عرف الإنسان خل التفاح منذ آلاف السنين، وقد استخدم في بادئ الأمر في حفظ الأطعمة والمواد الغذائية حتى لا تتغير رائحتها أو طعمها، كما تم استخدامه كمطهر لما يتميز به من خاصية قوية في هذا المجال، وبذلك أخذ خل التفاح أهميته منذ عهد بعيد حتى ظهرت خصائصه الاستطبابية في العصر الحديث التي زادت من أهميته..
ينتج خل التفاح عن تخمير للتفاح حيث يتفاعل نوع من الفطريات مع سكر التفاح، ومع الأطعمة الكربوهيدراتية بشكل عام، ويتحول السكر بموجب هذا التفاعل إلى كحول وثم يتخمر إلى خل، وهناك تفاعل آخر بواسطة نوع من البكتيريا حيث يتحول الكحول إلى حمض الخليك وهو المكون الأساسي للخل الذي يكسبه صفاته العلاجية.
يعتبر الفرق بين الخل والخمر بسيطاً؛ فالصلة بينهما هو تفاعلٌ كيميائيٌ (تفاعل أكسدة)، وأغلب الناس لا يعرفون هذا الاختلاف، فهم فقط يعرفون أنّ الخمر محرمٌ في الدين الإسلامي، والخل محللٌ، ولكن لا يعرفون سبب التحريم والتحليل، وبالرغم من أنّ الفارق ما هو إلا تفاعلٌ كيميائيٌ، إلا أنّه يفصل الحلال عن الحرام، ولمدى أهميّة هذا الموضوع، سنطرح هنا الفرق بين الخمر والخلّ لتوعية الناس إلى الفارق بين هذين الاثنين، مع تشابه أساسهما، وسنذكر أيضاً رأي الشرع والفتاوى في هذا الموضوع فأهلا بكم .
الأساس في صنع هذين المكونين (الخلّ والخمر) هو السكر البسيط أو المركب، والذي عادةً ما يؤخذ من العنب، والتمر، والشعير وغيرها مما يحتوي نسبةً من السكر، فالخمر أو النبيذ يكون بوضع الفاكهة التي تحتوي السكر في الماء ونبذها فترةً من الزمن، وبذلك يبدأ الماء بأخذ الطعم الحلو بفعل قيام الجراثيم بتحويل السكر إلى كحول أو غول كما يسمّى في العربية، حيث يبدأ بالتخمّر بعد أربعة أيام، وحتى يتمّ التخمر الكامل يحتاج السكر إلى مدّة أسبوعين، وحينها يكون محرماً في الدين الإسلاميّ، وبزيادة الفترة الزمنيّة التي يترك فيها السكر في الماء تزيد درجة التخمر خصوصاً إذا كان في وعاءٍ محكم الإغلاق يمنع الأكسجين من الدخول إلى الداخل.
الفرق بين الخل والخمر
إذا تعرّض الخمر للهواء (الأكسجين بالأخصّ) يتأكسد الكحول الموجود فيه (يتفاعل مع الأكسجين) بواسطة ما يسمّى الجراثيم الخليّة المختلفة عن النوع الأول الذي سبّب التخمّر، وبالتالي يتحوّل الكحول لحمض الخلّ، وأغلب الكحول المسكر يكون كحولاً إيثيلياً (الإيثانول) الذي يختلف تركيزه من مشروبٍ لآخر، والخلّ تختلف نسب الكحول فيه حسب قوّة وسرعة التأكسد بين الكحول والأكسجين؛ فهناك تجارٌ يتسرعون في أخذ الخلّ دون أن يتأكّدوا أنّ عمليّة التأكسد اكتملت ولم يتبق أي كحولٍ، فمثلاً بعض الأنواع الرخيصة من الخل يكون فيها نسبةً من الكحول تصل إلى 2% وهذا غير مقبول في الدين، أما الأنواع الجيدة مثل الخل البلسمي فنسبة الكحول فيه هي 0.1% وهي مقبولةٌ لأنه حتى لو طال وقت استخدامه فلن تتغير هذه النسبة، والمعادلة الكيميائية التالية توضح تحوّل الكحول إلى خلّ بالتفاعل مع غاز الأكسجين:
CH3CH2OH + 2 O2 --- > 2 CH3COOH + 2 H2O
Alcohol + Oxygen ----> Acetic Acid + Water
غول + أوكسجين -----> حمض الخل + ماء.
رأي الشرع في الخمر والخلّ
لقد ورد عن السيدة عائشة (رضي الله عنها) في الصحيحين: "كلّ مسكر خمر وكلّ خمر حرام". وفي البخاري: "الخمر ما خامر العقل". من حديث ابن عمر وهو في مسلم كذلك، وهو ضابط شرعي يشمل أنواع الخمر المختلفة في الأصول أو الأسماء، والكحول مسكرٌ إذن هو خمرٌ ولا فرق، أمّا الخل الذي يتّخذ من الخمر فهو الذي يخلل بنفسه دون تخليل مصانع، وقد جاء في حديث أنس: أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل عن الخمر تتخذ خلا، فقال: "لا"، وقد قال صاحب تحفة الأحوذي: وأمّا حديث "نعم الإدام الخل" فالمراد بالخلّ الخلّ الذي لم يتّخذ من الخمر جمعاً بين الأحاديث.