وثائق ويكيليكس فضائح حول العالم: كيف نتعاطى معها؟!

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
وثائق ويكيليكس فضائح حول العالم: كيف نتعاطى معها؟!

   الكاتب :

 

 الزوار : 2981   الإضافة : 2010-12-14

 

لم يكن جوليان أسانغ يتصور أن الموقع الذي قرر إنشاءه لـ "حماية حقوق الإنسان"، في العام 2007، سيبلغ هذه الشهرة، وسيتسبب بهذا القدر من الجدل والإشكاليات على مستوى العالم. Wikileaks (ويكيليكس دمج لكلمة "ويكي" أي الباص المتنقل، وكلمة "ليكس" أي "التسريبات") كما يقول القائمون عليه، هو "موقع للخدمة العامة،

وثائق ويكيليكس فضائح حول العالم: كيف نتعاطى معها؟!

فادي شامية - الثلاثاء,14 كانون الأول 2010 الموافق 8 محرم 1432 هـ

لم يكن جوليان أسانغ يتصور أن الموقع الذي قرر إنشاءه لـ "حماية حقوق الإنسان"، في العام 2007، سيبلغ هذه الشهرة، وسيتسبب بهذا القدر من الجدل والإشكاليات على مستوى العالم. Wikileaks (ويكيليكس دمج لكلمة "ويكي" أي الباص المتنقل، وكلمة "ليكس" أي "التسريبات") كما يقول القائمون عليه، هو "موقع للخدمة العامة، مخصص لحماية الأشخاص الذين يكشفون الفضائح والأسرار، التي تنال من المؤسسات أو الحكومات الفاسدة، وتكشف كل الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان أينما وكيفما كانت".

انطلاقاً من هذه الرؤية، فإن الموقع قدّم بيئة آمنة، لكل من أراد أن يكشف أسراراً، دون معرفة هويته، من خلال اعتماده وسائل متطورة جداً في التشفير، تمنع اكتشاف هوية مسرب المعلومات والوثائق. كما يحظى الموقع بعدد من المحامين والناشطين على مستوى العالم للدفاع عن "حق النشر والمعرفة" التي يوفرها. ويقر القائمون على الموقع بأن الحكم على ما يُنشر فيه يعود إلى القضاء لا الإعلام، وأن التدقيق في الوثائق يجري فيه لكن ضمانة ليست كاملة.

وقد جاءت الأهمية الكبرى التي اكتسبها الموقع بعد نشره الدفعة الأولى من الوثائق الأميركية المتعلقة بالحرب على العراق -أتبعها بدفعة ثانية تناولت الحرب على أفغانستان-، التي تسربت إليه من وزارتي الخارجية والدفاع، بما يزيد عن نصف مليون وثيقة، جزء منها سري جداً.

خطورة ما يكشفه موقع ويكيليكس تتعدى فضح الاحتلال الأميركي في العراق، وفضح تجسس الولايات المتحدة على الأمم المتحدة، لأنه مع وكيكيلكس تكشّف للعالم حجم الفشل الأميركي في حماية الوثائق والأسرار، ما يعني أنه لم يعد ثمة دبلوماسية آمنة، لأن أحداً من الزعماء أو السياسيين في هذا العالم لم يعد يجرؤ على البوح كما يحلو له، بل إن سفراء الولايات المتحدة أنفسهم باتوا أكثر حذراً في كتابة محاضر اجتماعاتهم بضيوفهم، ما يعني كارثة على الدبلوماسية الأميركية، وصفها وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني بـ "11 أيلول الدبـلوماسيّة العالمية"، في حين دعا النائب وليد جنبلاط -لبنانياً- لـ "العودة إلى مراسلات الحمام الزاجل"، لأنها برأيه أكثر حفظاً للأسرار!.

لنترك الآن الولايات المتحدة الأميركية تعالج فضائحها من جهة، وإخفاقها في الحفاظ على سرية الوثائق والمعلومات من جهة أخرى، ولننتقل إلى كيفية تعاملنا نحن العرب عموماً، واللبنانيين، خصوصاً، مع هذا الواقع الجديد.

في الواقع فقد أقرت الولايات المتحدة الأميركية بصحة الغالبية الساحقة من وثائق ويكيليكس، ما يعطي صناع القرار ومراكز الدراسات مرتكزاً لفهم السياسة الأميركية وتوجهاتها في المنطقة العربية والعالم، شريطة إحسان التعامل مع هذه الوثائق، وأهم "الفروض" في ذلك؛ هو وضع منهجية عامة وعاقلة للتعاطي مع الوثائق، إذ لا يمكن التمسك بوثيقة تتناسب مع سياسة معينة، ورفض وثيقة أخرى لأنها لا تتناسب مع هذه السياسة، ولا يمكن اعتبار الدفعة الأولى من الوثائق "فضيحة للولايات المتحدة"، واعتبار الدفعة الثانية "مؤامرة دعاية أميركية لتحسين صورتها... وينبغي عدم الوقوع في الفخ وتصديقها"(الموقف الرسمي الإيراني)، كما لا يمكن اعتبار محاضر الاجتماعات الحرفية، بمنزلة التقارير التي ترسلها السفارات، وتقدّم فيها رأيها عن الأوضاع السائدة، على اعتبار أن تقدير أي سفير قد لا يكون دقيقاً، ويعتمد في حالات كثيرة على تحليلاته وانطباعاته الشخصية، أو تحليلات فريق عمله في السفارة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكلام في المجالس المغلقة يكون أكثر صراحة، وأقل مسؤولية، كما هي الحال في حياتنا اليومية.

والمتتبع اليوم لكيفية تعاطي الإعلام العربي مع وثائق ويكيليكس يستنتج بوضوح غياب المنهجية العامة، لصالح الانتقائية في التعاطي، وتغييب العقلانية لصالح التسليم المطلق بصحة النقول والاستنتاجات الواردة في هذه الوثائق، ذلك أن ويكيليكس نشر ما يفضح جرائم الولايات المتحدة في العراق، لكنه نشر أيضاً وثائق تفضح إيران في العراق وغير العراق، ووثائق أخرى تفضح دولاً عربية كثيرة، وتبين حقيقة مواقفها من الملفات الكبرى، بما يختلف كلياً عن خطابها تجاه شعوبها.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد نشر ويكيليكس مؤخراً وثائق تبين استياء المملكة العربية السعودية من الدور الإيراني في المنطقة العربية، بعبارات صريحة نُسبت إلى خادم الحرمين الشريفين، كما نَسبت وثائق أخرى لرئيس الوزراء القطري عبارات عن "التكاذب المشترك" بين قطر وإيران، وأظهرت وثائق كثيرة أخرى مدى التغلغل الإيراني في العراق إلى حد استياء المرجعية الشيعية في النجف، وكشفت وثائق عن رفض سوريا الواضح الالتزام بالانضمام إلى إيران في حال وقوع حرب بين "حزب الله" و"إسرائيل"، فيما تحدثت وثائق أخرى عن نقل الحرس الثوري الإيراني أسلحة إلى "حزب الله"، خلال حرب تموز، تحت غطاء مساعدات إنسانية...

وكمحصلة عامة فقد كانت الدفعة الأخيرة من الوثائق مزعجة لمن اعتمدها في البداية (وهذا ما يفسر تغير الموقف الإيراني)، في حين بدت "إسرائيل" أكثر المرحبين بها، إلى درجة دفعت رئيس وزراء العدو إلى التفاخر بمواقف كيانه "الواضحة والصريحة"، داعياً العرب إلى التحلي بـ"الشجاعة الكافية ليقولوا علناً ما يفكرون به سراً"، وذلك على عكس الرئيس أحمدي نجاد الذي قال: "دعوني أصحح لكم أولاً. المواد لم تُسرَّب بل نُشرت بطريقة مدبّرة. (الوثائق) لا قيمة قانونية لها ولا مصداقية، ولن يكون لها التأثير السياسي الذي تسعى إليه الحكومة الأميركية... لعبة ويكيليكس لا تستحق التعليق عليها، ولن يضيّع أحد وقته في مراجعتها"... وبمعزل عن هذا الموقف أو ذاك، فإن هذه الوثائق تستحق الدراسة، مع التنبه إلى أن ما نقلته الوثائق من تحليلات وانطباعات للسفراء، لا يوازي من حيث الأهمية والحجية ما نقلوه كمحاضر عن اجتماعات سطّروها.

بقي أن نشير إلى أن موقع ويكيليكس تعاقد مع عدد من وسائل الإعلام الأجنبية لنشر الوثائق بالتزامن مع نشر الموقع لها، غير أن صحيفة "الأخبار" اللبنانية انفردت بنشر عدد من الوثائق، دون أن تظهر هذه الوثائق على موقع ويكيليكس، أو في وسائل الإعلام التي تعاقدت معه، وقد اعتبرت الإدارة الأميركية هذه الوثائق "محرفة عمداً"، وقد نُقل هذا الموقف عن مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فلتمان. وفي هذا السياق كتب ماكس فيشر من صحيفة "اتلانتيك" الأميركية مقالاً طويلاً خلص من خلاله إلى أن ما تنشره "الأخبار" مشكوك في صحته.

وفي ظل تأكيد "الأخبار" على صحة وثائقها وترجماتها، وتشكيك البعض بذلك، ونفي عدد من المعنيين صحة ما نُشر، فإننا نكون أمام إشكالية إضافية حول كيفية التعاطي مع هذه الوثائق لبنانياً، لأن الواقع الراهن لا يخرج عن سياق الانتقائية والتوظيف السياسي، الذي يطمس وثائق ويعتبرها في غير صالحه، ويظهر أخرى بما يخدم دعايته، بل إن سياسة الطمس والإظهار تحصل في "الوثيقة" الواحدة نفسها، تبعاً للهوى السياسي، والأنكى أن النشر يختلط مع التحليل والتكييف المقصود، بحيث تختلط الأمور عمداً على القارئ.

ولأن الواقع كذلك، فقد باتت "وثائق" الأخبار مادة إضافية لتغذية الخلاف السياسي، وجهداً إضافياً في الحرب على المحكمة الدولية، وبات أتباع ولاية الفقيه من أشد المصدقين والناشرين لـ "الوثائق"، في حين أن مرجعيتهم في طهران تقول إنها مواد "لا قيمة قانونية لها ولا مصداقية"!.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 1 تعليق

حفيدة الشهيد

2010-12-14

برايي الشخصي فان ويكيليكس لم تات بشيء جديد او معلومات سرية للغاية يمكن ان تشكل صدمة للعالم و انا شخصيا اشكك في كل هذا و يبقى هذا راي فقط من شخص متواضع جدا لا يفقه امور السياسة و شكرا جزيلا على هذا المقال

[ 1 ]
  محيط البوك إضافة تعليق


6 + 8 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع