بداية عرَّف العمل الذي تقوم به المحكمة الشرعية السنية، وأن تاريخ مدينة صيدا الاجتماعي منذ أكثر من مئة وخمسين عاماً تجده في أرشيف المحكمة، فأرشيف المحكمة تاريخ المدينة.
صيدا حسب المحكمة أوسع من الدائرة التي نعرفها، فنطاق المحكمة يمتد من وادي الزينة إلى البيسارية ومن البحر إلى منطقة جزين، فكل السنة في هذه المساحة يرجعون إلى محكمة صيدا السنية لجميع أمورهم من طلاق وزواج وخصومات ونفقات...
ثم تطرق إلى بعض التفاصيل في حياة الناس التي تتم في المحكمة الشرعية السنية في صيدا
تحدث عن معدل الخصومات التي يلجئ فيها الخصوم إلى المحكمة الشرعية، في عام 2008م كان عدد الخصومات (1455) خصومة، وفي عام 2009م (1400) خصومة، وإلى تاريخ إعداد هذا التقرير كان عدد الخصومات في عام 2010م (1200) خصومة. فالمعدل الوسطي لدعاوى الخصومة 1400 دعوى سنوية.
وذكر القاضي ابو زيد أنه أحصى أكثر من خمسين نوعاً من الدعاوى: دعاوى النفقة بجميع أشكالها ( نفقة الأبن على أبيه، ونفقة الرجل على زوجته، ونفقة الأخ على اخته ... ) والحضانة بجميع أنواعها، المشاهدة ( أي طلب مشاهدة الأولاد من كلا الزوجين) والزواج والنسب والطلاق والإطاعة والمهر...
و تطرق إلى واقع الزواج فكانت عقود الزواج في عام 2008م (1212) عقداً منها ( 1125 عقداً ) و( 87) حالة إثبات زواج.
وتحدث عن الوضع الاجتماعي للزوجات المعقود عليهن فكان على النحو التالي:
1006 فتاة عزباء، 6 أرامل، 6 مطلقة بمثابة عزباء ( أي يتم الطلاق قبل الدخول ولا ترغب أن يكتب في سجلها مطلقة) 95 مطلقة، وهناك 12 حالة بدون ذكر وضعهن الاجتماعي ( وهذا يسمى زواج السفر)
وعلق على قضية الأرامل اللواتي لا يتزوجن ونسبتهن المتدنية جداً فقال: إن النسبة المتدنية تثبت أن المرأة تقدم أمومتها على أنوثتها، ثم استدرك قائلاً ولكن هناك من يقول أن عددهن متدني بسبب عزوف الرجل عن الزواج من أرملة...
وتطرق الشيخ محمد أبو زيد في محاضرته إلى واقع المهور المسجلة في عقود الزواج فكان أغلى مهر في صيدا مليون دولار ( 1500 ل.ذ) أما أقل المهور فكانت عشرة دراهم فضة.
أما الشائع من المهور:
الزوجة اللبنانية: 50، 100 ، 150 ليرة ذهبية.
الزوجة الفلسطينية 5 ، 10 ، 15 مليون ليرة.
الزوجة من أهل القرى المحيطة: 5 ، 10 مليون ليرة.
في واقع الطلاق فكان على الشكل التالي:
تفريق بين زوجين 76 حالة، تم الإصلاح في 20 حالة فقط، بينما انفصل 56 زوجاً.
إنشاء طلاق (اي يتم الطلاق أمام القاضي) 59 حالة، تم الإصلاح في 12 حالة فقط، بينما وقع الطلاق في 47 حالة.
إثبات طلاق: 77 حالة، تم الإصلاح في 8 حالات فقط، بينما اثبت الطلاق في البقية.
وكانت المفاجأة في الخلع، إذ بلغ عدد النساء اللواتي خلعن ازواجهن ( 191 حالة) تم الإصلاح بين الزوجين في حالة واحدة فقط، بينما وقع الفصال في 190 حالة.
ومجموع عدد المفصول بينهم ( 362 حالة)
وهنا وضح القاضي ابو زيد أمراً مهماً وهي انه لا يعني وقوع 362 حالة طلاق تعني دمار 362 أسرة لعدة اعتبارات منها:
كون الطلاق قبل الدخول.
كون الطلاق بسبب عدم الإنجاب (من الطرفين).
حصول المراجعة ولو بعد حين. ( أي أن تلتم العائلة من جديد)
كون الطلاق لمصلحة (الطلاق البيض) وهذا يقع في حال تزوج الرجل من إمرأة من غير جنسيته، ويكون هناك تعقيدات في بياناته الثبوتية فيقع الطلاق ثم بعد دقائق يراجعها... وتكون جميع بياناته صحيحة وواضحة.
أما النسبة التقريبية للطلاق الفعلي فكانت 250 حالة، اي ما يعادل 20 % تقريباً، واللافت في النظر أن هذه النسبة (20 %) لم تتغير من القرن الثامن عشر حتى اليوم... فإن كان من إيجابية فهو عدم زيادة هذه النسبة طيلة هذه السنوات الطويلة.
ثم بيَّن ابرز أسباب الطلاق فكانت على الترتيب التالي:
قلة النضج وعدم الوعي بتبعات الزواج (من كلا الجنسين)
السبب الأخلاقي وظاهرة التدين الشكلي (وتحدث عن نموذج)
دور الأهل والأقارب.
السبب المادي (وهو ليس من أبرز الأسباب كما يظن معظم الناس)
أسباب أخرى ( عدم مقدرة الزوج من الوصول إلى زوجته بسبب السفر أو غيره وحتى لا يقع عليها ظلم منه يطلقها)
وقبل الختام وجه نصائح للمقبلين على الزواج فقال:
إذا أتاكم من ترضون دينه...
من ترضون خلقه ...
درهم وقاية خير من قنطار علاج
ثم ختم محاضرته بحكمة قيمة: " صلح خاسر خير من حكم رابح " وفسر معناه (صلح خاسر أي يقع الصلح بين الطرفين ويتنازل كل واحد منهما عن بعض الأمور، خير من حكم رابح يقع فيه الطلاق وتمتلئ القلوب بالحقد والضغينة.
وخُتمت المحاضرة ببعض الأسئلة من الحضور.