تناقضات المشككين بالمحكمة تشي برفضهم العدالة

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
تناقضات المشككين بالمحكمة تشي برفضهم العدالة

   الكاتب :

 

 الزوار : 1853   الإضافة : 2010-11-09

 

ثمة في فريق المناهضين للمحكمة من يرفضها، استناداً إلى أن "الحقيقة سوف تخرب البلد"، فـ"ما قيمة العدالة إذا سال دمٌ على أرض الوطن"، كما قال وليد جنبلاط في 4/10/2010. (مع التذكير بأن النائب جنبلاط كان أول الداعمين للمحكمة، لكنه في 30/5/2009، دعا سعد الحريري إلى "الاكتفاء بالحقيقة ـ من دون العدالة

رغم ادعاء المشككين بالمحكمة حرصهم على "الحقيقة":

تناقضاتهم تفضح نواياهم!

فادي شامية

من يدقق في مواقف المناهضين للمحكمة الدولية اليوم، لا يجدها متشابهة ـ كما تبدو للوهلة الأولى ـ.

المناهضون للمحكمة:تباين في الأسباب واتفاق على النتيجة

ثمة في فريق المناهضين للمحكمة من يرفضها، استناداً إلى أن "الحقيقة سوف تخرب البلد"، فـ"ما قيمة العدالة إذا سال دمٌ على أرض الوطن"، كما قال وليد جنبلاط في 4/10/2010. (مع التذكير بأن النائب جنبلاط كان أول الداعمين للمحكمة، لكنه في 30/5/2009، دعا سعد الحريري إلى "الاكتفاء بالحقيقة ـ من دون العدالة ـ فيما لو تبيّن أن حكم المحكمة الدولية سيكون سبباً للفتنة" ثم عاد و"طوّر" موقفه باتجاه رفض الحقيقة والعدالة معاً). وواضح أن هذا القسم (المستجد) من مناهضي المحكمة، لا يرفض "الحقيقة" لأنها ليست ذات صدقية، وإنما يرفضها خوفاً من نتائجها، كما يفيد التدقيق في مواقفه.

وثمة في هذا الفريق من لا يتلطى خلف الشعارات، وبالتالي هو أقرب للصدق ـ بغض النظر عن الموافقة على ما يقول أم لا ـ وتالياً فهو يسوق ـ في لحظة الحقيقة ـ حيثيات غير التشكيك في المحكمة، للمطالبة بما يريد. يمثّل هذا القسم من مناهضي المحكمة النائب سليمان فرنجية، الذي قال في 6/10/2010: "الرئيس (سعد) الحريري يعرف أن حجم والده كان كبيراً وكبيراً جداً، واغتياله أكبر من أن يتحمله لبنان، لكن الأمن في لبنان ووحدة الشعب اللبناني والسلم الأهلي أهم من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي لو عاد لقال هذا الكلام، وبالتالي مطلوب من الرئيس سعد الحريري موقف شجاع وتاريخي، وهو يعرف ما المطلوب منه، ويمكنه أن يأخذ هذا الموقف الذي سيجعله شخصية تاريخية". وواضح أن هذا القسم من مناهضي المحكمة، لا يرفض "الحقيقة" لأنها ليست ذات صدقية، وإنما لأنه يريد طي هذه الصفحة نهائياً على غرار ما فعل النائب وليد جنبلاط، عندما أعلن "ختام جرحٍ كبير"، في ما يتعلق باغتيال والده، بقوله: "نسامح وننسى"!.

وثمة من هذا الفريق شخصيات تعبّر عما يضمره الفريق المشكك في المحكمة، لكن بلسانها هي. هذه الشخصيات لم تُخف أنها ترفض الحقيقة والعدالة من الأساس. جميل السيد كان واضحاً عندما قال مؤخراً لسعد الحريري: "سقط حقك وحق فريق 14 آذار في الحديث عن المحكمة"، ووئام وهاب كان واضحاً ووقحاً عندما أعلن أن "المحكمة الدولية وصرمايتي (حذائي) سوا"، مع التذكير بأن وهاب قال هذا الكلام في 21/12/2006، يوم كان "حزب الله" يؤكد حرصه على الحقيقة والعدالة، وقبوله بالمحكمة الدولية، ومشاركته في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، على أساس بيان وزاري بهذا المعنى!.

تناقض المشككين في المحكمة

بعد هذا التفصيل، وبما أن المواقف الواضحة لا تحتاج إلى توضيح ـ خلافاً لمواقف من يتلطى وراء الشعارات ـ، وبما أن القسم الأكبر ممن يناهض المحكمة اليوم، يتوسل التشكيك فيها سبيلاً إلى رفضها، تاركاً للآخرين أن يعبروا عن "خوفهم من النتائج"، أو كشفهم حقيقة النوايا، على شكل تهديدات، فإنه يجدر تسليط الضوء على تناقضات المشككين في المحكمة، وصولاً إلى كشف حقيقة نواياهم.

في الواقع، فإن من يدقق في مواقف المشككين في المحكمة يصطدم بعددٍ كبير من التناقضات المذهلة، ولعل التحليلات التي تعقب مواقف هؤلاء، تسلّط الضوء على كثيرٍ منها، وحسبنا أن نذكر في هذه العجالة "ما تيسر من المستجد فقط".

يوم الأحد الماضي (7/11/2010) قال نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم: "القرار الظني سيف مسلط على حزب الله ويمكن أن يصل إلى سوريا وإيران" (لاحظ أنه يتحدث هنا عن مضمون القرار الاتهامي لا عن اتهام أو تبرئة سياسية).

كلام قاسم هذا، من الأهمية أنه ينسف أحد أهم الأسس التي ساقها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله للتشكيك في المحكمة، مطلقاً من خلالها شرارة الحرب على هذه المحكمة، في 22 تموز الماضي، عندما قال حرفياً: "ما تُجمع عليه كل المعطيات والمعلومات أن هناك نتيجتين: الأولى التي نحن سعداء بها جداً، وهي نتيجة ممتازة؛ أن القرار الظني لن يتهم أحداً من الأخوة السوريين، أو أحداً من الضباط الأربعة، ولن يتهم أحداً من حلفاء سوريا في لبنان، وهذه نتيجة جيدة... النتيجة الثانية أن الاتهام سيتجه إلى أفراد من حزب الله". وبناءً على ذلك فقد طالب نصر الله جماهير 14 آذار بالانقلاب على قياداتها، ورفض المحكمة، لأن القرار الاتهامي ينقل الاتهام حسب الهوى السياسي، وبالتالي فهو مسيس!. والواضح بعد تصريح الشيخ قاسم أن ما افترضه نصر الله (جاعلاً من الافتراض حقيقة) من أن القرار الاتهامي اتهم أولاً سوريا، ثم برأها، ثم اتهم "حزب الله"، (الواضح) أن هذا الكلام قد سقط بتناقض أعلى قياديين في "حزب الله" نفسه!. (مع الإشارة إلى أن الحملة على "شهود الزور" انطلقت أساساً من هذه الفرضيات).

ويزيد هذا التناقض قسوة عندما يتهم "حزب الله" (كله) "إسرائيل" بجريمة قتل الحريري، جاعلاً من هذا الاتهام شرطاً لقبول أي قرار اتهامي، ثم يتابع حلفاؤهم السياسيون والإعلاميون، توجيه الاتهام إلى الأصوليين، ما يعني أن أحد الاتهامين يكذّب الآخر.

ثم عندما تكون "إسرائيل" هي المتهمة بالاغتيالات، مضافاً إلى ذلك اتهام فريق الرئيس الحريري بـ "فبركة شهود الزور"، ـ كما يقول المشككون في المحكمة ـ فماذا يعني ذلك؟ يعني ببساطة أن الرئيس الحريري وفريقه يدفع التهمة عن "إسرائيل"!. فهل يصدّق عاقل هذه النتيجة غير المنطقية؟! هل يصدق عاقل أن الرئيس الحريري يتمنى ـ حتى مجرد تمنٍ ـ أن يكون فريق لبناني متورطاً باغتيال والده؟ وهل هذا أصلاً من مصلحته ومما يسهل رئاسته للحكومة؟ أم أنه يتمنى ـ في كل لحظة ـ أن تكون "إسرائيل" وراء الجريمة، فينال والده شرفاً مضافاً على الشهادة، ويرتاح البلد، وتُحفظ وحدته؟! أليست الضغوط التي تمارس على الحريري اليوم هي من أجل اتهامه "إسرائيل" ـ بمعزل عن هوية القاتل الحقيقي ـ؟ أليس هذا معنى كلام النائب وليد جنبلاط المتكرر عن الاختيار بين "العدالة والاستقرار"، (على اعتبار أن هز الاستقرار الداخلي لا يكون إلا إذا اتهمت المحكمة طرفاً داخلياً، أما إذا اتهمت "إسرائيل" فمن شأن ذلك توحيد اللبنانيين، وتعبيد طريق الحكم أكثر للرئيس سعد الحريري).

لماذا يجب التمسك بالمحكمة؟

لقد أنتجت سياسة مواجهة المحكمة، التي ينتهجها "حزب الله" اليوم، تكبير حجم شريحة من اللبنانيين، باتت مقتنعة بتورط "حزب الله" من جهة (بمعزل عن صحة هذا الاقتناع)، وخائفة من تهديداته من جهة أخرى. هذه الشريحة تسأل اليوم: لماذا المحكمة إذا كانت ستخرب البلد؟!.

الجواب أن الرئيس رفيق الحريري لم يقتل إلا لنهج سياسي اتبعه، (وهو ما يقوله الجميع بالمناسبة)، وهذا النهج يتابعه من بعده ابنه سعد الحريري؛ فإذا كان النهج هو النهج، فإن القاتل ـ إن نجا بفعلته- سيعود ليقتل مرة أخرى ليتخلص من هذا النهج.

المحكمة هي من أجلنا، نحن الشعب اللبناني، من أجل حماية زعمائنا ـ كل زعمائنا ـ من القتل السياسي الذي يفضي إلى زلازل وفوضى. لذا لا بد من خوض "تحدي" المحكمة، مهما بلغت التضحيات، لأنها تبقى أقل من الاستسلام للقاتل، ولأن مسار العدالة إن توقف ـ لا سمح الله ـ فلن يُفتح ملف للتحقيق في جريمة قتل سياسي بعد اليوم، إذ كيف يجرؤ قاضٍ على القيام بذلك، بعدما فشلت أعلى المحاكم وأهمها، وأهم لجان التحقيق وأكثرها خبرة، في هذا العالم، من كشف الحقيقة وإنزال القصاص العادل؟! وإذا كان هذا هو الواقع ـ لا سمح الله ـ فأي لبنان يبقى حينئذٍ؟!.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


6 + 7 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع