14 آذار: المشاركة الحكومية الممنوعة... سلفاً!
فادي شامية - الأربعاء 9 شباط 2011 الموافق 6 ربيع الأول 1432هـ
غداة خروجه من اللقاء البرتوكولي القصير مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، سئل الرئيس سعد الحريري عن موقفه من المشاركة في الحكومة العتيدة، فأجاب: "لشو" (لماذا المشاركة؟). عكس هذا الجواب التلقائي موقفاً مبنياً على فهمٍ عميقٍ لطبيعة وأهداف نقلِ الأغلبية النيابية من جانب إلا آخر، عن طريق الترهيب.
كانت الصورة لدى الرئيس سعد الحريري أوضح من أي وقت مضى، فمن اتخذ قراراً بإزاحته عن رئاسة الحكومة بأي ثمن، بما في ذلك استعمال السلاح، لا يمكن أن يقبل مشاركته في حكومة يحتل فيها الدور نفسه الذي لعبه فريق 8 آذار في الحكومة يوم كان أقلية نيابية، ومن يصف ما جرى بأنه "نهاية عهد الحريرية السياسية" لا يمكن أن تكون لديه النية بالمشاركة، ومن يرغب بالمشاركة الحقيقية لا يستقيل من حكومة كانت تجسد المشاركة، وبوزن زائد أصلاً-لصالح 8 آذار-عن الوزن الذي تقتضيه الشراكة الوطنية الحقيقية.
لأجل ذلك كله، ولأن الرئيس الحريري كان طيلة أشهرٍ خلت، منغمساً في تفاصيل المفاوضات والحوارات المسماة "س-س"، وتالياً هو يدرك ماذا يريد الطرف الآخر، ولأن غالبية وازنة في "تيار المستقبل" رأت أن المشاركة غير الفاعلة في حكومة الرئيس ميقاتي مضرة بالبلد وبـ "14 آذار" نفسها، باعتبار أن ما "كُتب قد كُتب"... كان الجواب الأولي التلقائي، ثم الموقف الأولي المدروس هو "الدفاع عن البلد و14 آذار من خلال المعارضة الحقيقية، دون أي اشتراك في الحكومة".
ومع أن الصورة بهذا الوضوح، والقناعة راسخة بأن "14 آذار" إن أرادت المشاركة في الحكومة بشكل حقيقي –كما كانت مشاركة فريق 8 آذار من قبل- فإن الطرف الآخر لن يقبل، لأن مصلحته ومشروعه يقتضي أن يشكّل حكومة من لون واحد، مطعّمة بمشاركة لأطراف من "14 آذار" (الكتائب منفردة، أو شخصيات سنية تنتمي إلى كتلة "المستقبل" على سبيل المثال بما يفرق جمع هذا الفريق، ويعطي صفة كاذبة حول المشاركة)، وليس لـ "14 آذار" مجتمعة، وإلا فتشكيل حكومة من لون واحد فقط، ومع ذلك كله، فقد ظهر رأي في كتلة "المستقبل" نفسها وفي "14 آذار" عموماً يقول: "تعالوا لنطرح عليهم المشاركة الحقيقية"، فإن قبلوا نكون قد حمينا البلد، -ولو من خلال صيغة هجينة ثبت فشلها في حكومة الرئيس الحريري، باعتبار أنها تبقى أفضل من خيار حكومة اللون الواحد التي قد تتحول إلى حكومة انتقامية-، أما إن رفضوا فنكون قد أقمنا عليهم الحجة، وأثبتنا للبنانيين أن المطالبة بالمشاركة على مدى خمس سنوات سابقة، لم تكن إلا ستاراً لرغبة حقيقية بالاستئثار... وفي كل الأحوال ستنقل هذه الإيجابية في التعاطي الكرة إلى ملعبهم!.
على هذا الأساس صيغت الورقة التي قرأها الرئيس فؤاد السنيورة بعد خروجه -على رأس "كتلة المستقبل"- من لقائه مع الرئيس المكلف، عارضاً فيها المشاركة، بناءً على الالتزام بالبيان الوزاري السابق. وعلى هذا الأساس أيضاً عرض الرئيس أمين الجميل على الرئيس سعد الحريري المفاوضة باسم "14 آذار" لقطع الشك باليقين من حقيقية النوايا، خصوصاً أن أحد أقطاب 8 آذار؛ سليمان فرنجية، عرض في الإعلام على "14 آذار" المشاركة وأخذ "الثلث المعطل" في الحكومة، أسوة بما فعله هذا الفريق في الحكومة السابقة!.
بعد نحو أسبوعين من المراوحة أعلن الرئيس أمين الجميل أمس الأول النتيجة: "المفاوضات وصلت إلى الطريق المسدود"، وأن فريق "8 آذار" أبلغ الرئيس ميقاتي رفضه الموافقة على البند الوارد في الحكومة السابقة فيما يتعلق بالمحكمة الدولية – أو فيما يتعلق بالسلاح-، ورفضه منح تمثيل حقيقي لـ "14 آذار" (الثلث المعطل) في حال التوافق على مشاركتها، بل رفض منحها أية حقيبة سيادية حتى لو تنازلت عن الثلث المعطل!.
هكذا قطعت "14 آذار" الشك باليقين، حول حقيقة نوايا فريق "8 آذار" الذي يقوده "حزب الله"، وهكذا أظهرت للبنانيين جميعاً؛ من يريد المشاركة ويمارسها، ومن يريد الاستئثار ويتدثر بشعار المشاركة... وهكذا بات البلد أمام مرحلة جديدة؛ فهل يقبل الرئيس ميقاتي الاستمرار بما وصفه –هو- مغامرة، ولو حساب البلد، وصلاحيات ودور رئاسة الحكومة، بعدما بات واضحاً أن الحكومة ورئيسها وبيانها وجدول أعمالها يحدده فريق واحد هو "حزب الله"؟!، وهل يقبل رئيس الجمهورية التوقيع على مرسوم تشكيل حكومة تستهدفه في دوره وحجمه... وربما في مدة ولايته؟ فعلاً إنها لحظة الحقيقة –كما وصفتها شقيقة الرئيس الشهيد- والأيام القليلة القادمة ستبدي ما هو مستور، وستزيل اللبس عن كل التكهنات.