قراءتان في هوية الجهة التي تقف وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب
المستقبل - الخميس 17 أيلول 2009 - العدد 3426 - شؤون لبنانية - صفحة 7
فادي شامية
بات لدى الجهات السياسية والأمنية، المتابعة لقضية إطلاق الصاروخين من سهل القليلة، يوم الجمعة الماضي، أحد احتمالين حول هوية الجهة التي تقف وراء الهجوم.
"القاعدة" نفّذت الهجوم وتبنته!
الاحتمال الأول يشير إلى مجموعات أصولية تحمل فكر "القاعدة". يعزز هذا الاحتمال أن المواقع التي تروّج لـ"القاعدة" تبنّت الهجوم، الذي جاء في اليوم نفسه الذي وقعت فيه أحداث 11 أيلول، حيث بثت هذه المواقع بياناً منسوباً إلى "كتائب عبد الله عزام - مجموعة زياد الجراح، وهو اللبناني الوحيد الذي شارك في أحداث 11 أيلول، قالت فيه إنها مسؤولة عن "إطلاق صاروخي كاتيوشا سقطا في مستوطنة نهاريا".
وكان جهاز مخابرات إحدى الدول المشاركة في قوات "اليونيفيل" قد "تنبّه" إلى وجود تحضيرات ما لإطلاق صواريخ أو استهداف "اليونيفيل"، فأبلغ هذه "المعلومات" إلى مخابرات الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل" قبل أسبوعين على الهجوم، لكن هذه المعلومات لم تكن محددة بالقدر الذي يسمح بإحباط عملية من هذا النوع، علماً أن الجيش اللبناني اتخذ إجراءات ميدانية وأوقف بعض المشتبه بهم، ليتبين لاحقاً أن بعضهم مرتبط بجهات متطرفة، وأن العديد منهم لا علاقة له بما ينسب إليه.
تنظيم فلسطيني نفّذ الهجوم ونسبه الى "القاعدة"!
الاحتمال الثاني يشير إلى تورط جهة أخرى غير "القاعدة" أرادت توجيه رسائل متعددة، في الظرف السياسي الدقيق الذي يمر به البلد، لتثبت أنها قادرة على زعزعة الاستقرار وقتما تشاء، وتحدي كل الأجهزة العسكرية والأمنية الموجودة في البلد.
الفصيل المشار إليه في معرض هذا التحليل هو "الجبهة الشعبية- القيادة العامة" المرتبط بسوريا، والذي سبق أن اشتبهت الأجهزة الأمنية في وقوفه وراء إطلاق صواريخ على فلسطين المحتلة إبان الحرب على غزة مطلع هذا العام. وما يعزز هذا الاحتمال أن الفصيل المذكور يقوم بتحركات غير عادية منذ فترة، لا سيما في مخيم البداوي، إن لجهة تعزيز حضوره الميداني، أو لجهة تسلل عناصر محترفة منه إلى المخيم المذكور. كما أن التنظيم المذكور يبدو من خلال أدائه متعاطفاً مع تنظيم "فتح الإسلام" الذي قضى عليه الجيش اللبناني (الحضور المعلن على الأقل)، ما يجعل من احتمال تعاون "القيادة العامة" - أو أي تنظيم مشابه في ارتباطاته- مع فلول "فتح الإسلام" قائمة.
إسرائيل تبرئ "حزب الله"!
وسط هذين الاحتمالين كان لافتاً تحييد المستوى السياسي والإعلامي في إسرائيل لـ"حزب الله"، ولو من باب المسؤولية المعنوية، على غرار ما كان يفعل سابقاً في تحميل الحزب المسؤولية، باعتباره الجهة الأكثر نفوذاً في الجنوب، وأنه يغض الطرف عن مثل هذه الجماعات. وبحسب مراسل القناة الإسرائيلية الأولى للشؤون العسكرية: "ليس لحزب الله مصلحة في أن يطلق صواريخ تجاه إسرائيل، وخصوصاً في هذا الوقت الحساس في الساحة الداخلية اللبنانية".
وينسجم هذا التحييد السياسي للحزب المذكور مع سياسة نتنياهو الجديدة في تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية أي شيء يجري في الجنوب، وهو ما جرى تأكيده رسمياً غداة الحادث الأخير. فضلاً عن أن تحميل "حزب الله" أي مسؤولية له تبعات كبيرة، لا يبدو أن المستوى السياسي الإسرائيلي يريد مواجهتها الآن. علماً أن إمكانية إقامة ربط بين "حزب الله" ومجموعات من "القاعدة" تبقى قائمة في العقل الأمني الإسرائيلي، - رغم العداء الديني بين الجهتين- وثمة شواهد له على ذلك، لعل آخرها محاولة تفجير السفارتين الإسرائيلية والأميركية، العام الماضي في أذربيجان، حيث تتهم السلطات الأذرية ستة متهمين على علاقة بـ"حزب الله" و"القاعدة" بالوقوف وراء محاولة الهجوم هذه.
من جهته يلتزم "حزب الله" الصمت، فيما يروّج بعض القريبين منه كلاماً مفاده أن جهات تريد "الضغط على خصوم الأغلبية النيابية هي من يقف وراء الهجوم". ولا يبدو هذا الكلام جدياً من وجهة النظر الموضوعية، غير أنه يدخل في إطار الصراع السياسي القائم حالياً على خلفية تعثر تشكيل الحكومة، وما وراء هذا التعثر من أسباب، ما يجعل إمكانية إدخال موضوعات من هذا النوع في البازار السياسي أمراً مألوفاً في بلد كلبنان.