الجماعة الإسلامية وصعود نجم الأخوان في المنطقة

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
الجماعة الإسلامية وصعود نجم الأخوان في المنطقة

   الكاتب :

 

 الزوار : 7213   الإضافة : 2012-01-08

 

لا يخفى أن نجم "الأخوان المسلمين" في سطوع هذه الأيام، لدرجة القول إن "الربيع العربي" تحول إلى "ربيع إسلامي" أو "ربيع عربي برايات إسلامية"، وذلك بعد ظهور الصعود الشعبي الكبير للتيار الإسلامي؛ "الأخواني" منه تحديداً، في دول الثورات العربية الخمسة؛ مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا، فضلاً عن دول لم تشهد ثورات وإنما إصلاحات كالمغرب مثلاً.

"الجماعة الإسلامية" وصعود نجم "الأخوان" في المنطقة

فادي شامية

لا يخفى أن نجم "الأخوان المسلمين" في سطوع هذه الأيام، لدرجة القول إن "الربيع العربي" تحول إلى "ربيع إسلامي" أو "ربيع عربي برايات إسلامية"، وذلك بعد ظهور الصعود الشعبي الكبير للتيار الإسلامي؛ "الأخواني" منه تحديداً، في دول الثورات العربية الخمسة؛ مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا، فضلاً عن دول لم تشهد ثورات وإنما إصلاحات كالمغرب مثلاً.

هذا الصعود الكبير، والذي أوصل "الأخوان" –أو يكاد- إلى سدة الحكم في عدد كبير وهام من البلدان العربية، لا بد أن تكون له انعكاسات كبيرة على "الأخوان المسلمين" في لبنان أي "الجماعة الإسلامية".

والحاصل؛ أن قيادات وقواعد "الجماعة" تشعر بنشوة كبيرة هذه الأيام، وارتفاع كبير في المعنويات، ورغبة في صرف هذا السطوع "الأخواني" في الداخل اللبناني، أو بمعنى أدق؛ الشعور بحماسة كبيرة لتقليد النجاح "الأخواني" الخارجي في لبنان. وإذا كان هذا الشعور طبيعياً من حيث المبدأ، إلا أن تنزيله على الواقع اللبناني أمر يحتاج إلى نظر لاعتبارات أهمها:

أولاً: طبيعة المجتمع اللبناني المتعدد والمنفتح أكثر من أي مجتمع آخر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن البلدان الثلاثة التي شهدت ثورات وأتبعها سطوع لنجم "الأخوان"؛ تونس ومصر وليبيا، هي بلدان مسلمة على مذهب أهل السنة، بنسبة كاملة تقريباً (تونس وليبيا) أو بنسبة كبيرة (مصر).

ثانياً: ارتبط الصعود الإسلامي في الدول العربية بعاملين اثنين؛ القمع والثورة، فحيثما كان القمع غابت الحركة الإسلامية، لكنها اكتسبت عطفاً إضافياً، وحيثما وقعت الثورة أقبل الناس على الإسلاميين، لأنهم يريدونهم أصلاً وكردة فعل على الظلم الذي وقع عليهم تالياً، فضلاً عن أن "الأخوان" هم في طليعة القوى المنظمة في أي مجتمع، لأسباب بنيوية. هذا الواقع (القمع والثورة) غير موجود في لبنان، صحيح أن النظام السياسي مريض، لكن لا يمكن القول إن النظام في لبنان قمعي أو أنه غير منتخب بإرادات الناس، وتالياً؛ فإن استنساخ تجارب إسلاميين آخرين غير صحيح في لبنان لاختلاف المعطيات.

ثالثاً: حظيت "الجماعة الإسلامية" في لبنان بظروف انتخابية عادية، وفي دورات متعددة. صحيح أن هذه الظروف لم تكن في صالحها (الوجود السوري المعادي لـ "الأخوان"، ثم الصعود الكبير لتيار "المستقبل" بعد اغتيال الرئيس الحريري)، إلا أنه لا يمكن القول إن النظام زوّر الانتخابات بالكامل -كما حصل في مصر على سبيل المثال في الانتخابات العامة الأخيرة قبل الثورة-، وتالياً؛ فإنه لا انتقال من غياب لـ "الديمقراطية" إلى اعتماد لـ "الديمقراطية" في لبنان، بل إن شئنا الدقة قلنا: إن الإسلاميين في لبنان مرشحون للانتقال من أجواء غير مساعدة إلى أجواء ديمقراطية مساعدة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الحالة الإسلامية السنية في لبنان لا يمكن اختصارها بـ "الأخوان"، وإن كانوا الجزء الأهم فيها.

هل يعني هذا التحليل أن "أخوان" لبنان لن يستفيدوا من النجاحات التي يحققها أخوانهم في الخارج؟ الجواب بالطبع أنهم سيستفيدون، بل الواجب عليهم أن يستفيدوا، وأن يزيدوا حجمهم التمثيلي، ولكن سقف الآمال لا بد أن يكون على قياس المعطيات اللبنانية. على أنه في التحليل الموضوعي؛ فإن عقلنة التوقعات هي حاجة ومصلحة لـ "الجماعة" نفسها، لسببين على الأقل:

أولاً: كي لا يصاب جسم "الجماعة" العام بإحباط، عندما يقارن إنجازاته الانتخابية القادمة بإنجازات "أخوانه" في الخارج، دون أن يأخذ بعين الاعتبار فارق المعطيات.

ثانياً: لأن خصوم تيار "المستقبل" عجلوا في سعيهم لتخويفه من "الجماعة"، على أنها الوريث له في الشارع السني، بقصد توتير العلاقات في الشارع الواحد، وإضعاف التنظيمين معاً، استناداً إلى ضخ تخمينات ليست واقعية؛ أقله في المدى المنظور.

وبناءً لهذا التحليل الموضوعي إياه، فإن ما ستجنيه "الجماعة" من الصعود "الأخواني" في الخارج يرتكز على المحاور الآتية:

أولاً: تحسين القدرة التمثيلية لـ "الجماعة" في أي انتخابات قادمة، مدفوعاً بعاملين؛ المعنويات العالية، والمد الإسلامي العام في المنطقة كما لبنان (بمعنى إقبال الناس على الإسلاميين).

ثانياً: تحسين الوضعية العامة لـ "الجماعة" لجهة العلاقات السياسية، باعتبارها مدخلاً إجبارياً لأية قوى لبنانية تود الانفتاح على "الأخوان" في الخارج، إذ من طبيعة الأمور أن تتبادل التنظيمات "الأخوانية" الآراء والمعلومات مع بعضها بعضاً، وأن تضع تصوراً مشتركاً للعلاقة بين أي تيار أو حزب راغب بالتواصل مع تنظيم "أخواني" آخر.

ثالثاً: تطور خطاب "الجماعة" نفسها -ولعل ذلك واجب أكثر من وضعية- بمعنى أن "الجماعة" لم تعد اليوم تنظيماً في مدرسة تجمع عناصر عقدها العالمي؛ الاضطهاد، وإنما باتت تنظيماً في منظومة فكرية وصل بعض أهم تنظيماتها إلى الحكم، وهي تالياً معنية بانفتاح أكبر، ومرونة سياسية أعلى، وقدرة أشد على رصد وصد الهجمات وتشويه السمعة المبكر الذي يتعرض له الإسلاميون عموماً.

في مطلق الأحوال؛ فإن مرحلة الصعود الإسلامي في المنطقة بالشكل الذي نراه، يشكل تحدياً كبيراً للإسلاميين قبل خصومهم، وربّ منحة حُكم أشد وأخطر من محنة حاكم... و"أخوان" لبنان غير بعيدين عن هذا التحدي، لأن إمكانية التقدم أمامهم مرهونة بحسن الأداء، وإحسان العمل.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


8 + 6 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع