لأي أهداف يحرك أسامة سعد الشارع في صيدا؟

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
لأي أهداف يحرك أسامة سعد الشارع في صيدا؟

   الكاتب :

 

 الزوار : 2041   الإضافة : 2010-11-03

 

قبل أيام أصدر أسامة سعد بياناً، باسم "اللقاء الوطني الديمقراطي"، دعا فيه إلى التظاهر ضد الحكومة "بعد أن بلغت موجة الغلاء حداً لا يُطاق وشملت كل شيء؛ من المواد الغذائية، إلى أسعار البنزين والمحروقات، إلى أثمان الشقق وإيجاراتها،...، ولم يعد أمامنا من حل سوى الاحتجاج في الشارع، والضغط على الحكومة لكي تضع حداً لهذه الموجة".

المطالب محقّة لكن المتاجرة بها جريمة:
لأي أهداف يحرك أسامة سعد الشارع في صيدا؟

فادي شامية

قبل أيام أصدر أسامة سعد بياناً، باسم "اللقاء الوطني الديمقراطي"، دعا فيه إلى التظاهر ضد الحكومة "بعد أن بلغت موجة الغلاء حداً لا يُطاق وشملت كل شيء؛ من المواد الغذائية، إلى أسعار البنزين والمحروقات، إلى أثمان الشقق وإيجاراتها،...، ولم يعد أمامنا من حل سوى الاحتجاج في الشارع، والضغط على الحكومة لكي تضع حداً لهذه الموجة". وقد حُدد يوم الجمعة 5/11/2010 موعداً لبدء هذا التحرك، على أن تعقبه تحركات لاحقة، على اعتبار أن "سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان ناتج عن سياسات فريق الحريري في السلطة منذ العام 1992 حتى اليوم".

وكان سعد نفسه مهّد لتحركه هذا بزيارة قام بها إلى سوق الخضار في صيدا، استنكر خلالها "تعامي حكومة سعد الحريري عن أولويات اللبنانيين المعيشية"، داعياً الصيداويين إلى "إطلاق تحركات شعبية غاضبة لمواجهة غلاء أسعار السلع والمواد الغذائية".

ولعل أحداً من اللبنانيين، بمن فيهم المسؤولون ورئيس الحكومة بالذات، لا يمكنه إنكار وجع الناس، وسوء أوضاعهم المعيشية، وعجز الحكومة عن معالجتها، لكن اللبنانيين يعرفون أيضاً أن التحركات الشعبية -للأسف الشديد- تخضع للانقسامات السياسية، وللطقس السياسي في البلد... لكن هذا الواقع، لا يعني أن الناس فقدت حقها بالتعبير عن وجعها، إذ يبقى الحق بالتظاهر مشروعاً، ومطلوباً أيضاً، شرط أن تكون الجهة الداعية والمنظمة صادقة في حملها هموم الناس، لا المتاجرة بهم وبهمومهم، مع التذكير هنا بواقعة 7 أيار 2008، يوم استُغل الناس الذين لبوا دعوة الاتحاد العمالي العام للإضراب، فإذا بهم يفاجؤون بأن الإضراب نفسه لم يكن إلا توطئة لأحداث دموية رهيبة، خطط لها فريق سياسي بشكل مسبق!.

بالعودة إلى التحرك الشعبي المقرر يوم الجمعة في صيدا؛ فإن قراءته تفضي إلى أنه تحرك سياسي، لا يخرج عن دائرة المتاجرة بأوجاع الناس، كما بات معهوداً في لبنان، وذلك للأسباب الآتية:

1- الداعون للإضراب يرفعون شعار مواجهة "سياسات فريق الحريري في السلطة منذ العام 1992 حتى اليوم"، وهو شعار سياسي لا مطلبي في الأساس، لكن الأهم أن هذه الحكومة -هذه الحكومة بالذات- ليست وليدة فوز فريق الرئيس الحريري بالانتخابات، وإنما هي نتيجة لاتفاق الدوحة، وبرنامج عملها هو نتاج توافق فرقائها، وليس برنامج الرئيس سعد الحريري وحده، ومن الطبيعي والحال هذه أن الفريق السياسي لأسامة سعد ممثل فيها، فضدّ من يتظاهر هذا الفريق؟ هل يتظاهر ضد نفسه، أم أن وزراء "حزب الله" و"حركة أمل" و"التيار الوطني الحر" لم يعودوا يمثلونه؟! (خصوصاً أن سعد نفسه لا يقيم اعتباراً للتمثيل الطائفي أو المذهبي، ويعتبر أياً من حلفائه بغض النظر عن طائفتهم ممثلاً له!).

2- إن هذه الحكومة بالذات لم تتشكل إلا بعد مخاض طويل، نال فيه فريق الثامن من آذار معظم الوزارات الخدمية، وبالتالي فإن سوء الأوضاع الناتجة عن انقطاع الكهرباء، والماء، وارتفاع أسعار المحروقات... ذلك كله يعود لوزارة واحدة يرأسها وزير من "التيار الوطني الحر"، حليف النائب السابق أسامة سعد. كما أن ارتفاع أسعار اللحوم والخضروات، المشكو منها، يعود أمر معالجته إلى وزارة الزراعة التي يرأسها وزير من "حزب الله"، ما يعني أن معالجة القضايا المطلبية هو بيد من يشكو منها، فلماذا التصويب على الرئيس سعد الحريري وحده؟

3- يعلم القاصي والداني أن الحكومة مشلولة اليوم، وهي غير قادرة على ترجمة برنامجها الوزاري، الذي رفع شعار أولويات الناس، وذلك بفعل الانقسام السياسي الحاد الذي يكاد يطيح بالبلد كله، لا بالفقراء فقط. ألم ينتبه منظمو التظاهرة أن فقدان التضامن الوزاري بلغ حداً غريباً، بحيث باتت كل وسيلة إعلامية تهتم -فقط- بعمل الوزير الذي ينتمي إلى فريقها السياسي، مهملةً بل منتقدةً بقية الوزراء، ما يعني –استنتاجاً- عدم جواز الحديث عن المسؤولية المعنوية لسعد الحريري باعتباره رئيساً للحكومة، كمبرر للتصويب عليه؟!

4- قد يقول من يحث الناس على التظاهر: "إذا كانت الحكومة عاجزة فلترحل"، وهنا أيضاً ينبغي التذكير أنه بمقدور الفريق السياسي الذي ينتمي إليه من يريد تحريك الشارع أن يُسقط الحكومة، دون حاجة لتظاهر مواطن واحد، ببساطة لأن معه أكثر من ثلث الحكومة، فلماذا لا يفعل؟! وهل هذا هو الحل فعلاً؟! الرئيس الحريري نفسه قال يوم نيل حكومته الثقة، إنه سيكون أول من سيطرح الثقة بالحكومة إن تحولت من حكومة "ائتلاف وطني" إلى حكومة "تعطيل وطني"، ورغم أنه مقر الآن بأن حكومته معطلة، إلى أنه يعلم -كما يعلم اللبنانيون- أن البديل عن حكومته هو "الفراغ الوطني" إن لم نقل "الكارثة الوطنية"، فهل هذا ما يريده أسامة سعد ومن معه؟ (على اعتبار أن الموجوعين من الغلاء لا يريدون هذه النتيجة بالتأكيد).

انطلاقاً مما سبق كله يُطرح التساؤل الآتي: ضد من يريد أسامة سعد تحريك الشارع؟! ولأية أهداف؟

في الواقع ثمة أهداف ثلاثة تدعو لتحريك الشارع في صيدا، تحت عناوين مطلبية:

أولاً: تعبئة الشارع، بهدف التعويم الشعبي، على اعتبار أن الوجع المعيشي يتخطى الانقسام السياسي في أحيان كثيرة.

ثانياً: تحضيراً لأجواء اللا استقرار الذي يراهن الفريق الخاسر انتخابياً عليها، من أجل التخلص من "الستاتيكو" القائم لغير صالحه في عاصمة الجنوب.

ثالثاً: الإسهام في حملة الضغط على "تيار المستقبل" لإعلان الموقف الذي يرغب به "حزب الله" بشأن المحكمة الدولية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن صيدا هي مسقط رأس آل الحريري، والتحرك الشعبي في مواجهة الحكومة التي يرأسها سعد الحريري له رمزية معينة.

مما سبق يظهر أن الطبقات الكادحة والمسحوقة على موعد مع استغلال جديد لا علاقة له بمطالبها... والأَوْلى لهؤلاء أن يتظاهروا ضد شيء وحيد، يمكن أن يرتد عليهم إيجاباً، وهو التظاهر ضد من يعطل الحكومة، ويشلها، ويمنعها من الانكباب على هموم الناس... أوْلى لهؤلاء الموجوعين أن يتظاهروا ضد من يهدد لقمتهم كل يوم، بل أمنهم وحياتهم، لأن قراراً ظنياً -لا علاقة لهؤلاء الموجوعين به- سوف يصدر في وقت ما!!.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


7 + 3 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع