التهويد الناعم أخطر ما يواجه القدس

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
التهويد الناعم أخطر ما يواجه القدس

   الكاتب :

 

 الزوار : 1958   الإضافة : 2010-11-12

 

من يتابع الشؤون "الإسرائيلية"، لا سيما المقدسي منها، يعلم أن تهويد مدينة القدس وإقامة الهيكل المزعوم، هما مسألة إجماع صهيوني، وأن التغيرات أو التطورات التي تطرأ على المواقف "الإسرائيلية"، لا يمكن أن تخرق هذا السقف. من هنا يجب أن ننطلق لمقاربة الشأن المقدسي، فنتنياهو يقول اليوم إنه لا ينوي تغيير الواقع القائم في القدس والمسجد الأقصى، لكن –واقعياً

"التهويد الناعم" أخطر ما يواجه القدس:

هل يمكن تنظيم انتفاضة من أجل القدس تتخطى الانقسامين الفلسطيني والعربي؟!

فادي شامية° - الجمعة,12 تشرين الثاني 2010 الموافق 6 ذو الحجة 1431 هـ

من يتابع الشؤون "الإسرائيلية"، لا سيما المقدسي منها، يعلم أن تهويد مدينة القدس وإقامة الهيكل المزعوم، هما مسألة إجماع صهيوني، وأن التغيرات أو التطورات التي تطرأ على المواقف "الإسرائيلية"، لا يمكن أن تخرق هذا السقف.

من هنا يجب أن ننطلق لمقاربة الشأن المقدسي، فنتنياهو يقول اليوم إنه لا ينوي تغيير الواقع القائم في القدس والمسجد الأقصى، لكن –واقعياً- هو يغطي أعمال التهويد المجنونة بعناوين شتى؛ تطوير المدينة، أو إقامة متعبدات يهودية، أو تنفيذ مخططات هيكلية توكل إلى بلدية الاحتلال... وأكثر من ذلك، فقد نجح نتنياهو في إجبار الطرف الفلسطيني على الموافقة على مسار تفاوضي (المسار الحالي اعتباراً 20/8/2010) "دون شروطٍ مسبقة"، ما يعني إبقاء يده طليقة في تغيير الأوضاع القائمة في القدس.

هذا السلوك الصهيوني؛ واكبه مؤخراً تغير في الفتوى اليهودية التقليدية باتجاه "جواز" دخول المسجد الأقصى، بعدما كانت الفتوى هي "الحظر لحين بناء الهيكل المزعوم". كما واكبه تغير في النظرة القانونية، التي باتت تعتبر أن من حق اليهود الدخول إلى الأقصى، وأن من مسؤولية الشرطة تأمين حمايتهم!، وهذا كله يؤشر -بلا شك- إلى تقدّم مشروع تقسيم الأقصى، كمرحلة أولية، على طريق السيطرة الكلية عليه-لا سمح الله-.

وبحسب التقرير الأخير الذي أصدرته مؤسسة القدس الدولية، فإن عدد مواقع الحفريّات حول الأقصى بلغت 34 موقعاً، بزيادة 9 مواقع عن العام الماضي، (21 منها نشطة، و13 مكتملة). أما بناء الكُنس فجارٍ على قدم وساق، وهو يقترب -بل يلتحم- بالمسجد الأقصى نفسه، ويمكن هنا أن نخصص بالذكر: كنيس الخراب، وكنيس "مصلى المتحف الإسلامي" داخل ساحات الأقصى، وكنيس "فخر إسرائيل" في محيط الأقصى، ومتحف "المعبد الثالث" في الطرف الغربي الجنوبي لساحة البراق.

والجديد في مشروع التهويد؛ ما كشفت عنه مؤسسة الأقصى قبل أيام، مضافاً إلى ما أعلنته بلدية الاحتلال في القدس، عن المخطط الهيكلي الشامل لباحة حائط البراق، التي تمتد من باب المغاربة جنوباً، حتى المدرسة التنكزية شمالاً. هذا المشروع الخطير يشمل ما يأتي:

1. توسيع وحفر أنفاق جديدة تحت ساحة البراق.

2. تحويل ما تحت الأرض إلى مراكز تلمودية ومراكز "شُرطية".

3. توسيع ساحة البراق (المبكى) وإنشاء طبقات أرضية تحتها، ومواقف عامة للحافلات والسيارات

4. تشكيل منطقة يهودية واسعة غرب وجنوب المسجد الأقصى المبارك، على مساحة تصل إلى نحو 7000 متر مربع.

5. ترميم "الحي اليهودي" (حي الشرف).

كما يجري ضمن المشروع نفسه؛ التخطيط لفتح بوابة جديدة في أسوار مدينة القدس، في موقع قرب باب النبي داوود، لأول مرة منذ 112 سنة، إبان العهد العثماني.

ولا يقتصر الأمر على ساحة البراق (كانت حياً عربياً في الماضي اسمه حي المغاربة)، فالتهويد مخيم على البلدة القديمة بأسرها، وقد بلغ عدد البؤر الاستيطانية، في مساحة لا تتعدى كيلو متر مربع واحد (مساحة البلدة القديمة أقل من كيلو متر مربع) الـ 70 بؤرة استيطانية، يقطنها أكثر من ألف مستوطن من غلاة المتطرفين!.

يضاف هذا الواقع إلى بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، حيث يبلغ عدد البؤر الاستيطانية الآن نحو 40 بؤرة، تشتمل على معاهد دينية تلمودية ومقرات لجمعيات استيطانية مثل؛ "ألعاد" و"عطيرات كوهانيم" وغيرها!.

وإذا ابتعدنا أكثر عن محيط المسجد الأقصى، فإننا نجد عشرات المستوطنات المغروسة كالخناجر في صدر القدس (وافقت بلدية الاحتلال في القدس على بناء ٤٥٢ وحدة استيطانية مؤخراً)، فضلاً عن استمرار عمليات الهدم في بلدات؛ العيسوية، وشعفاط، وبيت حنينا، ووادي الجوز، وفي سلوان، والأخيرة يبدو أنها سائرة على درب "الشهادة"، بسبب وجودها جنوب المسجد الأقصى، في منطقة تزعم المعتقدات اليهودية أنها مقدسة عندهم من أيام النبي داوود.

ويزيد من سوء هذا الواقع؛ الصمت العربي -الرسمي والشعبي- القاتل، في حين أننا نرى في المقلب الآخر إصراراً على التهويد – في القدس تحديداً- ولو أدى ذلك إلى إحراج الرئة الأولى لـ "إسرائيل" أي الولايات المتحدة الأميركية (تُسخّر لذلك وزارات الدولة ومؤسساتها، ودوائر البلدية، و"الطابو"، و"حارس أملاك الغائبين"...)، هذا فضلاً عن جماعات الضغط التي تعمل في العالم أجمع، ليل نهار، من أجل قدسٍ يهودية. (على سبيل المثال يقدّم المليونير الأمريكي اليهودي إيرفينغ موسكوفيتش، وحده سنوياً، نحو 100 مليون دولار، من أجل تهودي القدس!).

ولا يجوز أن ننسى، في هذا الإطار، الجريمة التي قام بها الاحتلال، في السنوات الثلاث السابقة، بعدما شيّد الجدار العازل، مخرجاً نحو 125 ألف مقدسي من النطاق الجديد للقدس، ما سيفقد أكثرهم مستقبلاً حق الإقامة في المدينة المقدسة.

ووفق تقارير "إسرائيلية" عديدة؛ فإن الاحتلال يخطط لـ "خلق" كتلة بشرية من المستوطنين تساوي نحو نصف مليون مستوطن حتى العام 2020، ما يعني بالتوازي؛ ابتلاع ما تبقى من أرض فلسطينية؛ فعن أي قدس يفاوض المفاوضون بعد ذلك، وقد حسمت "الديموغرافيا" الأمر؟!

إزاء ما يجري، وانطلاقاً من حالة الخوَر العربية المؤلمة (خلافاً لبعض المواقف العنترية والتصورات التفاؤلية التي تخدع الجماهير) فإن الشارع العربي يجب أن يكون حاضراً، ذلك أن التحركات الشعبية، في الداخل والخارج، يقيس من خلالها الاحتلال، مدى تفاعل الأمة مع مقدساتها؛ فكلما كان التفاعل أقل، كان التهويد أكبر، والوتيرة أسرع.

لذا، فإن المطلوب هو تحركات شعبية كبيرة، تعيد الاعتبار إلى هذه المقدسات، وتبعث برسالة ردع –ولو محدودة الأثر- إلى المحتل، وتنبه الحكام العرب إلى أن ابتعادهم عن ضمير الأمة يزداد... لكن التجربة تقول: إن الشارع العربي والإسلامي لا يتحرك إلا على وقع حدث أو صدمة، فلو راجعنا أسباب التحركات الشعبية في الأعوام الثلاثة الماضية لوجدنا أن أكثرها جاء على خلفية اقتحامٍ للأقصى أو اعتداءٍ مباشرٍ عليه، علماً أن الدخول للأقصى يجري يومياً، والإعلام ينقل فقط الحالات التي تُسمى استفزازية. وما أود قولَه في هذا المجال؛ إن الاحتلال يتعامل بمكر مع هذه المعادلة، لذا فإن سياسته اليوم –حتى في ظل هذه الحكومة اليمينية- تقوم على أساس "التهويد الناعم"، الذي يُبقي شارعنا مخدراً، مع أن هذا التهويد أخطر فعلياً من اقتحام المستوطنين للأقصى!.

والسؤال الذي يراودني دائماً؛ هل يمكن تنظيم انتفاضة شعبية عارمة ودائمة في القدس، ولأجل القدس، تتفاعل معها الشوارع العربية والإسلامية، بما يتخطى الانقسامين الفلسطيني والعربي، بحيث تكون القدس رافعة لجمع الشمل؟ هل يمكن ذلك؟ أحلم بذلك، لكنني لا أؤكد أنه سيحصل.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


6 + 7 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك جديد دليل المواقع