مع إيران، وقد تواجه عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى 30 عاماً، إذا ثبتت التهم عليها.

شاشات بالألماس!
مشاكل \"هواوي\" مع الخصم الأميركي لا تنتهي عند هذا الحد، فوفقًا لوكالة \"بلومبيرغ\"، يحقق جهاز FBI مع عملاق التكنولوجيا الصيني لخرق مزعوم للوائح الدولية الخاصة بتجارة الأسلحة (ITAR)، بسبب اتهام الشركة بنقلها خارج الولايات المتحدة عينة زجاجية مطلية بالألماس الصناعي غير قابلة للكسر تقريباً. وهو أمر يعد محظوراً لأن المواد المطلية بالألماس مقيدة بسبب استخدامها المحتمل في أسلحة الليزر.

الصعود الصاروخي
لكن بعيداً عن تغريدات ترمب، وقرار \"غوغل\"، والفضائح، لا تزال \"هواوي\" حتى اللحظة لاعباً رئيسياً في السوق العالمية بحصة سوقية تصل إلى 17% بعد \"سامسونغ\" التي تتصدر القائمة (21%)، وقبل \"أبل\" (12%)، بحسب بيانات الربع الأول 2019.

فأسعار هواتفها منحتها قطعة ضخمة من الكعكة العالمية، خاصة في إفريقيا وآسيا، كما أن امتلاكها لتكنولوجيا شبكات الاتصالات يعلي تنافسيتها.

وفي ظل حرب تجارية مستعرة، قد تكون \"هواوي\" إحدى أوجه \"صراع العروش\" الأميركي الصيني.

ومع اتهامات أخرى بتلقي دعم من الحكومة الصينية، تعاظمت مخاوف الشركات الأميركية من الخصم الصيني، الذي بات يدفع بـ\"نظرية المؤامرة\" ضده.



» تاريخ النشر: 2019-05-24
» تاريخ الحفظ: 2024-03-29
» شبكة الشفاء الاسلامية
.:: https://www.ashefaa.com ::.