قالت صحيفة ليبيراسيون Libération الفرنسية إن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وجدت، بعد 15 عاما من اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، أن واحدا فقط من المتهمين الـ4 مذنب بارتكاب جريمة القتل،
واستبعدت أي تورط مباشر لحزب الله والنظام
السوري.
وفي مقال مشترك، قالت الكاتبتان هالة قضماني وكلوتيلد بيغو إنه كان من المتوقع أن يشكل حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الذي صدر أمس الثلاثاء تفجيرا ضخما، إلا أنه تبين أن الموضوع كان لعبة نارية متفجراتها مبللة، حيث لم يتم تحديد أي تورط مباشر لحزب الله أو قادة النظام السوري في انفجار السيارة المفخخة الذي أودى بحياة 21 شخصا في وسط بيروت.
وهذا -تقول الكاتبتان- بعد أكثر من 15 عاما على الأحداث، بما في ذلك 11 عاما من التحقيق الذي قادته المحكمة الدولية الأولى من نوعها والمسؤولة عن تحقيق العدالة لضحايا جرائم الإرهاب بتكلفة مليار دولار، صدر حكم من 2600 صفحة، لا يحدد رعاة ولا منفذي هجوم السيارة المفخخة، وبالتالي لن يعرف أحد اسم الانتحاري الذي كان يقود السيارة التي انفجرت أثناء مرور موكب رئيس الوزراء السابق في قلب العاصمة اللبنانية.
ووصف المحققون القائد العسكري لحزب الله مصطفى بدر الدين أنه "العقل المدبر" للعملية لكنه قتل في هجوم بسوريا عام 2018، وبالتالي فإنه لم ولن يحاكم، كما اختفى أيضا منذ ذلك الحين العديد من المشتبه بهم والشهود على الهجوم، خلال سنوات من الدراما السياسية العسكرية التي تخللتها ادعاءات كاذبة وشهادات زور.
وفي النهاية أدين سليم عياش (56 عاما) المحسوب على حزب الله بتهمة "التآمر لارتكاب عمل إرهابي، والقيام بعمل إرهابي عن طريق المتفجرات، وبالقتل العمد لرفيق الحريري مع سبق الإصرار، وكذلك القتل العمد لـ21 شخصا مع سبق الإصرار" كما قال رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي ديفيد ري.
مراعاة المصالح المتضاربة
"كل هذا من أجل هذا". كما لخص كريم بيطار أستاذ العلوم السياسية في بيروت أنه "حكم يراعي تضارب المصالح بعض الشيء، من حيث الحرص على وجود دافع سياسي، ولكن دون دليل على تورط حزب الله أو النظام السوري. وبالنظر إلى الوضع الحالي في لبنان، يبدو هذا الحكم حكيما نوعا ما بالنسبة لي، إذ على اللبنانيين الآن أن يواجهوا الأزمة الاقتصادية ونتائج التفجيرات في مرفأ بيروت".
ومع أن معارضي حزب الله، المتهم بأنه مسؤول عن وجود 2750 طنا من نترات الأمونيوم التي انفجرت في الميناء قبل أسبوعين، كانوا يتوقعون أن يصدر حكم يُلحق المزيد من الضرر بالحركة الشيعية -حسب الكاتبتين- فإن سكان بيروت أظهروا هدوءا وتقبلا لما صدر بعد ظهر أمس الثلاثاء.
يصرخ سائق التاكسي الثلاثيني علي "لا عدالة في لبنان على أي حال، سواء كانت المحكمة الخاصة بلبنان أو انفجارات المرفأ فلن يعرف أحد من المسؤول"، كما يقول الستيني أديب "الله وحده يعلم من فعل هذا، ويعاقبه الله".
ولم يتوقع أحد شيئا من هذه المحاكمة في الأحياء الشيعية بالعاصمة، حيث قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي يستمع له كثيرون في هذه الأحياء "إن المحكمة الخاصة بلبنان منحازة ولها أجندة سياسية".
حكومة جديدة
وصرح سعد نجل رفيق الحريري الذي سافر لحضور الحكم للصحفيين أمام مقر المحكمة الخاصة بلبنان في هولندا بأن "المحكمة حكمت، ونيابة عن عائلة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وباسم أهالي الشهداء والضحايا، قبلنا قرار المحكمة".
وختمت الصحيفة بأن سعد الحريري وبعد أن خلف والده في رئاسة الحكومة اللبنانية 3 مرات في السنوات الـ10 الماضية، يقترب مرة أخرى من تشكيل حكومة إنقاذ وطني محتملة، لإخراج لبنان من الأزمة متعددة الجوانب التي يعاني منها الآن.
المصدر : ليبيراسيون