حفاظاً على العيش المشترك
الحكومة تؤجل انتخابات تعنايل والمريجات؛ فماذا عن الحصون ومشّان؟!
فادي شامية- السبت8 أيار 2010 الموافق 24 جمادى الاولى 1431 هـ
مساء الأربعاء الماضي، و>حفاظاً على العيش المشترك>، قرر مجلس الوزراء تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية في بلدتين في البقاع- قضاء زحلة، هما: المريجات وتعنايل· قرار مجلس الوزراء جاء بعد خلافات انتخابية، ذات طابع طائفي، في البلدتين المذكورتين، أدت إلى انسحاب المرشحين المسيحيين كلياً، الأمر الذي عنى فوز مجلس بلدي من لون طائفي واحد·
ماذا جرى في تعنايل والمريجات؟!
تعنايل بلدة مختلطة؛ فيها مسلمون (سُنّة)، وفيها مسيحيون، وقد فشلت عائلات البلدة في التوافق على لائحة مشتركة، كما فشلت في تشكيل لوائح انتخابية تضم كل منها مرشحين من المسلمين والمسيحيين معاً· على العكس من ذلك، فقد اتخذ الخلاف الانتخابي بين أهالي البلدة طابعاً طائفياً، فشلت الوساطات في حله، وقد كان آخرها وساطة الرئيس سعد الحريري، -الذي يحظى بشعبية كبيرة بين أهالي البلدة المسلمين- حيث رأت العائلات المسلمة أنها الأحق برئاسة البلدية، استناداً إلى عددها، فانسحب على الأثر المرشحون المسيحيون كلياً، ما كان يعني ? لو لم يتدخل مجلس الوزراء بطلب من الرئيس الحريري نفسه - أن يصبح المجلس البلدي، - والمختار أيضاً- من لون واحد، أي من المسلمين·
أما في المريجات التي تضم دروزاً ومسيحيين، فقد وقع الخلاف بعدما توحّدت العائلات الدرزية على مطلب يقضي بحصول الدروز على أربعة مقاعد بلدية من أصل تسعة، مقابل التنازل عن رئاسة البلدية لمرشح مسيحي، وأن يكون منصب مختار البلدة معهم، -أي درزياً- خلافاً للعرف القائم في هذه البلدة، الأمر الذي دفع العائلات المسيحية إلى المقاطعة· وقد أيّد وزراء <الحزب التقدمي الاشتراكي>، الذي يحظى بشعبية كبيرة وسط دروز هذه القرية، قرار التأجيل في مجلس الوزراء، للسبب نفسه الذي أُجلت على أساسه انتخابات تعنايل، وهو <الحفاظ على صيغة العيش المشترك>·
··· وماذا عن الحصون ومشّان؟!
في الحالتين السابقتين قام مجلس الوزراء بما توجبه مقتضيات الصيغة اللبنانية الفريدة، وحسناً فعل، لكن حتى تستقيم قرارات مجلس الوزراء، فينبغي أن تعمم على كافة القرى التي اختل فيها العيش المشترك في الانتخابات البلدية الأخيرة، وتحديداً في بلدتي الحصون ومشّان- قضاء جبيل·
في هاتين البلدتين المختلطتين بين المسلمين (الشيعة) والمسيحيين، يتفوق المسلمون عددياً، رغم أن معظم الأراضي في البلدتين مملوكة لمسيحيين· وما جرى قبيل الانتخابات البلدية الأخيرة أن العائلات في البلدتين لم تتفق على لوائح انتخابية مختلطة ? رغم أن المسلمين يؤيدون في غالبيتهم <حزب الله>، والمسيحيون يؤيدون في غالبيتهم العماد ميشال عون، والفريقان حليفان سياسياً!- فجَرَت الانتخابات، وأنتجت مجالس بلدية من لون واحد، حيث فاز في الحصون كل من: إبراهيم قيس، ومحمود مراد، وحسن محسن، وعائلة أبي حيدر وأنسبائها؛ محمد أبي حيدر، وحسين أبي حيدر، وراتب أبي حيدر، ومصطفى أبي حيدر، وعباس أبي حيدر·
وفي مشّان (9 مقاعد) تكرر الأمر نفسه، حيث فازت عائلة حمزة؛ حيدر حمزه، ومحمود حمزه، وهلال حمزه، ومازن حمزه، وعبد الله حمزه، إضافة إلى محمد حسين، ومجيد حسين، وأسعد أحمد، ومحسن شمص·
السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يجوز أن يمر مجلس الوزراء على هذه النتيجة مرور الكرام؟! سيما أن النتيجة لم تخلّ بالعيش المشترك فحسب، بل بغاية الانتخابات بحد ذاتها، إذ حظيت في كلا البلدتين المذكورتين عائلة واحدة برئاسة وغالبية أعضاء المجلس البلدي (5 من 9 من آل أبي حيدر في الحصون، و5 من 9 من آل حمزة في مشّان!)· واستطراداً، يمكن التساؤل عن السبب الذي يمنع القوة السياسية الأكثر تمثيلاً لدى المسلمين، أي <حزب الله>، من طلب إعادة الانتخابات، كما طلب كل من <تيار المستقبل> و>الحزب التقدمي الاشتراكي> في كل من تعنايل والمريجات تأجيل هذه الانتخابات استدراكاً لنتيجة مشابهة، خصوصاً أن كل من <حزب الله> و>التيار الوطني الحر> حليفان <متكافئان>··· هكذا يقال!
عموماً، وبعيداً من الاستنتاج السياسي، فإن الوقائع أعلاه تستحق تدخّل معالي وزير الداخلية زياد بارود، ليبني على الشيء مقتضاه، ( وهو ما كان يجب أن يحصل قبل إجراء الانتخابات) مع الإشارة إلى قرى أخرى قد حصل فيها إخلال بالأعراف في تركيبة المجالس البلدية، كما في المغيري (شيعة- مسيحيون) وبشامون (دروز -مسيحيون)، لكن الأمر لم يصل إلى حد إطاحة طائفة بطائفة أخرى كلياً، أو بالأحرى إطاحة عائلة بمن عداها!·