هل يملك الإسلاميون مشروعاً قادراً على التغيير نحو الأحسن

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
هل يملك الإسلاميون مشروعاً قادراً على التغيير نحو الأحسن

   الكاتب :

 

 الزوار : 2290   الإضافة : 2009-11-08

 

منذ انطلاقة الحركة الإسلامية الحديثة في منطقتنا العربية على يد الإمام حسن البنا عام 1928، وهي تحمل رؤية واضحة تقوم على ركنين، عبّر عنهما البنا نفسه، وهما؛ <التحرر من السلطان الأجنبي والإصلاح في المجتمعات>·

هل يملك الإسلاميون مشروعاً قادراً على التغيير نحو الأحسن
فادي شامية – اللواء- 6-11-2009

منذ انطلاقة الحركة الإسلامية الحديثة في منطقتنا العربية على يد الإمام حسن البنا عام 1928، وهي تحمل رؤية واضحة تقوم على ركنين، عبّر عنهما البنا نفسه، وهما؛ <التحرر من السلطان الأجنبي والإصلاح في المجتمعات>·

نجاحات الحركة الإسلامية

نجحت الحركة الإسلامية التي أطلقها الإمام البنا في مقاومة العدوان الخارجي، ابتداءً بالاحتلال البريطاني في مصر وفلسطين، وصولاً إلى مقاومتها الحركة الصهيونية المستمرة إلى اليوم في الضفة والقطاع (حركة حماس)، مروراً بكل حركات المقاومة الإخوانية التي شهدها -وما زال- عالمنا العربي والإسلامي·

أما في ما خص الإصلاح في الداخل - على أساس إسلامي- فقد حققت فيه الحركة الإسلامية نجاحات هامة، واستطاعت نقل مجتمعاتها في مجال التوعية الإسلامية إلى مراحل بعيدة كثيراً عما كانت عليه أوائل القرن الماضي·

ويمكن القول إن منطقتنا العربية والإسلامية تعيش اليوم مداً إسلامياً متصاعداً، إذ يعتبر الخطاب الإسلامي- على اختلاف مشاربه - عامل الحشد الأول لدى الشعوب العربية والإسلامية، كما تعتبر الأطر الإسلامية الأكثر تنظيماً وفعالية، في مجالات؛ الدعوة، والتربية، والسياسة، والإعلام، والاقتصاد، مع تميز أكبر في مجال العمل الخيري الذي تسيطر على جزئه الأكبر شخصيات إخوانية حول العالم·

وفي الجانب الشيعي حققت حركة البعث الديني التي أطلقها الإمام الخميني نهضة إسلامية كبرى تخطت حدود إيران، وأطاحت بحكم الشاه الفاسد، ونقلت إيران من الحضن الغربي إلى الحضن الإسلامي·

وبناءً عليه، هل يمكن الحديث عن مشروع إسلامي يمثل بديلاً حضارياً قادراً على الوقوف بوجه المشاريع الأخرى في منطقتنا العربية؟!·

المشروع الإسلامي: هل هو موجود فعلاً؟!

يصعب القول إن الإسلاميين اليوم يملكون مشروعاً واحداً يقدمونه لشعوبهم، والصحيح أنهم يملكون رؤى وأفكاراً متباينة، تجمعها المرجعية الإسلامية، وتفرقها سبل شتى -ومتضاربة أحياناً - في تطبيقهم نظرية: <الإسلام هو الحل>·

وإضافة إلى ذلك فإن الحديث عن المشروع الإسلامي يفترض وضع محددات له؛ إذ هل يشمل الإسلاميين السنة والشيعة معاً، أم أن لكل مذهب إسلامي مشروعه الخاص؟· وبمعنى آخر: هل ثمة مشروع مشترك للإسلاميين عموماً أم أن للإسلاميين الشيعة مشروعهم المرتبط وجودياً بالمشروع الإيراني؟ وفي هذه الحال هل يتكامل مشروع الإسلاميين السنة مع المشروع الإيراني أم يتضاربان؟! وهل ثمة مشروع إسلامي عربي في إطار مشروع إسلامي عام يجمع مشاريع إسلامية لقوميات أخرى (المشروع الإسلامي التركي مثلاً) أم أن البعد القومي غائب تماماً عن هذا المشروع؟!·

واستطراداً، ماذا عن كثير من الحركات الإسلامية التي تطرح رؤى غير شمولية للإسلام، كجماعات الصوفية والتبليغ والدعوة التقليدية··· هل يمكن اعتبارها ضمن المشروع أم لا؟ وماذا عن الجماعات التي لا تؤمن بالآليات الديمقراطية سبيلاً للوصول إلى الحكم؟! وماذا عن مجموعات العنف السياسي، وجماعات التكفير، وهجرة المجتمعات ومعاداتها؟ علماً أن هذه الأخيرة تتخذ من الحركات الإسلامية خصماً أولاً لها، وهي <جريئة> جداً في تكفير المسلمين المخالفين في المنهج الفكري!·

تطبيقات <المشروع الإسلامي> غير مشجعة!

وإذا انتقلنا من النظرية إلى التطبيق فإن تجارب الإسلاميين السنة في الحكم ليست مشجعة في غالب الأحوال، ففي أفغانستان نجح الإسلاميون في إنزال هزيمة قاتلة في الاتحاد السوفياتي السابق، إبان فترة الجهاد، لكنهم اختلفوا وتقاتلوا على الحكم بصورة بشعة جداً بعد ذلك، وقد شكّل نموذج حكم طالبان لاحقاً نموذجاً سيئاً ومتخلفاً للحكم الإسلامي·

وفي السودان، لم تكن التجربة مشجعة أيضاً· صحيح أنها حققت نجاحات في مراحلها الأولى، لكنها لم تستطع تقديم البديل الحضاري المطلوب، خصوصاً بعد فشل النظام القائم في التعامل مع الكثير من الأزمات الداخلية، وعلى رأسها أزمة دارفور، فضلاً عن الفشل في التنمية والحفاظ على الحريات وحقوق الإنسان·

أما في الصومال فإن الواقع أشد إيلاماً، إذ بعد وصول شيخ شريف أحمد، رئيس <المحاكم الإسلامية> إلى الحكم، تفجر مباشرةً صراع الإسلاميين وبشكل دموي، فزاد من ضياع هذا البلد العربي المعذب·

وبالانتقال إلى الجانب الشيعي فإن التجربة الإسلامية الإيرانية آخذة في التراجع· ليس بسبب حربها مع عراق- صدام حسين ثم تعاونها لاحقاً مع الولايات المتحدة لإزاحته، فحسب، ولكن بسبب الكثير من المشاكل والأزمات التي تثيرها في المنطقة، فضلاً عن الأزمات الداخلية· والأهم غياب الصورة الحضارية للمشروع الذي حملته الثورة الإسلامية، نتيجة التوجه المذهبي القمعي، والتضييق على الحريات، وانتهاج ممارسات غير إسلامية وغير أخلاقية مع المعارضين، بمن فيهم أبناء وقادة الثورة نفسها·

نحو مشروع إسلامي أكثر <نضجاً>

مع ذلك كله، فلا يمكن إغفال دور الحركات الإسلامية في مجتمعنا المعاصر، كأحد أهم اللاعبين في المنطقة· والأهم أن الكثير من الشعوب العربية والإسلامية تعلق آمالاً كبيرة على الطروحات الإسلامية لتغيير واقعها نحو الأحسن، الأمر الذي يستوجب صياغة مشروع إسلامي قادر على تلبية هذه الآمال·

والملاحظة الأولى في هذا المجال أن الإسلاميين عموماً يستجيبون بفعالية كبيرة جداً مع التحديات الخارجية التي تواجهها شعوبهم، وهم الأكثر تضحية في النزال من أجل التحرر من الأجنبي، لكن استجابتهم مع تحديات الداخل واستحقاقاته قاصرة، ما يدفعهم لإهمال الشؤون المعيشية، وتغليبهم الشأن السياسي العام على المشاكل السياسية الداخلية، وهذا القصور يلاحقهم فيما بعد عندما يصلون إلى الحكم أو يشاركون فيه على الأعم الأغلب·

الملاحظة الثانية أن الإسلاميين لم يتفقوا بعد على خطوط عريضة لرؤاهم المتباينة، وتعتبر أجواء التضييق التي يعيشونها في معظم الأنظمة العربية سبباً هاماً في ذلك، بدليل أن أجواء الحرية الموجودة في لبنان سمحت بصياغة وثيقة متميزة في توحيد الرؤى الإسلامية -بالحد الأدنى- فيما عُرف باسم <ميثاق العمل الإسلامي>، عام 2003، ولكن ما يزال الطريق طويلاً نحو صياغة رؤية مشتركة للقضايا الحساسة التي يختلف عليها الإسلاميون·

الملاحظة الثالثة، وأحسبها الأكثر <جرأة>، أن لا سبيل لقيام مشروع إسلامي حضاري إلا على أساس منهج الوسطية والاعتدال، الذي هو منهج الإسلام أساساً، انطلاقاً من قوله تعالى: <وكذلك جعلناكم أمة وسطاً>، وهذا يعني ضرورة <استيعاب> الحركة الإسلامية الأم، أي <الإخوان المسلمين>، لباقي الحركات السنية دون إلغاء خصوصياتها، من جهة أولى· ومن جهة ثانية صياغتها تفاهماً متكافئاً وواضحاً مع الإسلاميين الشيعة· ومن جهة ثالثة، ضرورة تصديها بنفسها لحركات الغلو والتطرف، دون الخوف من اتهامها بأنها تعمل لصالح الأنظمة في ذلك، لأن عزل التطرف من مصلحة الإسلاميين قبل سواهم· (يشار هنا بإيجابية إلى التأصيل الإسلامي المتميز الذي صاغه الشيخ فيصل مولوي في <الوثيقة الإسلامية حول العنف والتطرف> عقب أحداث نهر البارد، والموسوعة التأصيلية الحديثة للعلامة يوسف القرضاوي تحت عنوان: <فقه الجهاد>)·

وأخيراً فإن التعاون القائم حالياً بين التيارين الإسلامي والقومي -بعد سنوات من الاقتتال- ينبغي أن لا يكون مصلحياً أو عارضاً لما في ذلك من مصلحة منطقتنا وتطورها، فالتحديات كثيرة ومشاريع <الآخرين> خطيرة، ما يحتم أن تكون الاستجابات العربية والإسلامية بالمستوى نفسه أو يزيد·


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


3 + 2 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع