إطلاق مجموعة من الموقوفين الإسلاميين

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
إطلاق مجموعة من الموقوفين الإسلاميين

   الكاتب :

 

 الزوار : 2633   الإضافة : 2011-07-21

 

قارب النظام السوري، أثناء وجود جيشه في لبنان، ملف المجموعات الإسلامية المتطرفة، بما يحقق له مصالحه السياسية؛ فكان يترك المجال لعمل هذه المجموعات حيناً، ويطبق عليها حيناً آخر. يستفيد من وجودها سياسياً، فيخيف الفئات اللبنانية بعضها من بعض، ثم يقبض على أفرادها –وعلى أبرياء أيضاً- ليُظهر للبنانيين والعالم أنه الضامن في وجه التطرف والإرهاب.

إطلاق مجموعة من الموقوفين الإسلاميين:

فصل جديد من التوظيف السياسي!

فادي شامية

قارب النظام السوري، أثناء وجود جيشه في لبنان، ملف المجموعات الإسلامية المتطرفة، بما يحقق له مصالحه السياسية؛ فكان يترك المجال لعمل هذه المجموعات حيناً، ويطبق عليها حيناً آخر. يستفيد من وجودها سياسياً، فيخيف الفئات اللبنانية بعضها من بعض، ثم يقبض على أفرادها –وعلى أبرياء أيضاً- ليُظهر للبنانيين والعالم أنه الضامن في وجه التطرف والإرهاب. وعند الضرورة كان ينسب النظام الأمني- الذي كان قائماً- أفعاله القذرة لمجموعات إسلامية متطرفة، أو يصدّرها، أو يسهّل لها الانتقال، أو يحرّضها على القيام بالفعل الذي يرغب، بدعاوى دينية مختلفة.

الأمثلة على هذه المقاربة كثيرة ومعروفة، لكن ما ينبغي التوقف عنده أن "حزب الله" الذي قرر في العام 2005 أن يغطي الفراغ الذي تركه انهيار النظام الأمني الذي كان قائماً، أخذ – ومنذ ذلك الحين- يلعب الدور نفسه في مقاربته لملف المجموعات الإسلامية المتشددة، وليس الاستثمار السياسي للإفراج عن مجموعة نبيل رحيم (تضم إلى رحيم كل من: سمير الأيوبي وعثمان التركماني) وعدد آخر من الموقوفين الإسلاميين مؤخراً إلا شاهداً إضافياً على ذلك.

من الاتهام بالحماية إلى الاتهام بعدم الإفراج!

غداة عرض التلفزيون الرسمي السوري "اعترافات" نحو عشرة أشخاص، بينهم وفاء شاكر العبسي، في 8/1/2008، سارع إعلام "حزب الله" وحلفائه إلى تبني الرواية الرسمية السورية التي أوردها الموقوفون، والتي كانت غايتها الأساس ربط تيار "المستقبل" بـ "فتح- الإسلام" وبالتفجير الذي وقع على طريق مطار دمشق في شهر أيلول 2008، والذي قيل يومها إنه كان يستهدف فرع فلسطين في الاستخبارات العسكرية السورية.

في هذا الشريط تولى شخص سوري اسمه عبد الباقي الحسين (أبو الوليد) سرد الجوانب الأساسية من الرواية، شارحاً كيف تشّرب الأفكار المتطرفة، وكيف تدرّب أمنياً، ما أدى إلى ملاحقته في سوريا، ففر إلى طرابلس وهناك تعرّف على أشخاص على صلة بتنظيم "القاعدة"، أبرزهم نبيل رحيم (أبو محمد)، الذي وصفه بأنه "أحد مسؤولي تنظيم القاعدة في شمال لبنان"، (وذكر اسم سمير الأيوبي أيضاً وكلاهما أوقفا من خلال "شعبة" المعلومات التي كانت تبحث عنهما- ومخابرات الجيش- قبلاً بدعوى تشكيل عصابة مسلحة).

في 11/1/2008 بث إعلام "حزب الله" والإعلام العوني، بتوافق كبير بينهما، تقارير عن "الصيد الثمين" الذي أوقف، بتعاون مخابراتي سوري، والذي يُفترض أنه سيكشف "تورّط تيار المستقبل بدعم وتمويل فتح الإسلام"، لأن الموقوف هو "أحد حلقات القيادة والربط بين مجموعات وخلايا القاعدة في لبنان ومن بينها "فتح- الإسلام"! (صحيفة السفير، ونشرتا أخبار المنار والـ otv في 11/1/2008).

وفي وقت لاحق؛ تركز إعلام "حزب الله" وحلفائه على اتهام تيار "المستقبل" وتالياً "شعبة" (باعتبارها تابعة للتيار وفق دعاية هذا الفريق) بتعمد ترك بعض المطلوبين أحراراً، ومنهم رحيم (كانت "شعبة" المعلومات تلاحقه قبل ظهور فيلم الاعترافات السوري بعد ورود معلومات عن استضافته أحد قيادات "القاعدة" السعودي عبد الرحمن اليحيى، -اسمه الحركي طلحة- في منزله).

أمضى رحيم في السجن ثلاث سنوات وسبعة أشهر، من أصل خمس سنوات حُكم بها، وخرج قبل أيام بعد تمييز الحكم الصادر بحقه، حيث لم يُدَن بالانتماء لـ "القاعدة" –خلافاً لما كان يشاع حوله- وإنما بثلاثة ملفات متشابهة حول تشكيله "عصابة مسلحة" بهدف "الدفاع عن أهل السنة في لبنان"، وقد أُدغمت الملفات الثلاثة، بملف واحد، ولمّا كان أمضى ثلاثة أرباع العقوبة الأصلية (تسعة أشهر من كل سنة)، فقد وافقت رئيسة محكمة التمييز العسكرية، القاضية أليس شبطيني، على إخلاء سبيله بكفالة مالية -وسمير الأيوبي وعثمان التركماني- ريثما يبت بالتمييز.

وبعد إخلاء السبيل؛ انتقلت دعاية "حزب الله" و-حلفائه السنّة هذه المرة- من اتهام تيار "المستقبل" بالضغط على الأجهزة الأمنية لعدم القبض على هؤلاء إلى اتهام تيار "المستقبل" بعدم الجدية في الضغط على القضاء للإفراج عنهم!، في تناقض واضح، واستغلال فاضح، لمأساة الموقوفين الإسلاميين، الذين يُحرض عليهم عند الحاجة ويُتعاطف معهم عند الحاجة! (قبل عدة أشهر بث الإعلام العوني تقارير كثيرة عن "الموقوفين الإسلاميين الذين يقيمون في رومية كمن يقيم في فندق خمس نجوم").

استغلال سياسي

بعد إطلاق رحيم وصاحبيه؛ وزّع "حزب الله" خبراً جاء فيه: "أنه تم الإفراج عن الموقوفين الإسلاميين الثلاثة: نبيل رحيم وسمير الأيوبي وعثمان التركماني... وذلك بعد سنوات من التوقيف السياسي، بُذلت -وعلى مدى أعوام- جهود مضنية في العمل على إطلاق سراحهم، بعدما تأكد بأن سبب عدم الإفراج عنهم زمن حكم الرئيس السابق سعد الحريري يعود إلى عدم تعاون قادة القوى السلفية مع مشروع الحريري ولمخالفتهم في الرأي والمعتقد. والمفرج عنهم عدد من كوادر التيار السلفي، الذين تم توقيفهم بتهم ما يسمى بتنظيم القاعدة وفتح الإسلام وهؤلاء كانوا اعتقلوا على يد عناصر فرع المعلومات بتهم نسبت إليهم بأنهم يعملون على تجنيد العناصر، واستئجار الشقق السكنية في لبنان". (موقع إذاعة النور- حركة التوحيد- تيار المردة...).

وفي موقف يمثل ذروة الاستغلال السياسي لقضية الموقوفين الإسلاميين زار أمين عام "حركة التوحيد الإسلامي" بلال شعبان على رأس وفد من الحركة، الشيخ رحيّم، مباركاً له إطلاقه، ومعلناً الآتي: "يجب أن نستبدل أكثرية سجن رومية (تيار المستقبل) بالأكثرية الحكومية (الأكثرية الجديدة)، التي تريد أن تُعيد طرابلس إلى وجهها الحقيقي"!. (موقع حركة التوحيد الإسلامي-جناح شعبان).

هذا، مع الإشارة إلى أن رحيم وصل إلى بيته في سيارة تابعة للرئيس نجيب ميقاتي، فيما نشرت وسائل الإعلام المؤيدة له، على لسان بعض أهالي الموقوفين الإسلاميين، أننا "قصدنا فؤاد السنيورة وسعد الحريري ولم يتجاوبا... إلى أن تجاوب نجيب ميقاتي معنا أخيراً"، فضلاً عن كتابات تهاجم النائب السابق مصطفى علوش، لإضاءته على الاستغلال السياسي لملف الموقوفين الإسلاميين!.

وقائع إضافية

الاستغلال السياسي لملف نبيل رحيم ليس الأول، فثمة ملف آخر فاقع هو ملف عمر بكري، (يمجد علناً "القاعدة" وأحداث 11 أيلول) الذي استنجد بالسيد حسن نصر الله لينقذه من المحكمة العسكرية التي أحيل إليها بعد توقيفه من قبل "شعبة" المعلومات، وبالفعل فقد استجاب نصر الله فأوكل له محامياً أحد نواب الحزب، فأُخلي سبيله بعد وقت قصير على توقيفه. ومنذ ذلك التاريخ انقلبت مواقف الرجل؛ من تكفير الشيعة إلى الثناء على "حزب الله" والادعاء أنه من "شيعة الحسين"، ومن تحريض الشباب على "الدفاع عن أهل السنة" إلى مهاجمة المحكمة الدولية باعتبارها "حكماً بغير ما أنزل الله"، ومن مهاجمة الطواغيت إلى دعم النظام السوري ومهاجمة تيار "المستقبل".

على أي حال؛ فإن ملف عمر بكري بالذات يثبت، بما لا يترك مجالاً للشك مدى نفوذ "حزب الله" على المحكمة العسكرية، ما يناقض الأخبار التي يبثها "حزب الله" عن توجيه تيار "المستقبل" للقضاء لـ "عدم الإفراج عن الموقوفين الإسلاميين في زمن حكومة الحريري".

كما يثبت أيضاً الاستغلال الرخيص لملف الموقوفين الإسلاميين، حيث تُرك أمر التهجم عليهم وعلى أوضاعهم للتيار العوني، قبل أن يصبح "التعاطف" معهم ملفاً سياسياً في يد "حزب الله" وحلفائه السنة، في حين أن ما طلبه أهالي هؤلاء لم يكن إلا العدالة المتمثلة بحاكمة المتورط وتبرئة البريء، وقد كان هذا عنوان التحركات كلها.

وللتذكير؛ فإن تحركات أهالي الموقوفين كانت تحظى بدعم تيار "المستقبل" بوضوح، رغم مخاطر اتهام "المستقبل" بـ "دعم الإرهاب"، وفق المهمة التي قام بها -إلى وقت قريب- تيار العماد ميشال عون بغطاء من "حزب الله". ودعم "المستقبل" للمطالب المحقة للأهالي لم تتمثل بالاهتمام بالجانب الإنساني لعائلات الموقوفين فقط، وإنما بتبني الظلامة، وبمراجعة مدعي عام التمييز في حالاتٍ أمضت مدداً زمنية تعادل أو تزيد على المدة التي يمكن أن يصدر الحكم بها (نحو 36 حالة)، وقد حصل أكثر من اجتماع في مكتب القاضي سعيد ميرزا حول الموضوع، بحضور أمين عام تيار "المستقبل" أحمد الحريري، والنائب خالد ضاهر، والمحامي محمد المراد (تتحدث المعلومات اليوم عن قرب الإفراج عن آخر أعضاء هذه المجموعة التي اعتقلت على أساس علاقتها بـ "فتح الإسلام" ولم تشارك بقتال الجيش، لأنها أمضت أكثر من ثلاث سنوات، وهي المدة الأقصى للعقوبة).

يبقى أن نشير إلى أن إخلاء سبيل عدد من الموقوفين، بناءً لتمييز الحكم، وبعد إمضائهم ثلاثة أرباع الحكم، ليس جديداً، وقد أخلى القضاء العدلي سبيل أشخاص سبق أن أدينوا، دون أن تحصل الضجة الإعلامية والاستغلال السياسي الحاصل اليوم ( على سبيل المثال لا الحصر؛ أُطلق سراح مجموعة الخمسة التي أدينت باستهداف الجيش في صيدا بعد قضاء ثلاثة أرباع المدة، وبعض أفراد مجموعة الـ 13، دون ضجيج).

وعلى أمل أن لا يُجيّر أيضاً الإفراج عن أفراد مجموعة تفجير الماكدونالز، الذين سيطلق سراحهم في الساعات القليلة القادمة، بعدما أمضوا كامل المدة التي أدينوا بها، باعتبارهم أيضاً من انجازات الأكثرية الجديدة، (نادر الحلاب، وخالد العلي، ومحمد الكعكي، والفلسطيني محمد فندي فلسطيني، واليمن معمر العوامي)، لأن الدعاية السياسية المضللة، وصلت-بهذا الملف تحديداً- إلى حضيض لا يحترم عقول الناس ولا ذاكرتهم.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


5 + 2 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع