التوتر الصامت

  محيط البوك الخبر

قسم الاخبار
  التوتر الصامت     
 

الكاتب :    

 
 

 الزوار : 2361 |  الإضافة : 2010-06-29

 

الخطب المكتوبة والمقالات

 مقالات الاستاذ فادي شامية



الحذر في العلاقة بين "الجماعة الإسلامية" و"التنظيم الشعبي الناصري" في صيدا قديم جداً. خلال سنوات الحرب الأهلية شهدت العلاقة بين الفريقين احتكاكات؛ بعضها مسلح، لكن التواصل لم ينقطع أبداً،

التوتر "الصامت" في العلاقة بين "الجماعة" وسعد في صيدا

فادي شامية

الحذر في العلاقة بين "الجماعة الإسلامية" و"التنظيم الشعبي الناصري" في صيدا قديم جداً. خلال سنوات الحرب الأهلية شهدت العلاقة بين الفريقين احتكاكات؛ بعضها مسلح، لكن التواصل لم ينقطع أبداً، وقد استمرت العلاقة بين مد وجذر إلى العام 1992، تاريخ أول انتخابات نيابية بعد الحرب الأهلية. واقع اللحظة السياسية آنذاك جعلت "الجماعة" و"الناصري" معاً، في ربع الساعة الأخير، لكن هذا التفاهم الهش لم يصمد خلال اليوم الانتخابي نفسه، ومن ذلك التاريخ وحتى اليوم، لم تشهد العلاقة بين "الجماعة" و"الناصري" أي تحالف أو تفاهم انتخابي ولو على أساس مصلحة كل من الفريقين-، بل ازداد التنافر بين جمهور التنظيمين، نتيجة الخلفية الفكرية لكل منهما، ونتيجة الخيارات السياسية المتباعدة في معظم الأحوال، ونتيجة المعارك الانتخابية البلدية عامي 1998 و2004، ومعارك نقابية متعددة، فضلاً عن تراكم النظرة السلبية لدى كل فريق تجاه الآخر.


خطان مختلفان

بعد انتهاء الحقبة السورية عام 2005، وانقسام اللبنانيين بين معسكرين متقابلين، وضع "التنظيم الشعبي الناصري" نفسه ضمن فريق الثامن من آذار، الأمر الذي حتّم على "الجماعة" الابتعاد عن "اللقاء الوطني" الذي يقوده الدكتور أسامة سعد، فتحوّل اللقاء شيئاً فشيئاً إلى حاضنة لكل الشخصيات أو القوى الإسلامية التي تلتقي مع سعد في توجهاته، ممن خرج من عباءة "الجماعة" أو اختلف معها، وقد بات "الإسلاميون" هؤلاء في الحضن الإيراني، وتحت عباءة سعد، الأمر الذي لم تكن تنظر إليه "الجماعة" بارتياح أبداً. (زار السفير الإيراني قبل أيام صيدا والتقى بمروحة واسعة من القوى والشخصيات مستثنياً "الجماعة الإسلامية").


مع الوقت، تراكمت ملاحظات كل فريق على الآخر، فـ "الجماعة" اعتبرت أن أسامة سعد بات ممثلاً لفريق الثامن من آذار في صيدا، بينما بات سعد ينظر إلى "الجماعة" على أنها أحد مكونات فريق الرابع عشر من آذار، رغم نفيها ذلك. ثم جاءت أحداث السابع من أيار 2008 لتزيد من توتر العلاقة، إذ رفضت "الجماعة" ما اعتبرته "استباحة للمدينة"، وكان صوتها الأعلى في انتقاد كل من تحالف أو غطى من "اعتدى على المدينة وكرامتها".


نتيجة هذا الواقع، واستناداً إلى تاريخ العلاقة الحذرة، فقد وجدت "الجماعة" نفسها إلى جانب "تيار المستقبل" في الاستحقاق النيابي في العام 2009 (بعد تفاهم شمل بيروت وصيدا)، ثم في الاستحقاق البلدي في العام 2010، وفي كلتا المرتين أسهمت "الجماعة" في تهميش أسامة سعد في المدينة، الأمر الذي رفع من منسوب التوتر "الصامت" بين الفريقين، حيث يلاحظ أن سعد ظل حريصاً - ولغاية إعلان نتائج الاستحقاق البلدي الأخير- على تجنيب "الجماعة" انتقاداته الحادة، التي ظلت محصورة بـ "تيار المستقبل".

توتر متزايد

مع فقدان أسامة سعد النيابة والبلدية معاً، وتراجع حضوره الشعبي على نحو ملموس رقمياً في المدينة، وتحميله "الجماعة" جزءاً كبيراً من المسؤولية عن "الاختلال التمثيلي" في عاصمة الجنوب، بات التوتر في العلاقة بينه وبين "الجماعة" أوضح. وقد تجلى ذلك في عدة مناسبات أعقبت الانتخابات البلدية في صيدا؛ كان أبرزها رفض "التنظيم الشعبي الناصري" الاشتراك في اعتصام تضامني مع "سفينة الحرية" في ساحة الشهداء في صيدا، لأن "الجماعة" مشاركة فيه، ومحاولته الضغط على "حماس" للتضامن معه والانسحاب أيضاً، لكن المحاولة فشلت.


ولاحقاً، تعرّض المسؤول السياسي لـ "الجماعة الإسلامية" في صيدا بسام حمود لانتقادات حادة، نُسبت إلى مصادر في "الناصري"، على خلفية تهنئته "المبكرة" لرئيس البلدية واجتماعه هناك بالرئيس فؤاد السنيورة، على اعتبار أن في الأمر "إقحاماً للسياسة في الشأن البلدي". كما نـُقل عن قيادات في "الناصري" كلامٌ قاسٍ بحق "الجماعة"، وقد وصل بعضه إلى مسامع قيادييها. هذا فضلاً عن بعض الاحتكاكات خلال فترة الانتخابات؛ كان أبرزها مهاجمة بعض المحسوبين على أسامة سعد احتفالاً انتخابياً للائحة التي يرأسها المهندس محمد السعودي في البلدة القديمة لصيدا، أعقبه تحذير واضح من بسام حمود لـ"شلل الزعران".


غير أن ذلك كله، ليس إلا الفقاعات الظاهرة للغليان الراكد، ففي الأول من حزيران الجاري ترأس الدكتور أسامة سعد اجتماعاً داخلياً لتقييم الانتخابات البلدية، وقد شهد اللقاء انتقادات حادة لخيارات "الجماعة" من أكثر من قيادي من "الناصري" ومن "اللقاء الوطني"، وقد شدد هؤلاء على ضرورة التعامل مع "الجماعة" و"المستقبل"، سواءً بسواء، بل طالب بعضهم بالتركيز على "الجماعة" أكثر لأنها "تمارس النفاق السياسي فترفع شعارات المقاومة وتغطي أعداءها". وقد انعكس هذا الجو على البيان الذي أصدره المكتب الإعلامي لأسامة سعد عقب انتهاء اللقاء، إذ نص على أن "الصراع مع التحالف الرجعي، المكوّن من فريق الحريري ومن معه، هو صراع مفتوح له أبعاده الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية".


وبالمقابل تكثر الانتقادات من طرف "الجماعة" للأداء السياسي لأسامة سعد، حيث تقول مصادرها: "إذا كان من حق الرجل أن يتخذ الخيار السياسي الذي يريد، فإنه ليس من حقه تخوين أحد أو جر المدينة إلى توترات على الأرض لحساباته أو لحسابات حلفائه... فليوضح لنا سعد ما معنى قوله في إحدى كلماته الانتخابية (في 21 أيار الماضي) إن الفريق الآخر متهم بالعمالة لإسرائيل!، فحتى لو لم تكن الجماعة مقصودة بهذا الكلام، فإنه لأمرٌ خطير جداً اتهام نحو ثلثي المدينة بالعمالة، أو بالتحالف مع العملاء، فضلاً عن أنه أمر لا يليق بصيدا -وهي عاصمة المقاومة- مخاطبة أهلها بهذه اللغة الوضيعة". تضيف المصادر: "لقد قام أسامة سعد بممارسات سلبية عديدة خلال فترة الانتخابات، ولم نكن نرغب بالاشتباك سياسياً معه، لكن يبدو أنه راغب بالاستمرار بهذا النهج بعد الانتخابات، وهو أمر لن نسكت عنه بعد اليوم".


وإذ يرفض المسؤول السياسي لـ "الجماعة الإسلامية" بسام حمود التعليق على الانتقادات التي وُجهت له على "خلفية التهنئة البلدية المبكرة"، مكتفياً بالقول: "كتابات صبيانية"، توضح المصادر نفسها بالقول: "أولاً؛ تهنئة المهندس السعودي بتسلمه مهامه ليست خطيئة بل واجب كنا نتمنى أن يقوم به أسامة سعد أيضاً. ثانياً؛ اللقاء القصير الذي أجراه الأستاذ حمود مع الرئيس السنيورة على هامش التهنئة لم يكن مخططاً له، وإنما كان ابن ساعته، لمنع تحوّل حادثة فردية حصلت في صيدا إلى مشكلة ذات أبعاد أخرى. ثالثاً؛ ليس من الإنصاف إطلاق النار المبكر على البلدية بهذا الشكل، فلو أردنا نبش أداء الفريق الآخر، ومحاولته فرض هيمنته على الرئيس السابق للبلدية، خلال السنوات الست الماضية لقلنا الكثير... وفي النهاية يجب أن نفرّق بين الحسابات السياسية الخاصة بكل فريق، وبين مصلحة المدينة، ونحن عندما دعمنا هذه البلدية فقد نظرنا أولاً إلى مصلحة المدينة، لذا سنتخذ موقفنا منها تبعاً لما نراه مصلحةً للمدينة، وهذا الأمر قلناه قبل الانتخابات وسنؤكده بعد الانتخابات".


الوقائع السابقة تؤشر -بلا شك- إلى مرحلة جديدة في العلاقات بين "الجماعة" والدكتور أسامة سعد وحلفائه، سيما أن الحركة السياسية لـ "الجماعة" داخل صيدا تشهد انتعاشاً منذ مدة غير قصيرة (نظمت "الجماعة" احتفالاً حاشداً قبل أيام وكان رئيس البلدية محمد السعودي خطيباً فيه)، ما يعني أن التوتر مرشح للازدياد في الأيام القليلة القادمة، لا سيما عند تجدد الاستحقاقات الانتخابية، وأولها رئاسة "اتحاد بلديات صيدا -الزهراني"، حيث أعلنت "الجماعة" موقفاً حاسماً يدعو لـ "الانسحاب من الاتحاد في حال كسر عرف ترؤس صيدا له"، في حين يحتفظ أسامة سعد بالصمت حتى الآن، وكأنه راضٍ ضمناً عن هذا الأمر، الأمر الذي سيحوّل "التوتر الصامت" في علاقته مع "الجماعة" إلى "توتّر ناطق"... ما لم تكن التصريحات الواردة في هذا المقال قد قامت بذلك فعلاً!.


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


3 + 5 =

/300
  صورة البلوك ملتقى الشفاء الاسلامي
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع