خوارج الأمس وخوارج اليوم متشابهون

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
خوارج الأمس وخوارج اليوم متشابهون

   الكاتب :

 

 الزوار : 2827   الإضافة : 2010-12-04

 

الخوارج فرقة إسلامية، ظهرت في عهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب، واتصفت بالتعصب، رغم اشتهارهم بكثرة العبادة وبحفظ كتاب الله. وفي الحديث الصحيح: "يخرج ناس من قبل المشرق، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه".

خوارج الأمس وخوارج اليوم متشابهون:

غلوٌ يعمي القلوب وأحاديةٌ تمنع التفاهم مع الآخر

فادي شامية

الخوارج فرقة إسلامية، ظهرت في عهد الخليفة الراشد علي بن أبي طالب، واتصفت بالتعصب، رغم اشتهارهم بكثرة العبادة وبحفظ كتاب الله. وفي الحديث الصحيح: "يخرج ناس من قبل المشرق، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه".

خوارج الأمس

دعا الخوارج للاقتداء بالخليفتين الأولين؛ أبي بكر وعمر، والتبرؤ ممن تلاهما؛ عثمان وعلي، والخلفاء بعدهما. والخوارج تسمية أطلقها عليهم المسلمون، أما هم فقد أسموا أنفسهم بالمؤمنين، أو جماعة المؤمنين، أو الجماعة المؤمنة، أو الشُراة (مفرد شارٍ) أي الذين باعوا أرواحهم في الدنيا واشتروا النعيم في الآخرة.

أجمع الخوارج على وجوب الثورة على أئمة الجور والفسق والضعف، إذا بلغ عدد "الجماعة المؤمنة" (أي هم) أربعين رجلاً، ويسمون هذا "حد الشراء"، أي الذين اشتروا الجنة بأرواحهم. ويحكم الخوارج على مرتكبي الكبائر الذين يموتون قبل التوبة، بالكفر والخلود في النار، وهذا هو موضع خلافهم العقدي الأساس مع أهل السنة - بالإضافة إلى قتال علي، وقد يكون هذا الاعتقاد قد تبلور لديهم، في خضم صراعهم الفكري والمسلح ضد بني أمية.

قاتل الخوارج علياً في النهروان (37هـ)، وثاروا عليه في خراسان والكوفة (38 هـ)، وقتلوه غدراً (40هـ)، ولم يهدؤوا حتى بعد أن تم الصلح وحلّ عام الجماعة (41هـ).

لقد كان الخوارج بدواً أجلافاً شديدي الإيمان بما يقتنعون به، وكانوا يرون أن الناس قسمان: مؤمن، وكافر وليس هناك غير ذلك، لذا عدّوا كل من لا يرى رأيهم كافراً عليه التوبة والتبرؤ مما قام به عثمان وعلي. وقد لقي المسلمون منهم الويلات الكثيرة إذ كانوا يستبيحون دم المسلمين، ويقاتلون بضراوة وتضحية، ويعتقدون في ذلك استشهاداً؛ لذلك فقد أبلوا في معاركهم حسناً، وخشعوا في عبادتهم جداً، وأنشدوا الأشعار التي تطفح بالشجاعة والإقدام.

بعضٌ من سِيَرهم

بداية الخوارج –كما هو معلوم- كانت في معركة صِفّين في العراق (37هـ/657م)، بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب، إذ رفض هؤلاء تحكيم كتاب الله، وقالوا لإخوانهم في جيش الإمام علي: "يا أعداء الله أدهنتم في حكم الله وحكّمتم"!. وهكذا اعتبروهم فوراً "أعداء لله" وخرجوا عليهم، فسُموا خوارج، ثم انحازوا إلى حروراء قريباً من الكوفة.

وقد حاورهم عبد الله بن عباس، ثم علي نفسه، فمنهم من عاد إلى رشده ومنهم من تعصّب لرأيه، والأخيرون نزلوا في النهروان مصرّين على عنادهم، فأرسل علياً إليهم من يكلّمهم، لكنهم قتلوه، وقتلوا نسوة كانوا معه، فلما علم علي بذلك، أرسل إليهم من يستوضح الأمر، إذ ليس في الإسلام ولا شيم العرب قتل الرسل، لكنهم قتلوه أيضاً! ولما طالب علي من الخوارج تسليم القتلة، قالوا: "كلنا قتلة، وكلنا نستحل دماءكم وأموالكم"!! عندها قال الناس لعلي: "علام تدع هؤلاء وراءنا؟ سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا منهم، سرنا إلى عدوّنا من أهل الشام"- وكان التحكيم قد فشل وعادت حالة الحرب بين معاوية وعلي-.

استمر الخوارج بالظهور أعواماً تلو أعوام، يثيرون القلاقل ويُضعفون الدولة الإسلامية، في صراع عبثي ليس له أفق، وليس فيه مصلحة ولا رشاد، ومع ذلك كانوا شديدي القناعة بما يفعلون، وكثيري التضحية من أجل عقيدتهم، ولعل من غريب ما تنقله المصادر التاريخية أنهم في العام 61 هـ ثاروا بقيادة مرداس بن أدية في منطقة الأهواز، وكانوا أربعين رجلاً، وأن والي البصرة وقتها عبيد الله بن زياد أرسل إليهم، جيشاً من ألفي رجل، فهزمهم الخوارج، في معركة جرت في منطقة آسك، وأنشد مرداس يقول في ذلك:

أألـفا مؤمن منكم زعمتم ويـقتلهم بـآسك أربعونا

كذبتم ليس ذلك ما زعمتم ولكن الخوارج مؤمنونـا

هي الفئة القليلة ما علمتم على الفئة الكثيرة يُنصرونا

خوارج اليوم

لا يختلف خوارج اليوم عن خوارج الأمس؛ أولئك سموا أنفسهم جماعة المؤمنين، وقسّموا الناس مسلمين (هم وحدهم) وكافرين (عموم المسلمين)، واعتبروا قتال من عداهم (المسلمين) جهاداً، وخوارج اليوم أطلقوا على أنفسهم تسميات شتى، كلها تدل على الانغلاق والتعصب (الناجون من النار، جماعة المسلمين أو ما يعرف باسم التكفير والهجرة، قاعدة الجهاد...)، وقسّموا العالم إلى فسطاطين، وقاتلوا المسلمين!.

لوثة التعصب ونبذ التحاور، التي جعلت خوارج الأمس، يقتلون رُسُل سيدنا علي بين أبي طالب إليهم، ويقتلون النسوة ويبقرون بطونهم، هي نفسها التي تدفع خوارج اليوم إلى تكفير المسلمين، ومقاطعة الحوار، ورفض الأمان إن هم عادوا عن غيهم!.

قتلُهم خير الناس في زمانه؛ علي بن أبي طالب، واعتبار ذلك جهاداً، يضارع – مع فارق المكانة الشخصية- قتل خوارج اليوم خيرة العلماء والمجاهدين في غير بلد في العالم، واعتبارهم ذلك جهاداً، لدرجة تفجير النفس بالهدف!!. والأهم أن عجز علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس، ومن هو بوزنهما، عن إقناع أكثر هؤلاء في الماضي، يبرر عجز كثير من دعاة اليوم عن إعادة أكثر هؤلاء إلى جادة الصواب، فالعقول عندما تقفل أبوابها تصبح أشد يباساً من الصخرة الصماء.

كيف الحل مع هؤلاء؟!

لا فائدة من التهاون مع هذه الفئة من الناس (وهي بالمناسبة موجودة في كل دين ومذهب على مدار التاريخ، وليس لدى المسلمين فقط)، لكن المكافحة الأمنية ليست هي العلاج، وإنما هي وسيلة دفاع لرد الأذى عن المسلمين وغير المسلمين، كما أن استعمال الشدة في غير موضعها والمبالغة في العقاب، أو تعميمه؛ ليأخذ البريء بجريرة المذنب، من شأنه أن يزيد من دائرة المتعصبين، ويعمّق القناعة لدى من نهَجَ في التعصب منهم، وهذا ما تقع به كثير من الحكومات والأجهزة الأمنية في عالمنا العربي والإسلامي اليوم، بكل أسف.

ومع الأخذ بعيد الاعتبار أنه يصعب القضاء كلياً على التعصب، إلا أنه يمكن محاصرة الغلو؛ بالحوار الهادئ، ومعاملة التائبين بالحسنى، ومحاصرة منابع التطرف فكرياً، وتجديد مناهج التربية والتعليم، وتجديد الخطاب الديني، تحديث القوانين ذات الصلة بـ "الإرهاب"، وأهم من ذلك كله تحقيق الإصلاح الديني والسياسي والإداري والاجتماعي في عالمنا العربي والإسلامي، فإنما ينفذ الغلاة من فساد واقعنا، ليبنوا على هذا الفساد والجور، ما هو أشد فساداً وظلماً لهم وللناس.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 2 تعليق

أبو عبد الله

2011-01-16

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا فادي أنا قرأت موضوعك ورأيت أنك بعيد كل البعد عن فهم المنهج الاسلامي الصحيح بفهم سلف الأمة ، فأنا أريد أن أسألك عدة أسئلة لأرى مدى فهمك لنصوص الشريعة :أولا:من هم الخوارج ؟ ولماذا خرجوا ؟ وعلى من خرجوا ؟ثانيا:هل القاعدة من الخوارج؟ وهل هم خرجوا على الامام علي بن أبي طالب مثلا ؟ثالثا:من الذي يدافع عن الإسلام والمسلمين في هذا الزمان ؟ومن الذي رفع لواء الجهاد في سبيل الله في هذا الزمان الذي تعاني فيه الأمة الاسلامية من الضعف والذل والعار الذي أصابها ؟ ومن الذي مرغ أنوف الصليبية الصهيونية في التراب ؟ ومن الذي أضعف اقتصاد أمريكا ؟ رابعا :هل الحكام الذين يبدلون شرع الله عز وجل ويلزمون الناس بالتحاكم إليه بالحديد والنار هل هم مسلمون؟وهل تولي الكفار من دون المؤمنين ونصرتهم عليهم ومساعدتهم ضد المسلمين وخاصة المجاهدين منهم هل هو كفر أو اسلام ؟أجبني على أسئلتي وبعدها أتناقش معك إن استطعت أن تجيبني على الأسئلة الآنفة الذكر.في رعاية الله

أسلام صيام

2010-12-10

اللهم احفظ المسلمين من أشرار هؤلاء. اللهم آمين

[ 1 ]
  محيط البوك إضافة تعليق


4 + 3 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك جديد دليل المواقع