السيرة النبوية للأطفال والناشئة >> تحميل كتب السيرة النبوية  🌾  تحميل كتاب تربية الاولاد في الاسلام >> كتب الأسرة والمرأة المسلمة  🌾  انشودة عشاق الشهادة >> اناشيد ابراهيم الاحمد  🌾  اقوى آيه مجربة لفك عقد السحر والحسد >> الرقية الشرعية والأذكار  🌾  انشودة قائد الأمة >> الاناشيد الاسلامية  🌾  انشودة جبل بلادي >> أناشيد فرقة الوعد اللبنانية  🌾  علاج قوي جداً لفك وابطال السحر والمس والعين >> مواضيع تختص بالرقية الشرعية وعلاج السحر والمس والعين  🌾  طريقة فك وابطال الأحجبة >> مواضيع تختص بالرقية الشرعية وعلاج السحر والمس والعين  🌾  طريقة التقيؤ من السحر المأكول أو المشروب >> مواضيع تختص بالرقية الشرعية وعلاج السحر والمس والعين  🌾  الرقية الشرعية في بيروت >> دليل الشفاء للمواقع  🌾 

سيرة حياة ابن عساكر مؤرخ الشام

  محيط البوك عدد المواد

القسم الاسلامي علوم القرآن والحديث والفقه
  سيرة حياة ابن عساكر مؤرخ الشام     
 

الكاتب : حسن العوجي - أبو آيه    

 
 

 الزوار : 4230 |  الإضافة : 2020-09-13

 

علوم القرآن والحديث والفقه


 

يتناول المقال سيرة حياة ابن عساكر حافظ الشام ومؤرخ دمشق وصاحب كتاب تاريخ دمشق، فمن هو ابن عساكر وما جهوده الحديثية والتاريخية؟

 

اسمه ونسبه:
هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الشافعي المؤرخ الرحالة الحافظ، المعروف بابن عساكر. ولد في أول الشهر المحرم سنة 499هـ / 1105م في مدينة دمشق.

أخذ العلم والفقه منذ الحداثة بدمشق حيث عاش في بيت جليل، وقد كان أبوه الحسن بن هبة الله شيخا صالحا عدلا محبا للعلم مقدرا للعلماء مهتما بأمور الدين والفقه.

البيئة التي نشأ فيها ابن عساكر:
يقول د. صلاح الدين المنجد في مقدمة المجلدة الأولى من تاريخ ابن عساكر: "كان للبيئة التي نشأ فيها الحافظ ابن عساكر أثر كبير في اتجاهه نحو العلم ونبوغه فيه، فقد نبت في بيت قضاء وحديث وفقه، وكان ألاف هذا البيت من كبار علماء دمشق وقضاته، فما أرى ابن عساكر منذ نشأته غير العلماء وما وعى غير العلم.

وكان أخوه الأكبر صائن الدين هبة الله بن الحسن (488 - 563هـ) فقيها مفتيا محدثا قرأ القرآن بالروايات وتفقه وبرع، ورحل فسمع وقرأ الأصول والنحو وتقدم وسمع الكثير وأعاد بالأمينية لشيخه أبي الحصن السلمي، ودرس وأفتى وكتب الكثير، وكان إماما ثقة ثبتا دينا ورعا. وأما أخوه أبو عبد الله محمد بن الحسن بن هبة كان قاضيا، وقد نشر أولاده الستة العلم والحديث.

وكانت أمه من بيت القرشي، أبوها يحيى بن علي بن عبد العزيز القاضي الفقيه الكبير، وكان عالما بالعربية ثقة حلو المحاضرة فصيحا، تفقه على أبي بكر الشاشي وبدمشق على القاضي المروزي والفقيه نصر، وقد سمع منه وروى عنه نافلته أبو القاسم بن عساكر.

وأما خاله أبو المعالي محمد بن يحيى فقد سمع أبا القاسم بن أبي العلاء والحسن بن أبي الحديد والفقيه نصر المقدسي وأبا محمد بن البري والقاضي الخلعي بمصر وعلي بن عبد الملك الدبيقي بعكا وحضر درس الفقيه نصر وثقة به ناب عن أبيه في القضاء ثم استقل به، وكان نزيها عفيفا صليبا في الحكم، قال عنه السمعاني أنه كان محمودا حسن السيرة شفوقا وقورا حسن المنظر مترددا، روى عنه ابن أخته أبو القاسم بن عساكر. وأما خاله الآخر سلطان بن يحيى زين القضاة أبو المكارم القرشي الدمشقي فقد روى عن أبي القاسم بن أبي العلاء ناب في القضاء عن أبيه ووعظ وأفتى.

بدأ ابن عساكر بتلقي علومه ودروسه باكرا وهو في سن صغيرة، فقد سمعه أخوه الصائن سنة 505هـ / 1111م، فقد كان في السادسة من عمره يومذاك فأخذ يسمع باعتناء أبيه وأخيه الصائن فسمع أبا القاسم النسيب وقوام بن زيد وسبيع بن قيراط وأبا طاهر الحنائي وأبا الحسن بن الموازيني، وراح يتردد إلى مجالسهم ويحضر حلقات تدريسهم.

يقول د. المنجد في مقدمة المجلدة الأولى: "فبيئة هذا شأنها فقد وجد فيها الحافظ ما ساعده على تفتح ذكائه وإقباله على ما رغب فيه حتى غدا مؤرخ الشام وحافظ العصر".

في الجامع الأموي والمدرسة الأمينية:
تدرّج في طلب العلم، فأخذه عن علماء جامعة الجامع الأموي بدمشق الذي كان أعظم مركز للعلم، تعقد فيه حلقات الإقراء والتدريس والحديث والوعظ.

كما تفقه ابن عساكر في حداثته بدمشق على الفقيه أبي الحسن علي بن المسلم بن محمد بن علي السلمي، عمدة أهل الشام ومفتيهم، وكان قد لازم الغزالي مدة مقامه بدمشق، وقد نقل ابن عساكر عن الغزالي قوله في أبي الحسن السلمي: "خلفت بالشام شابا إن عاش كان له شأن" فكان كما تفرس فيه ودرس بحلقة الغزالي مدة ثم ولي التدريس في المدرسة الأمينية في سنة 504هـ وهي أول مدرسة للشافعية بنيت في دمشق، وكان السلمي ثقة ثبتا عالما بالمذاهب والفرائض، وكان ابن عساكر يتردد عليه ويحضر دروسه في المدرسة الأمينية ويستمع عليه.

رحلة ابن عساكر في طلب العلم:

رحلته الأولى.. إلى بغداد:
وفي سنة 520هـ / 1126م وكان قد بلغ الحادية والعشرين من عمره، وكان قد استوفى قسطا مهما من العلم على شيوخه بدمشق، وتنوعت معارفه واتجه نحو رواية الحديث حيث جمع من معرفة المتون والأسانيد وحفظ فأتقن وقرأ فتثبت وتعب في ملاحقة المحدثين والعلماء ولم يعد يقنعه ما حصل عليه في حلقات دمشق ومساجدها ومدارسها وعلمائها، عزم على طلب المزيد والوقوف على آراء مشاهير العلماء والفقهاء فقرر أن يرحل عن دمشق رغبة في طلب الحديث.

يقول د. المنجد في مقدمة المجلدة الأولى: وكانت الرحلة في طلب الحديث والاستماع إلى الشيوخ أثرا ذا شأن، ولم يتخلف محدث كبير عن الرحلة ليتم علمه ويتلقى الأسانيد العالية. وكانت مراكز العلم منتشرة في طول العالم الإسلامي وعرضه والعلماء والفقهاء منتشرون في كافة الأصقاع، ولكن الإشعاع كان ينتشر من مراكز استطاعت أن تستقطب أهل العلم والحديث والرواية واشتهرت فيها حلقات التدريس والنقاش في مراكزها العامة كالمدارس والمساجد وفي مراكزها الخاصة كمقرات إقامة الفقهاء والعلماء والمحدثين.

وكانت بغداد جنة الأرض ومدينة السلام وقبة الإسلام ومجمع الرافدين وغرة البلاد وعين العراق ودار الخلافة ومجمع المحاسن والطيبات ومعدن الظرائف واللطائف وبها أرباب الغايات في كل فن وآحاد الدهر في كل نوع. ورغم تدني نفوذها السياسي إلى مستوى كبير فقد حافظت على دورها الاستقطابي والمحوري حيث بقيت المركز الأساس الذي يجذب طلبة الحديث والفقه والعلوم ولم تستطع أي من المراكز الأخرى في مصر ومكة والمدينة وخراسان ونيسابور وأصبهان ومرو وهراة وسرخس وطوس أن تنال من أهمية بغداد ودورها، وقد عُرف عن أهل بغداد أنهم أرغب الناس في طلب الحديث وأشدهم حرصا عليه وأكثرهم كتبا له، ويقول الخطيب البغدادي: "وأهل بغداد موصوفون بحسن المعرفة والتثبت في أخذ الحديث وآدابه وشدة الورع في روايته اشتهر ذلك عنهم وعرفوا به".

وفي سنة 521هـ ذهب أبو القاسم بن عساكر من بغداد إلى الحج فسمع بمكة ومنى والمدينة، وممن سمع بمكة: عبد الله بن محمد المصري الملقب بالغزال بمكة وعبد الخلاق بن عبد الواسع الهروي بمكة، وحدث بمكة ومنها قفل عائدًا إلى بغداد.

ولما دخل بغداد أعجب به العراقيون وقالوا: "ما رأينا مثله"، وقال شيخه أبو الفتح المختار بن عبد الحميد: قدم علينا هذا فلم نر مثله. وأقام ببغداد خمسة أعوام يحصل العلم فسمع من هبة الله بن الحصين وعلي بن عبد الواحد الدينوري وقراتكين بن أسعد وأبي غالب بن البناء وهبة الله بن أحمد بن الطبر وأبي الحسن البارع وأحمد بن ملوك الوراق والقاضي أبي بكر. وسمع بالكوفة الشريف أبا البركات عمر بن إبراهيم الزيدي. وطوف وجاب العراق ولقي المشايخ ثم عاد إلى بغداد فأقام بها يسمع الحديث ولزم به التفقه وسماع الدرس بالنظامية وقرأ الخلاف والنحو. وكان ببغداد يسمى شعلة نار من توقده وذكائه وحسن إدراكه لم يجتمع في شيوخه ما اجتمع فيه.

وعلى هذا النحو لازم ابن عساكر بغداد متتبعا العلماء والفقهاء وكبار المحدثين مستمعا إليهم قارئا عليهم مكثرا في ملازمتهم حتى سنة 525هـ / 1131م، وقد استنفذ ما عند الشيوخ من أحاديث بالغ في طلبها منهم فأتقن حفظها وتلقى متونها وأسانيدها فقرر العودة إلى دمشق، وفعلا عاد إلى دمشق سنة 525هـ ليسمع على شيوخها.

رحلته الثانية..إلى بلاد العجم:
وبقي أبو القاسم بن عساكر في دمشق مدة ملازما علمائها وفقهائها وكبار محدثيها مكثفا الطلب منهم متعشقا لرواية الحديث عليهم حتى غدا حافظا فهما متقنا بصيرا بهذا الشأن، لا يلحق شأوه ولا يشق غباره ولا كان له نظير في زمانه، وهو بعد شاب في مقتبل العمر، وبقي إلى سنة 529هـ حيث عزم على التوجه إلى مراكز ازدهر فيها علم الحديث وانتشر فيها الفقهاء والعلماء والمحدثون فكانت رحلته نحو الشرق نحو بلاد العجم.

فارتحل إليها وطاف في مراكزها ومدنها وبالغ في طلب الحديث فيها على كبار شيوخها ومحدثيها، فسمع بأصبهان ونيسابور ومرو وتبريز وميهنة وبيهق وخسروجرد وبسطام ودامغان والري وزنجان وهمذان وأسداباذ وجي وهراة وبون وبغ وبوشنج وسرخس ونوقان وسمنان وأبهر ومرند وخوي وجرباذقان ومشكان وروذراور وحلوان وأرجيش.

وكان توجهه إلى بلاد خراسان على طريق أذربيجان والتقى بنيسابور بالسمعاني وفيه يقول: أبو القاسم كثير العلم غزير الفضل حافظ متقن دين خير حسن السمت جمع بين معرفة المتون والأسانيد صحيح القراءة متثبت محتاط ..، إلى أن قال: جمع ما لم يجمعه غيره وأربى على أقرانه، دخل نيسابور قبلي بشهر، سمعت منه وسمع مني، وكان قد شرع في التاريخ الكبير لدمشق، ثم كانت كتبه تصل إلىَّ وأنفد جوابها.

وسمع بنيسابور أبا عبد الله الفراوي ولازمه فترة، وفي ذلك يقول الفراوي: قدم ابن عساكر فقرأ عليَّ ثلاثة فأكثر وأضجرني وآليت على نفسي أن أغلق بابي، فلما أصبحنا قدم عليَّ شخص فقال: أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: مرحبا بك. فقال: قال لي في النوم: امض إلى الفراوي وقل له: قدم بلدكم رجل شامي أسمر اللون يطلب حديثي فلا تمل منه. قال القزويني: فوالله ما كان الفراوي يقوم حتى يقوم الحافظ. ولم تقتصر رحلته وطوافه في بلاد خراسان على الدرس والتلقي والسماع إنما حدث في أصبهان ونيسابور وسمع منه جماعة من الحفاظ ممن هو أسن منه.

ودامت رحلته في بلاد العجم أربع سنوات، قضاها في ملازمة العلماء والفقهاء والمحدثين متتبعا الحديث معتنيا بطرقه ورواته ورواياته وأسانيده، فتعب في جمعه وبالغ في طلبه حتى أنه جمع ما لم يجمعه أحد، وعاد إلى بغداد ومنها قفل إلى دمشق.

هاتان الرحلتان إلى بلاد العجم وخراسان ومراكزها العلمية الكبيرة وإلى العراق وبلاد الحجاز سمحتا له بلقاء كبار الشيوخ وأعيان العلماء والفقهاء والمحدثين حيث سعى في التحصيل عليهم والإفادة منهم، فحفظ وكتب الكثير، وقد التقى بأكثر من 1300 شيخ ومن النساء بضع وثمانين امرأة. يقول الذهبي في سير الأعلام: "وعدد شيوخه في معجمه ألف وثلاثمائة شيخ بالسماع وستة وأربعون شيخا أنشدوه وعن مئتين وتسعين شيخا بالإجازة الكل في معجمه وبضع وثمانون امرأة لهن معجم صغير سمعناه".

عودته إلى دمشق..مرحلة جديدة:
كان ابن عساكر ابن أربع وثلاثين سنة لما عاد إلى دمشق وقرر الاستقرار فيها، وذلك بعد أن حقق قدرا عاليا من بناء شخصيته العلمية والفقهية، وبعد أن ذاع صيته وانتشرت أخباره وتناقل العلماء أخبار فطنته وسعة حفظه وإتقانه وتردد اسمه في مختلف الآفاق، قال أبو المواهب: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة من لزوم الصلوات في الصف الأول إلا من عذر، والاعتكاف في شهر رمضان وعشر ذي الحجة وعدم التطلع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة وأباها بعد أن عرضت عليه، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم. قال لي: لما عزمت على التحديث -والله المطلع- أني ما حملني على ذلك حب الرياسة والتقدم، بل قلت: متى أروي كل ما سمعت؟ وأي فائدة من كوني أخلفه صحائف؟ فاستخرت الله واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد وطفت عليهم فكلهم قالوا: من أحق بهذا منك؟ فشرعت منذ 533هـ / 1138م.

هذه المرحلة في حياة ابن عساكر هي الأكثر سعة ورحابة وقد امتدت على مدى عمره، وفيها انتهت إليه رياسة المذهب وبات -كما يقول عنه ابن النجار: "إمام المحدثين في وقته ومن انتهت إليه الرياسة في الحفظ والإتقان والمعرفة التامة بعلم الحديث والثقة والنبل وحسن التصنيف والتجويد، وأخذ بعدما ملاته الثقة والاعتزاز بما حمله وحفظه أخذ يملي ويحدث ويصنف، حيث كان بارعا في معرفة الحديث ومعرفة رجاله وهذا ما جعله ينصرف بكليته الى الالتزام بما قرره من التحديث والرواية".

يقول ولده بهاء الدين الحافظ أبو محمد القاسم: قال لي أبي: لما حملت بي أمي رأت في منامها قائلا يقول لها: تلدين غلاما يكون له شأن، فإن الله تعالى يبارك لك والمسلمين فيه. وصدقت اليقظة منامها ونبهه السعد، فأسهره الليالي في طلب العلم وغيره سهرها في الشهوات أو نامها وكان له الشأن العظيم والشأو الذي يجل عن التعظيم.

مؤلفات ابن عساكر:
ثم انصرف الحافظ ابن عساكر إلى الجمع والتصنيف والرواية والتأليف وهذا يتطلب إلى جانب التزامه بالقيام بواجباته العبادية تخليا عن العمل لتحصيل الأملاك والمنافع وبناء الدور إلى المواظبة على طاعة الله وعدم التطلع إلى أسباب الدنيا وإعراضه عن المناصب الدينية كالإمامة والخطابة بعد أن عرضتا عليه، وانكب على التصنيف فصنف التصانيف المفيدة وخرج التخاريج، وكان حسن الكلام على الأحاديث محظوظا في الجمع والتأليف.

ويتضمن ثبت الكتب التي نقلها المؤرخون لحياته عنه ما يزيد على الستين كتابًا. وإذا استثني تاريخ دمشق، فإن معظم مؤلفاته في الحديث وبعضها في الفضائل. ومنها:

تاريخ دمشق - الاجتهاد في إقامة فرض الجهاد وهو أربعون حديثا - أربعون البلدان - أربعون حديثا من أربعين شيخا من أربعين مدينة - أربعون المصافحات - الأحاديث الخماسيات وأخبار ابن أبي الدنيا - الاحاديث المتخيرة في فضائل العشرة في جزءين - أمالي في الحديث - تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى أبي الحسن الأشعري - ثواب الصبر على المصاب بالولد - الزهادة في بذل الشهادة في مجلد - سباعيات في الحديث - غرائب مالك عشرة أجزاء - فضل أصحاب الحديث - كتاب فضل مكة - كتاب فضل المدينة - كتاب فضل قريش والأنصار والأشعريين وذم الرافضة - كتاب ذم قرناء السوء - كتاب ذم من لا يعمل بعلمه - كتاب في الصفات - كتاب طرق قبض العلم - كتاب فضائل الصديق - كتاب العزلة - كتاب كشف المغطى في فضل الموطا - كتاب ذكر البيان في فضائل كتابة القرآن - كتاب دفع التثريب على من فسر معنى التثريب - كتاب حلول المحنة بحصول الابنة - - كتاب الجواهر واللآلئ في الأبدال العوالي - معجم الصحابة - ترتيب الصحابة في مسند أحمد - معجم النسوان (كتاب من سمع منه من النسوان) – وغيرها الكثير.

فهذا الجهد أمضى أبو القاسم طيلة حياته في بذله، حيث اشتهر اسمه في الأرض، ولم يكن له نظير في زمانه من حيث سعة علمه ودأبه على العمل. ولم يزل طول عمره مواظبا على صلاة الجماعة ملازما لقراءة القران مكثرا من النوافل والأذكار والتسبيح أناء الليل وأطراف النهار وكان يختم كل جمعة، ولم ير إلا في اشتغال يحاسب نفسه على ساعة تذهب في غير طاعة.

في دار الحديث النورية:
وبقي ابن عساكر رحمه الله منكبا على التأليف والتصنيف والتدريس، وحملت مكانته الرفيعة الملك العادل نور الدين زنكي (ت 569هـ /1173م) على العناية به، فبنى له دار الحديث النورية، وانصرف ابن عساكر إلى التدريس فيها حتى وفاته، غير متطلع إلى زخرف الدنيا ولا ناظر إلى محاسن دمشق ونزهها، بل لم يزل مواظبا على خدمة السنة والتعبد باختلاف أنواعه: صلاة وصياما واعتكافا وصدقة ونشر علم وتشييع جنائز وصلات رحم إلى حين قبض.

مكانة أبي القاسم بن عساكر وما قيل فيه:
يقول السبكي: هو الشيخ الإمام، ناصر السنة وخادمها وقامع جند الشيطان بعساكر اجتهاده وهادمها، إمام أهل الحديث في زمانه وختام الجهابذة الحفاظ، ولا ينكر أحد منه مكانة مكانه، محط رحال الطالبين وموئل ذوي المهم من الراغبين، الواحد الذي أجمعت عليه الأمة والبحر الذي لا ساحل له.

ويقول ابن خلكان: كان محدث الشام في وقته ومن أعيان الفقهاء الشافعية، غلب عليه الحديث فاشتهر به وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره. قال سعد الخير: ما رأيت في سن ابن عساكر مثله. وقال شيخه الخطيب أبو الفضل الطوسي: ما نعرف من يستحق هذا القلب سواه (يعني لفظة الحافظ).

وقال فيه الشيخ النووي: هو حافظ الشام بل هو حافظ الدنيا الإمام مطلقا الثقة الثبت. وقال ابن الدبيثي: أحد من اشتهر ذكره وشاع علمه وعرف حفظه وإتقانه. وقال أيضا: أبو القاسم ختم به هذا الشأن ولم يخلف بعده في الحديث مثله ولا أرى مثل نفسه في معرفة الحديث ومعرفة رجاله. وقال الذهبي في السير: وبلغنا أن الحافظ عبد الغني المقدسي بعد موت ابن عساكر نفذ من استعار له شيئا من تاريخ دمشق، فلما طالعه انبهر لسعة حفظ ابن عساكر، ويقال: ندم على تفويت السماع منه فقد كان بين ابن عساكر وبين المقادسة واقع -رحم الله الجميع.

من ألقاب ابن عساكر:
تعددت ألقاب الحافظ ابن عساكر رحمه الله، ومنها: ثقة الدولة، وصدر الحفاظ، وناصر السنة، وجمال السنة، والثقة. وجميعها تؤكد مكانته وعلمه وثقة العلماء والناس بحديثه وروايته. أما لقبه: "ابن عساكر" فيقول السبكي: ولا نعلم أحدا من جدوده يسمى عساكر، وإنما هو اشتهر بذلك. يقول الذهبي في السير: فعساكر لا أدري لقب من هو من أجداده أو لعله اسم لأحدهم. وأول من أثبت هذا اللقب ابن الجوزي، قال: علي بن الحسن بن هبة الله أبو القاسم الدمشقي المعروف بابن عساكر.

من شعر ابن عساكر:

وللحافظ أبي القاسم بن عساكر شعر كثير، قلما أملى مجلسا إلا ختمه بشئ من شعره، من أشعاره:

ألا إن الحديـــــــث أجل علم *** وأشرفه الأحاديث العوالي
وأنفع كـل نــوع منه عندي *** وأحسنه الفوائد والأمالي
فإنك لــن ترى للعلم شيئا *** تحققه كأفواه الرجــــال
فكن يا صاح ذا حــرص عليه *** وخذه عن الشيوخ بلا ملال
ولا تأخذه من صــحـف فترمى *** من التصحيف بالداء العضال

ومن شعر الحافظ أبي القاسم بن عساكر أيضًا:

أيا نفس ويحك جاء المشيب *** فماذا التصابي وماذا الغزل
تولى شبابي كأن لم يــــكن *** وجاء مشيبي كأن لم يزل
كأني بنفسي على غـــــــرة *** وخطب المنون بها قد نزل
فياليت شعري ممن أكون *** ومــــا قدر الله لي بالأزل

وفاة ابن عساكر:
توفي ابن عساكر رحمه الله في ليلة الاثنين حادي عشر شهر رجب سنة 571هـ / 1176م، وعندما حضرته الوفاة سار السلطان صلاح الدين الأيوبي في جنازته، وصلَّى عليه القطب النيسابوري، ودفن عند أبيه بمقبرة باب الصغير، شرقي الحجرة التي فيها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.

قال العماد الأصفهاني: "وكان الغيث قد احتبس في هذه السنة، فدر وسمح عند ارتفاع نعشه، فكأن السماء بكت عليه بدمع وبله وطشّه".

المصادر والمراجع:
- عمرو بن غرامة العمروي: مقدمة تحقيق كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عام النشر: 1415هـ / 1995م.

- ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة: الأولى، 1412هـ / 1992م.

- ياقوت الحموي: معجم الأدباء، تحقيق: إحسان عباس، الناشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة: الأولى، 1414هـ / 1993م.

- ابن خلكان: وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس، الناشر: دار صادر – بيروت.
- السبكي: طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي د. عبد الفتاح محمد الحلو
الناشر: هجر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة: الثانية، 1413هـ.

- الذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط
الناشر : مؤسسة الرسالة، الطبعة: الثالثة، 1405هـ / 1985 م.

- ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب في أخبار من ذهب، تحقيق: محمود الأرناؤوط، خرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط، الناشر: دار ابن كثير، دمشق – بيروت، الطبعة: الأولى، 1406هـ / 1986م.
- صلاح الدين المنجد: المجلدة الأولى من تاريخ تدمشق.



 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


1 + 4 =

/300
  صورة البلوك راديو الشفاء للرقية

راديو الشفاء للرقية الشرعية

راديو الشفاء للرقية مباشر

  صورة البلوك جديد الاناشيد الاسلامية

  صورة البلوك جديد القرآن الكريم

  صورة البلوك جديد الكتب