الحقوق الفلسطينية والإحراج السني!

  محيط البوك الخبر

قسم الاخبار
  الحقوق الفلسطينية والإحراج السني!     
 

الكاتب :    

 
 

 الزوار : 2896 |  الإضافة : 2010-08-04

 

الخطب المكتوبة والمقالات

 مقالات الاستاذ فادي شامية



لفترة وجيزة جداً، صدّق بعض الفلسطينيين أن ثمة توجهاً جدياً لإنصافهم في لبنان. حماسة النائب وليد جنبلاط –الراغب بشدة باستعادة شعاراته العروبية واليسارية- جعلتهم يحلمون لبعض الوقت بتملّك مسكن، بدلاً من الاضطرار لتسجيله على اسم مواطن لبناني قد يفي وقد يغدر.

الحقوق الفلسطينية والإحراج السني!

فادي شاميةالثلاثاء 3 آب 2010 الموافق 22 شعبان 1431 هـ

لفترة وجيزة جداً، صدّق بعض الفلسطينيين أن ثمة توجهاً جدياً لإنصافهم في لبنان. حماسة النائب وليد جنبلاط –الراغب بشدة باستعادة شعاراته العروبية واليسارية- جعلتهم يحلمون لبعض الوقت بتملّك مسكن، بدلاً من الاضطرار لتسجيله على اسم مواطن لبناني قد يفي وقد يغدر. وزن وليد جنبلاط –الزعيم والنائب- جعلت بعض حملة الشهادات من الفلسطينيين يظنون أنه قد يأتي وقت يعملون فيه في لبنان بأجر عادل لا بأجر عامل تنظيفات... بل ربما أدى وصول أربعة اقتراحات قوانين إلى مجلس النواب بصفة عاجلة، إلى ظن البعض من الفلسطينيين أنهم سيحصلون على ضمان صحي يغنيهم عن الذل أو الموت على أبواب عيادات ومستشفيات "الأونروا"...!

خارج البرلمان سمع الفلسطينيون كل أصناف التأييد لـ"حق العودة"، ورأوا كل حركات التباكي على المظالم التي يتعرضون لها، وشاهدوا اللعنات كيف تُصب على "إسرائيل"، التي "سلبتهم أرضهم"... لكنهم في لحظة الحقيقة لم يروا الطحين، رغم طنين الآذان من كثرة الجعجعة!.

ولعل النائب وليد جنبلاط -المتفضل بالمبادرة بطرح الحقوق- نال ما أراد، وأثبت لمن يعنيه الأمر أنه بات شديد الاهتمام بفلسطين وبالقضايا القومية... تاركاً للآخرين التنظير للأسباب الموجبة لرفض هذه الاقتراحات.

في الجانب المسيحي لم يبدُ التباين كبيراً في المواقف؛ وبينما أخذت "القوات اللبنانية" موقفاً "متطوراً"، متجاوزةً الحساسيات السابقة، اتخذت "الكتائب اللبنانية" الموقف الأكثر تشدداً، فيما عبّر "التيار الوطني الحر" صراحةً عن رفضه بحث الموضوع، محملاً عبئه إلى "إسرائيل" والدول العربية!... ولم تكن هذه المواقف في غالبها جديدة، لأنها تتماشى مع الموقف التقليدي للقوى المسيحية في لبنان.

في الجانب الإسلامي بدا الأمر لافتاً أكثر، فحرصُ القيادة السياسية على متانة العلاقة مع الحليف المسيحي تقدّمت على واجب الإنصاف المفترض للفلسطيني. على هذا الأساس، فقد تمثلت الأولوية لدى الرئيس سعد الحريري في عدم السماح لأحد في دق إسفين بينه وبينه حلفائه المسيحيين، من باب الحقوق الفلسطينية. ورغم الحركة الكبيرة التي تولاها الرئيس فؤاد السنيورة لدى "حزب الكتائب" على وجه التحديد، إلا أن الأمور لم تتقدم كما كان يأمل "تيار المستقبل".

وبالمقابل بدا حرص "حزب الله" واضحاً في عدم إحراج العماد ميشال عون في هذا الموضوع، حرصاً على دوام العلاقة الإستراتيجية معه. وبين هذا وذاك ضاعت الحقوق الفلسطينية في مقابر لجان مجلس النواب، وبين الحسابات السياسية... وفي أحسن الأحوال سيتمخض "جبل" اقتراحات جنبلاط عن "فأر" صغير في ميزان الإنصاف.

هل انعكس هذا الأمر ضيقاً لدى الشوارع اللبنانية؟

في واقع الحال، فإن الشوارع اللبنانية المختلفة لم تشعر بأن قيادتها السياسية بعيدة عن توجهاتها. فالشارع المسيحي متوجس أصلاً من كل ما يرتبط بالفلسطينيين في لبنان، وذاكرته تختزن كثيراً من الجراح المشتركة. وفي الجانب الشيعي، الحماسة لإنصاف الفلسطيني أقل بكثير مما تبدو عليه في المواقف السياسية. والشارع الدرزي لم يفهم أصلاً تقدّم زعيمه وليد جنبلاط نحو الفلسطينيين إلا في إطار تموضعه الجديد... وحده الشارع السني شعر بالإحراج؛ فغالبيته متحمسة فعلياً لإنصاف الفلسطيني، وبالوقت نفسه لا تريد –أي هذه الغالبية السنية- إظهار توجهاتها بصورة يمكن لـ "الآخرين" استغلالها لإضعاف القيادة السياسية للسنة، وهي الواقعة تحت "سندان" الاتهام –الظالم- بالسعي نحو التوطين، وبين "مطرقة" الحفاظ على التحالف السياسي مع الشريك المسيحي في الوطن.

لكن لماذا شعر الشارع السني فقط بالإحراج؟

في واقع الأمر، وعلى رغم التحولات الكبيرة التي أصابت السنة في لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ورغم كل ما يقال –زوراً- عن تخليهم عن القضايا القومية مذ رفعوا شعار: "لبنان أولاً"، فإن الشارع السني في لبنان كان – وما يزال- الحاضن الأول للقضية الفلسطينية،

وللفلسطينيين في لبنان. كيف لا، وتاريخ الوجود الفلسطيني في هذا البلد مرتبط في غالبيته بالسنة، لأسباب كثيرة.

وللتذكير، فإنه عندما اختلف اللبنانيون حول المقاومة الفلسطينية كان السنّة إلى جانب الفلسطينيين... وعندما نبذها البعض نتيجة أسباب لبنانية وبسبب تجاوزات فلسطينية، تحولت مناطق السنة إلى بيئات مريحة للمقاومين، حتى صارت منطقة الطريق الجديدة، وهي المعقل الأكبر للسنّة في بيروت، عاصمةً للمقاومة الفلسطينية وقياداتها... وعندما اجتاح الجيش الإسرائيلي لبنان وحاصر ما كان يعرف ببيروت الغربية جمعت القضية أهل بيروت مع الفلسطينيين في مصير واحد، ورغم الثمن الكبير الذي دفعته العاصمة حينها، فقد خرج كثير من أهل بيروت لوداع المقاومين الفلسطينيين بالدموع والألم!.... وعندما حوصرت المخيمات الفلسطينية في الجنوب، انشق الشارع الإسلامي على أساس مذهبي من أجل الفلسطينيين... وعندما لم يبق للمقاومة الفلسطينية من ملجأ بفعل ضربات العدو والشقيق، فتحت طرابلس ذراعيها للمقاومة، ودفعت ضريبة حب أهلها لفلسطين أيضاً...

الشارع السني متعاطف اليوم -في غالبيته- وبشكل صادق مع الحقوق الإنسانية للفلسطينيين، لكنه في الوقت نفسه مدرك لتعقيدات الوضع اللبناني، ولعل لسان حاله يقول: عذراً أيها الفلسطيني، فما زالت الحسابات السياسية اللبنانية لا تسمح بإنصافك كما يجب... رغم كثرة الذين يدّعون نصرة قضيتك!.


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


5 + 5 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع