معالجة الأوضاع الاجتماعية للفلسطينيين

  محيط البوك الخبر

قسم الاخبار
  معالجة الأوضاع الاجتماعية للفلسطينيين     
 

الكاتب :    

 
 

 الزوار : 2659 |  الإضافة : 2010-06-21

 

الخطب المكتوبة والمقالات

 مقالات الاستاذ فادي شامية



ليس ثمة شك في أن الفلسطينيين في لبنان يعيشون أوضاعاً اجتماعية مزرية، وأن كثيراً من القرارات والقوانين اللبنانية تزيد من مأساتهم، وتحوّل بعضهم إلى قنابل موقوتة، وأن الحساسيات السياسية والديموغرافية في لبنان،

معالجة الأوضاع الاجتماعية للفلسطينيين حق وطرح جنبلاط لها مرتبط بتموضعه الجديد!

فادي شامية- الاثنين21 حزيران 2010 الموافق 9 رجب 1431 هـ

ليس ثمة شك في أن الفلسطينيين في لبنان يعيشون أوضاعاً اجتماعية مزرية، وأن كثيراً من القرارات والقوانين اللبنانية تزيد من مأساتهم، وتحوّل بعضهم إلى قنابل موقوتة، وأن الحساسيات السياسية والديموغرافية في لبنان، منعت منذ أكثر من ستين سنة -وما تزال-، مقاربة ملف الوجود الفلسطيني فيه مقاربةً إنسانيةً هادئة.

معالجات مطلوبة

إن أحد أكثر القوانين اللبنانية ظلماً للفلسطيني؛ القانون رقم 296 الصادر عام 2001، معدِّلاً المرسوم رقم 10845/1968، تحت عنوان "حماية الحقوق العينية العقارية في لبنان والحفاظ على وطنيتها". فهذا القانون منع الفلسطيني – كما الإسرائيلي- دون سواه من جنسيات العالم كلها، من "تملك أي حق عيني، من أي نوع كان". وبموجب هذا القانون لم يعد ممكناً، للفلسطيني بعد العام 2001، تملك أي عقار أو حق عيني في لبنان، لا بالشراء – حتى لو كان الشراء بين فلسطينيين، ولا بالإرث، ولا حتى بالوصية!. وفي ذلك ظلم بيّن للفلسطيني، من خلال منعه تملّك بيت يؤويه، ولأولاده من بعده، باعتبار أنهم محرومون من ميراث أبيهم أيضاً...! (ليس من دولة في العالم -غير لبنان- تمنع نقل الملكية من الآباء إلى الأبناء عن طريق الإرث والوصية، بما فيها تلك الدول التي يصنفها كثير من الفلسطينيين -عن حق أو غير حق- "معادية").

يضاف إلى هذا الواقع القانوني، العديد من القرارات الإدارية التي تمنع إدخال مواد البناء إلى المخيمات، رغم أن عدد قاطنيها تضاعف ثلاث مرات على الأقل منذ العام 1948 (عدد المسجلين لدى الأونروا حتى منتصف العام 2007 هو 411 ألفاً)، ورغم أن ثلاث من هذه المخيمات قد "اختفت" عملياً (من أصل 15 مخيماً رسمياً كانت موجودة حتى عام 1974).

وفوق هذا وذاك، فإن القوانين والقرارات اللبنانية تمنع على الفلسطيني ممارسة 72 مهنة، رغم التخفيف الجزئي الذي جرى في العام 2005، فضلاً عن منع الانتساب إلى النقابات، حتى في المهن المتدنية التي يمارسها الفلسطيني. ناهيك عن غياب أنظمة التقاعد والتقديمات والضمانات الاجتماعية. وفي ظل التراجع المستمر لتقديمات الأونروا، فإن الواقع الصحي للفلسطينيين بات كارثياً فعلاً. ثم جاءت أحداث مخيم نهر البارد وتأخُّر – إن لم نقل تعثُّر- إعادة إعمار المخيم المذكور، لتزيد المأساة بالنسبة لشريحةٍ، كانت توصف بأنها الأفضل مادياً، بالنسبة لباقي الفلسطينيين.

فهل يمكن لـ "إنسانٍ"، أن يرفض معالجة هذا الواقع؟! (الفلسطيني المقيم في سوريا -ورغم ضيق أفق حريته السياسية- فإنه يتساوى في الحقوق مع السوري، باستثناء الحق بالانتخابات والترشيح لعضوية مجلس الشعب. وقد وصل بعض الفلسطينيين في سوريا إلى مواقع بارزة في الجيش وفي السلطة التنفيذية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد تقلّد الفلسطيني أحمد الحسن وزارة الكهرباء والمعادن والنفط لمدة أربع سنوات متتالية).

لماذا الآن؟!

السؤال الذي يطرح نفسه، بعد هذا التقديم؛ إذا كان الواقع الفلسطيني في لبنان بهذا الشكل الذي يوجب المعالجة، -أقله منذ العام 2001، تاريخ إقرار القانون رقم 296 الذي يمنع تملك الفلسطيني أي حق عيني في لبنان- فلماذا تأخّرت المعالجات إذاً؟

في الواقع، فإن الجميع في لبنان مسؤول، وتالياً فإن الجميع مطالب بتوضيح سكوته، ولا يعني أن يتقدم فريق اليوم، بأربعة قوانين مقترحة، أنه بات خارج المساءلة، سيما أن الفريق نفسه لم يغب عن البرلمان طيلة السنوات الماضية، خلافاً لمن ينعتهم اليوم بـ"اليمين الغبي".

وللتاريخ، فإنه لدى إقرار القانون 296 -سالف الذكر – في العام 2001 لم يعترض على القانون أحد من نوابنا الكرام، لا نواب "الحزب التقدمي الاشتراكي" ولا باقي النواب المسلمين؛ سنةً وشيعة. وحده النائب في كتلة الرئيس رفيق الحريري؛ محمد قباني سجّل اعتراضه.

وللتاريخ أيضاً، فإنه بعد إقرار القانون قام عشرة نواب من كتلة الرئيس رفيق الحريري و"حزب الله" بتقديم طعن أمام المجلس الدستوري بالقانون المذكور (البند المتعلق بالفلسطينيين)، ضمن المهلة الدستورية، لكن المجلس رد الطعن. كان ذلك في فترة الوصاية السورية، أما بعد العام 2005، فقد حمل النائب (القاضي) وليد عيدو لواء تعديل القانون لـ "تعارضه مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1949 الوارد في مقدمة الدستور اللبناني"، لكنه كان يشكو من عدم تعاون باقي الكتل البرلمانية معه، وقد استشهد عيدو وبقي مطلب التعديل ينتظر تعاوناً من الكتل الأساسية، لئلا يدخل في بازار التجاذب السياسي، ويُتهم فريق الرئيس سعد الحريري بالسعي إلى التوطين!.

وللتاريخ أيضاً، فإن وزير العمل الوحيد الذي قلّص –نسبياً- لائحة الأعمال الممنوع على الفلسطيني مزاولتها، هو وزير "حزب الله" في حكومة الرئيس السنيورة؛ طراد حمادة.

أما "تذكر" جنبلاط المفاجئ لحقوق الفلسطينيين فيدخل في إطار إعادة تموضعه، بعدما "استعاد" شعاراته القومية واليسارية، وليس أفضل من مقاربة العنوان الفلسطيني في هذا المجال، إذ لطالما شكّلت القضية الفلسطينية رافعة لمن حملها، سواء كان عربياً أو أعجمياً، وسواء كان صادقاً أو غير ذلك.

كما يبدو جنبلاط اليوم، من خلال نعوته القاسية بحق حلفائه السابقين، كمن يريد استجلاب هجوم عليه، يستفز الشارع الدرزي ويشد العصب المذهبي حوله، بعد التبدلات الكبيرة في مواقفه السياسية، سيما أن القوانين المقترحة، أحدثت انقساماً مختلفاً عن الانقسامات السابقة (8 و14 آذار)، ليبدو المشهد وكأنه انقسام بين المسيحيين والمسلمين، الأمر يترك المجال واسعاً أمام جنبلاط للمناورة.

فزاعة التوطين

لقد أجّل مجلس النواب البت بالمقترحات القانونية المقدمة إليه لدرسها (بعضها لا يمكن إقراره دون دراسة أوضاع المؤسسات المعنية، وإيجاد الآليات التي تبعد شبح الإفلاس عن هذه المؤسسات؛ الضمان الاجتماعي على سبيل المثال)، والواجب الآن- بغض النظر عن الأهداف السياسية للكتلة التي تقدمت بالقوانين- الاستفادة من فرصة فتح النقاش العملي بأوضاع إخوتنا الفلسطينيين، وتصحيحها، وإقرار القوانين اللازمة لذلك، بأكبر قدر ممكن من التوافق الوطني.

إن إعادة تشغيل "أسطوانة التوطين" في معرض بحث الحقوق الإنسانية والاجتماعية للفلسطيني في لبنان، ليس في محله على الإطلاق، رغم كل ما يحكى في هذا المجال، للأسباب الآتية:

  1. إن الضمانة الفعلية لعدم التوطين -مهما قيل عن مخططات لتنفيذه- هي الإجماعين؛ اللبناني والفلسطيني على رفضه، وليس أي عامل آخر، إذ لا يمكن فرض توطين على شعب لا يريده، وعلى شعب لا يقبل به.

  1. سبق للرئيس سعد الحريري أن أعلن – في رد ضمني على من يخيف المسيحيين من احتمال قبول المسلمين السنة بالتوطين- أنه يقبل بالتوطين فقط إذا قبل به 128 نائباً في البرلمان اللبناني، وفي وقت لاحق تقدّم نواب من فريق الرابع عشر من آذار باقتراح تعديل دستوري ينص صراحة على عدم التوطين، وقد سقط الاقتراح لأن باقي النواب اعتبروا أن التعديل هو من باب لزوم ما لا يلزم، لأن مقدمة الدستور اللبناني تشير إلى ذلك.

  1. إن رفض التوطين موقف سياسي لا علاقة له بالحقوق الإنسانية والاجتماعية للفلسطينيين، ولا يعقل "تعذيب" الفلسطيني في لبنان تحت عنوان إبقاء الرغبة لديه بالعودة إلى وطنه السليب (الفلسطيني في الدول التي يحظى فيها بحقوق واسعة، ليس أقل رغبة بالعودة إلى فلسطين)، لأن المعاناة قد تدفعه للتفكير بطريقة معاكسة، كي يخفف من جحيم العيش، وظلم الأقربين والأبعدين والأعداء له، ومتاجرة أكثر الناس بقضيته العادلة.

  1. إن تراكم مشاعر الظلم والإحباط لدى الفلسطيني، من شأنها تخصيب البيئة الحاضنة للعنف والتطرف والإرهاب، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس سلباً على الواقع الأمني اللبناني، فضلاً عن إساءته للفلسطيني وقضيته أيضاً.

في نهاية المطاف، فإنه لا يمكن للبنان أن يتغنى بمناصرة القضية الفلسطينية، وهو يظلم أبناءها... مهما حاول تغليف هذا الظلم بشعارات الحفاظ على القضية نفسها... ولا يليق بشعب لبنان الأبي أن يكون وضع الفلسطيني على أرضه بهذا الشكل... أبداً!.


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


7 + 1 =

/300
  صورة البلوك ملتقى الشفاء الاسلامي
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع