جماعات الغلو الديني

  محيط البوك الخبر

قسم الاخبار
  جماعات الغلو الديني     
 

الكاتب :    

 
 

 الزوار : 2448 |  الإضافة : 2010-07-22

 

الخطب المكتوبة والمقالات

 مقالات الاستاذ فادي شامية



ما تزال ظاهرة ولادة وازدهار جماعات الغلو الديني تؤرق المجتمعات، نظراً إلى آثارها السيئة على المجتمع من جهة، وعلى الإسلام نفسه كدين عظيم من جهة أخرى.

جماعات الغلو الديني: أسباب الجاذبية، والسمات العامة، والمخالفات الشرعية

فادي شامة - الخميس 22-7-2010

ما تزال ظاهرة ولادة وازدهار جماعات الغلو الديني تؤرق المجتمعات، نظراً إلى آثارها السيئة على المجتمع من جهة، وعلى الإسلام نفسه كدين عظيم من جهة أخرى.

أسباب الجاذبية

في دراسة متخصصة أجراها في العام 2007، مركز الوسطية في الكويت، شملت عشرات المقابلات مع منتمين لـ "القاعدة"، في سجون أكثر من دولة خليجية، حول أهم الأسباب الدافعة للانتماء إلى فكر "القاعدة"، جاءت النتائج على الشكل الآتي:

1- إشباع الحاجة إلى الانتماء: وهي حاجة ثابتة علمياً، وقد أفاد المنتمون إلى "القاعدة" أن تقبلهم من قبل التنظيم تم بسهولة ويسر، كما هم، ودونما شروط خاصة، باستثناء التحوط الأمني. ويلاحظ هنا أنه بفعل اعتناق الفكر القاعدي، يصبح الانتماء أممياً، وليس مرتبطاً ًبرقعة جغرافية، أو مجموعة مصغرة، أو فئة اجتماعية، ما يجعل أهمية الانتماء أكبر، وبالتالي فإن إشباع الحاجة إلى الانتماء يصبح أغزر.

2- إشباع الحاجة إلى الحرية: فيما يتعلق بالصورة الذهنية لهذه الحاجة، فإنها تتمثل في نظرة أفراد "القاعدة" إليها من ثلاث زوايا مختلفة هي:


1- الزاوية الأولى: فقدان الحرية السياسية: ويعنون بها أن ممارسة مثل هذه الحرية المتمثلة في حق الفرد في التعبير عن رأيه مفقودة في المجتمعات العربية عموماً.
2- الزاوية الثانية: فقدان القدرة على اتخاذ القرار بحرية لدى حكام المنطقة: ويعنون بها أن معظم حكومات المنطقة لا يملكون قرارهم بحرية تامة.
3- الزاوية الثالثة: فقدان معنى التمتع بالحرية عموماً بسبب الاحتلال الأجنبي: ويعنون بها أن أمة العرب كانت تعيش احتلالاً واحداً في فلسطين، وهي اليوم تعيش احتلالاً آخر في العراق، واحتلالات أخرى على شكل تواجد قوات أجنبية في البلدان الإسلامية.

3-إشباع الحاجة إلى القوة: وذلك من خلال الارتباط بتنظيم صغير العدد، لكنه كبير الفعالية، يؤرق الدول العظمى، ويعزز من أهمية الأمة الإسلامية ومنعتها، وفق رأيهم.

السمات العامة
ما أظهره تحليل محتوى اللقاءات مع هذه المجموعة الكبيرة من المنتمين لـ "القاعدة"، أن هؤلاء يتصفون بسمات منها:

1- التمركز حول قضية واحدة وجعلها قطب الرحى في التفكير، وهذه القضية بالنسبة لهم هي الجهاد، بحيث يصعب عليهم رؤية زاوية الطرف المقابل، فهم يغلّبون في الحوارات رأيهم، ويميلون فقط إلى من يوافقهم عليه. علماً أن الجهاد له مفهوم واحد عندهم وهو القتال. وهم يرون أنفسهم في موضوع الجهاد أقرب إلى ثقافة الموت منهم إلى ثقافة الحياة، وأنهم ليسوا مشروعاً للنصر، بل هم مشروع شهادة ليس إلا. لذا فإن نظرتهم للجهاد مبنية على أساس بطولي فقط، ونتاج ذلك كله أمرين: أولهما؛ إقرار مشروعية أخذ الفتوى من الذين هم على جبهات القتال (إذا سألتم فاسألوا أهل الثغور)، وثانيهما؛ إصرار بعضهم على تصنيف الآخر (من الذين لا يرون رأيهم بحصر الجهاد في القتال) على أنهم إما معطلون لركن هام في الجهاد (من لم يغزُ ولم يحدّث نفسه بغزو مات ميتة جاهلية) أو أنهم في أحسن الأحوال متخاذلون لا ينبغي إعطاء آرائهم أي اعتبار.

2- التلقائية في الطرح مع تبسيط تناول الدليل الشرعي، ما يجعل هؤلاء الشباب أسرع كثيراً في حراكهم الفقهي من مشايخهم الذين يناقشونهم. فضلاً عن أنهم في العموم يسيئون الظن بالعلماء المعاصرين، ويطعنون بهم.

3- الغلظة في الأسلوب والخشونة في الألفاظ، والاستبداد بالرأي.
4- الحاجة الماسة إلى الإشباع العاطفي لديهم، والتعطش إلى مفاهيم المحبة، في جانبها الحسي والمعنوي، الأمر الذي يفسر الاهتمام الزائد لكثير منهم بالآيات المتعلقة بالحور العين في القرآن الكريم.

5- النزعة نحو التعميم الجارف والتهويل، ومن أمثلة ذلك؛ اعتبارهم كل المشايخ والعلماء الذين يخالفونهم مشايخ سلطة. ويطال هذا التعميم عدداً من منتسبي وقياديي الحركات الإسلامية المتواجدة في الساحة أيضاً. كما يرافق هذا التعميم سرعة في إصدار الحكم على الآخرين.

6- سيطرة التفكير التآمري في تحليلهم للأحداث، حيث أجمع الذين جرت مقابلتهم على وجود مؤامرة على الأمة الإسلامية، من قبل جهات خارجية وداخلية، وأن معظم الأحداث التي تعصف بأمتنا ترتبط كلها بهذه المؤامرة. كما تتمثل هذه الصورة أيضاً في النظر إلى أن هذه المؤامرة -في رأيهم- محبوكة الأطراف، تدار بالكمبيوتر، وذات طبيعة استخباراتية واضحة.

7- سيطرة فكرة التكفير عن الذنب لدى بعضهم على اعتبار أن عدداً منهم كانوا قد اقترفوا ذنوباً كبيرة في السابق، وهم يسعون للتكفير عما ارتكبوا.

8- التلذذ في الشعور بالاغتراب لديهم، والتمتع بالشعور بالاضطهاد، واعتبار ذلك قربة إلى الله، ومن هنا التركيز الشديد على الحديث النبوي الذي يفيد أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فـ"طوبى للغرباء".

9- الاعتماد على الاطلاع الذاتي والتلقي من شبكة الإنترنت، لذا فهم يؤكدون أن الإنترنت ليس شيخاً عادياً، بل هو كتلة من المعلومات، وأداة بحث راقية، وتقنية عالية لمن أراد رصد الدليل الشرعي، وفحص الرأي الفقهي، بكافة أبعاده ومكوناته.

10- رفض مفهوم المواطنة، ولو في إطار أمة إسلامية واحدة، إذ لا حدود معترف بها من قبلهم، وأصلاً لا حدود عندهم للأمة الإسلامية، وتالياً لا قيمة للفروقات الثقافية أو العرقية أو الاجتماعية.

المخالفات الشرعية
هذه السمات العامة للمنتمين إلى جماعات الغلو الديني، مضافاً إليها تفكيرهم الحركي "الجهادي"، الذي يستسهل التكفير، والتفجير، وإزهاق أرواح الأبرياء؛ أدى إلى مصائب كبيرة في واقع الأمة، وجعل هؤلاء أهل إفساد -لا إصلاح- في الأرض، من عدة وجوه:

1- تركّز همُّّ الغلاة في الفكر الجهادي المعاصر على قتل الكافرين، أي الإسراع بهم إلى النار جزاء كفرهم. مع أن الأَوْلى دعوتهم إلى دين الله وإبعادهم عن النار.

2- تسبّب المغالون في الفكر الجهادي المعاصر بكثير من المآسي لهم ولعائلاتهم، وأضرّوا بالدعوة إلى الله، وأساؤوا إلى أهلهم وأوطانهم، خلافاً للأصل في مفهوم الجهاد أنه يحفظ الدين، ويحمي الأوطان.

3- أضر المغالون بالصورة الحضارية للإسلام، وأعطوا أعداءه ما يشتهون من ذرائع للصد عنه، حتى أن كثيراً من المسلمين أخذ يبتعد عن الالتزام بتعاليمه، من سوء ما رأى من غلو وتطرّف في الدين، خلافاً للوسطية، سمة الإسلام الحنيف.

ويمكن هنا حصر أهم المخالفات الشرعية لهؤلاء بالعناوين الآتية:

1- تكفير المسلمين: ولا يخفى كم من المآسي قد جرَّ هذا الأمر على الأمة.

2- قتل المسلمين بغير حقٍّ: قال تعالى: }وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا... وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا{[1]، وقال: }مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا{[2]، وقال رسول الله : "أوّل ما يُقضى بين الناس (يوم القيامة) في الدماء"[3].

3- قتل النفس: وذلك من خلال عمليات تفجير النفس بالمسلمين. قال الله تعالى: }وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا{[4]، وقال رسول الله e: "من قتل نفسَه بحديدة فحديدته في يده يتوجّأ بها في بطنه في نار جهنم مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردّى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً"[5].

4- قتل المعاهدين: وذلك من خلال استهداف السياح والأجانب. قال e: "مَن قتل نفساً معاهداً لَم يرح رائحة الجنة، وإنَّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً"[6].
5- ترويع الآمنين: قال رسول الله e: "مَن حمل علينا السِّلاحَ فليس منَّا"[7]. وقال: "من أشار على أخيه بحديدة لعنته الملائكة"[8].

6-إتلاف الأموال: من خلال أعمال التفجير والتدمير. قال تعالى: }وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ{[9].

7- تسفيه العلماء: وإعطاء أنفسهم حق الاجتهاد، ودعوة الناس لعدم الاقتداء بهم، ما يؤدي إلى الضرر بالدين وإعطاء أعداء المسلمين ما يشتهونه للإساءة إلى الإسلام. قال رسول الله e: "إنَّ المفلسَ من أمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار"[10].

--------------------------------------------------------------------------------

[1] النساء، 92.
[2] المائدة، 32.
[3] البخاري، الجامع المسند الصحيح، كتاب الديات(88)، باب قوله تعالى: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم" (1)، حديث (6864)، 4، 297.
[4] النساء، 29.
[5] مسلم، الجامع الصحيح، كتاب الإيمان (1)، باب غلظ تحريم قتل الإنسان (47)، حديث (159)، 1، 103.
[6] البخاري، الجامع المسند الصحيح، كتاب الديات(88)، باب إثم من قتل ذمياً بغير جرم (30)، حديث (6914)، 4، 311.
[7] المصدر نفسه، كتاب الديات (88)، باب قوله تعالى: "ومن أحياها" (2)، حديث (6874)، 4، 299.
[8] الترمذي، الجامع الصحيح، كتاب الفتن، باب لا يحل لمسلم أن يروّع مسلماً (4)، حديث (2162)، 522.
[9] البقرة، 205.
[10] مسلم، الجامع الصحيح، كتاب البر والصلة والآداب (45)، باب تحريم الظلم (15)، حديث (2581)، 4، 1997.


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


5 + 7 =

/300
  صورة البلوك ملتقى الشفاء الاسلامي
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع