لماذا تنصّل المعلّم من اتهام "المستقبل" في حركة الإحتجاجات السورية؟!
فادي شامية-اللواء-
الخميس23 حزيران 2011 الموافق 21 رجب 1432هـ
رغم المواقف الحادة التي أطلقها وزير الخارجية السوري وليد المعلم تجاه أوروبا وأميركا وتركيا وبعض الدول العربية، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الأربعاء 22/6/2011، إلا أنه رفض توجيه الاتهام بالتدخل في الشأن السوري إلى أي طرف لبناني. وقد لفت قول المعلم رداً على سؤال: "كما أرفض أي تدخل خارجي في الشأن السوري؛ أرفض أن أتدخل في الشأن اللبناني"! وفي جوابه عن سؤال آخر قال: "لست في موضع اتهام أحد في لبنان بالضلوع في الفتنة في سوريا"!.
هذه المواقف "الإيجابية" للمعلم؛ تتناقض مع الاتهامات العديدة التي وجهها الإعلام الرسمي السوري لـ "تيار المستقبل" على وجه التحديد. لذا فإن ثمة من يعتبر أن "موادعة" المعلم لـ "تيار المستقبل" خصوصاً، و"14 آذار" عموماً، تعود إلى تغير المشهد اللبناني بعد صدور مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة، برئاسة نجيب ميقاتي، حيث ترغب سوريا في النأي بنفسها عن الحكومة والشأن اللبناني عموماً، لئلا تتحمل أمام المجتمع الدولي أية مسؤولية عن قرارات الحكومة في وقت لاحق، وهذا ما يفسر قول المعلم: "أرفض أن أتدخل في الشأن اللبناني"، وأن "الرئيس الأسد لم يكن لديه وقت لمتابعة الشأن اللبناني"، وأن "الحكومة الجديدة لبنانية مئة بالمئة"، من دون أن يعني ذلك أن سوريا لم تكن وراء تشكيل الحكومة وحل عدد من الإشكالات المتعلقة بها (أثناء إلقاء المعلم كلمته كان النائب طلال أرسلان يجتمع بالرئيس الأسد لحل إشكالية اعتراض أرسلان على تعيينه وزيراً بلا حقيبة في الوزارة)!
والواقع أن أمراً إضافياً –غير الرغبة بعدم فتح اشتباك مع فريق لبناني من منطلق المصلحة السياسية- قد دفع المعلم للتنصل من اتهامات بلاده السابقة لـ "تيار المستقبل"؛ ذلك أن دعاية النظام السوري -واتهامات الإعلام اللبناني المرتبط به- المتعلقة بـ "تيار المستقبل" قد مُنيت بفشل ذريع، بعدما بينت الوقائع كذب هذه الدعاية على الشكل الآتي:
أولاً: بكّر إعلام "حزب الله" في اتهام شريكه في الوطن بالتدخل الميداني في الشأن السوري، حيث ذكرت قناة "المنار" أن السلطات السورية صادرت قوارب انطلقت من طرابلس محملة بالأسلحة. كان ذلك في بدايات الاحتجاجات، ما شكّل إحراجاً للنظام السوري على اعتبار أن الدولة الفاشلة وحدها هي التي تكون حدودها البحرية سائبة على نحو يسمح بوصول الأسلحة بهذا الشكل، الأمر الذي دفع الإعلام الرسمي السوري لتكذيب الخبر، في 30/3/2011، واعتباره جزءاً من "الحملة الإعلامية المغرضة على سورية"!.
ثانياً: في 13/4/2011 بث الإعلام الرسمي السوري ما أسماه اعترافات حول تورط "الأخوان المسلمين" والنائب عن كتلة "المستقبل" زياد الجراح في عمليات قتل مدنيين، لكن الإعلام المرئي العربي والغربي لم يأخذ الموضوع على محمل الجد، فيما رفضت بعض الفضائيات الهامة نشر الشريط (CNN & BBC). وقد ظهر بعد يومين فقط –على إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة- شقيق أحد الذين أظهرهم النظام السوري لتوجيه الاتهام إلى النائب الجراح- ليفيد بأن شقيقه معتقل منذ سنوات في سوريا بتهمة تعاطي المخدرات، ما أسقط صدقية الاعترافات من أساسها.
ثالثاً: في 25/4/2011 تحدثت الصحافة السورية عن إلقاء القبض على النائب في كتلة "المستقبل" عقاب صقر، في مدينة بانياس، بالجرم المشهود، وهو يحرك التظاهرات، لكن صقر ظهر في المساء على فضائية أخبار "المستقبل" معلناً أسفه أن ينحدر مستوى الإعلام الرسمي السوري إلى هذا الفشل، ما سبّب إحراجاً كبيراً لصدقية الإعلام السوري المهتزة أصلاً.
رابعاً: في محاولة جديدة –كانت الأخيرة- لزج تيار "المستقبل" فيما يجري في سوريا؛ عقد الوزير السابق وئام وهاب مؤتمراً صحفياً ليبرز خلاله صور شيكات، صادرة عن الأمير تركي الفيصل لصالح أشخاص سوريين والنائب زياد الجراح والوزير السابق عبد الحميد بيضون، معتبراً أنها دليل على تمويل الاحتجاجات في سوريا، وقد بدا وهاب واثقاً مما يعرض لدرجة أنه رد على تكذيب تركي الفيصل بالقول: "أنت الكاذب"!، لكن لم تمض أكثر 48 ساعة حتى كشفت "شعبة" المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أن الشيكات مزورة، وأن المدعو أمير إبراهيم بيضون، هو من زورها، وقد ألقت القبض عليه واعترف، ما أجبر وئام وهاب على الاعتذار في 30/4/2011، محملاً "الخطأ" إلى من زوده بصور الشيكات!. ولم يمنع ذلك من رفع دعوى قضائية على وهاب.
في الوقائع السابقة كلها ارتدت "الفبركات" على مطلقيها، ما جعل من الصعب التمسك بهذه الدعاية. وإزاء هذا الواقع؛ أليس عجيباً أن يتنصل وزير خارجية سوريا من اتهام أحد في لبنان، ثم يستمر بعض اللبنانيين باتهام شركائهم في الوطن دون دليل؟! وهل أن الكيد السياسي فقط هو الذي يقف وراء هذا سلوك هذا الفريق؟ أم أنه يدخل في إطار اتهام الآخر لأبعاد التهمة عن النفس؟!