هو أبو الدحداح، وقيل: أبو الدحداحة بن الدحداحة الأنصاري مذكور في الصحابة.
قال أبو عمر: لا أقف على اسمه ولا نسبه أكثر من أنه من الأنصار حليف لهم. وقيل: ثابت بن الدحداح، هو أبو الدحداح الأنصاري.
مواقف من حياة أبي الدحداح مع الرسول:
عن عبد الله بن مسعود قال لما نزلت هذه الآية: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [الحديد:11]،
قال أبو الدحداح الأنصاري: وإنَّ الله ليريد منا القرض، قال: "نعم يا أبا الدحداح"، قال: أرني يدك يا رسول الله، قال: فناوله رسول الله يده، قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي، قال: وحائطه له فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها، قال: فجاء أبو الدحداح فنادى: يا أم الدحداح، قالت: لبيك، قال: اخرجي من الحائط فقد أقرضته ربي.
وفي رواية أخرى أنها لما سمعته يقول ذلك عمدت إلى صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح".
وعن أنس أنَّ رجلاً أتي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: إن لفلان نخلة وإن قوام حائطي بها، فأمره أن يعطيني إياها حتى أقيم بها حائطي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أعطها إياه بنخلة في الجنة"، فأبى فأتى أبو الدحداح الرجل، فقال: بعني نختلك بحائطي ففعل، فأتى أبو الدحداح النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: إني ابتعت النخلة بحائطي، فاجعلها له فقد أعطيتكها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة"، قالها مرارًا فأتى أبو الدحداح امرأته فقال: يا أم الدحداح اخرجي من الحائط، فقد بعته بنخلة في الجنة، فقالت: ربح البيع، ربح البيع، أو كلمة تشبهها.
أبو الدحداح يروي عن النبي:
أخرج أبو نعيم من طريق فضيل بن عياض، عن سفيان، عن عوف بن أبي جحيفة، عن أبيه أن أبا الدحداح قال لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كانت الدنيا همته حرم الله عليه جواري، فإني بعثت بخراب الدنيا، ولم أبعث بعمارتها"[1].
من كلمات أبي الدحداح:
روى الواقدي عن عبد الله بن عامر قال: قال ثابت بن الدحداح يوم أحد والمسلمون أوزاع: "يا معشر الأنصار إليَّ إليَّ، إن كان محمد قد قتل فإن الله حي لا يموت، فقاتلوا عن دينكم"، فنهض إليه نفر من الأنصار؛ فجعل يحمل بمن معه، وقد وقفت له كتيبة خشناء فيها خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة، فحمل عليه خالد بن الوليد بالرمح فأنفذه فوقع ميتًا وقتل من كان معه.
وفاة أبي الدحداح الأنصاري:
شهد أبو الدرداء أحدًا وقتل بها شهيدًا طعنه خالد بن الوليد برمح فأنفذه وقيل: إنه مات على فراشه مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية. ولما توفي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصم بن عدي فقال: "هل كان له فيكم نسب؟"، قال: لا، فأعطى ميراثه ابن أخته أبا لبابة بن المنذر.
وروي من طريق عقيل، عن ابن شهاب مرسلاً بمعناه، وقد تقدم في ترجمة ثابت بن الدحداح أنه يكنى أبا الدحداح وأنه مات في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبنى أبو عمر على أنه هذا، والحق أنه غيره.
وهذا ينبغي أن يكون لثابت، فقد تقدم في ترجمته أنه جرح بأحد فقيل: مات بها، وقيل: عاش ثم انتقضت فمات بعد ذلك بمدة، وهو الراجح.
[1] ذكر ابن حجر في الإصابة: (4/59) أن هذا الحديث لا يصح إسناده إلى فضيل. المصدر: موقع الدرر السنية.