أنصار الله" مؤخرا؛ لأنها اضطرت إلى هذه المواجهة اضطرارا، لافتا إلى أنه كتب كتابه الأخير "فقه الجهاد" لـ"أمثال هؤلاء" في إشارة لـ"جند أنصار الله".
جاء تصريح د.القرضاوي هذا ردا على سؤال حول شرعية الاقتتال الذي وقع بين الطرفين الجمعة الماضي، وأسفر عن مقتل 28 فلسطينيا وجرح 120 آخرين، طرحه أحد المشاركين في ندوة عقدت مساء الأربعاء 19-8-2009 بنقابة الصحفيين المصرية حول كتاب "فقه الجهاد"، وحضرها أكثر من ألف شخص، بينهم عضوا مجلس النقابة صلاح عبد المقصود ومحمد عبد القدوس، بالإضافة للكاتب الصحفي المعروف عبد الحليم قنديل.
وفي رده قال د.القرضاوي نصا: "حماس معها الحق لأنها حاولت أن تثني (جند أنصار الله) عن مقاتلة إخوانهم، لكنهم رفضوا فاضطرت حماس لاستخدام القوة، ولمثل هؤلاء كتبت فقه الجهاد"، فضجت القاعة بالتصفيق.
وعلى صعيد غير بعيد أبدى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ترحيبه بخطة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للسلام في المنطقة: "إذا كانت تقدم سلاما حقيقيا وعادلا وشاملا.. فإننا في هذه الحالة نقبلها، أما إذا كانت سلاما تمليه علينا أمريكا وإسرائيل بشروطهما فهي مرفوضة بالطبع".
ولفت إلى أن "إسرائيل لم تقدم أي تنازلات حتى الآن، ولذا فمن واجب الأمة المحافظة على المقاومة ودعمها، كما أنه لا يجوز لأي فلسطيني أن يتنازل عن وطنه لأعدائه أو يبيع أرضه لهم؛ لأن هذا الأمر يعد من الكبائر، والله أعلم".
وبالنسبة لما تشهده مدينة القدس المحتلة من محاولات تهويد متسارعة شدد الدكتور القرضاوي على أنه "من واجب المسلمين الحفاظ على القدس عاصمة لفلسطين، فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين، لكن للأسف الشديد الأمة غافلة عن قضية القدس وفلسطين، وفي يوم الغضب لنصرة فلسطين استجابت لنا الشعوب وخذلنا الحكام، ونسأل الله ألا تنقل العدوى من الحكام للشعوب".
انتصر على السيف
وفيما يتعلق بكتابه الذي دارت حوله الندوة أكد د.القرضاوي أنه ظل عدة سنوات يعمل فيه حتى أتمه ولم يتعجل في طباعته حتى يأخذ وقته في الدراسة والتمحيص والمقارنة، موضحا أنه "يأتي ردا على مزاعم الغرب بأن الإسلام دين عنف انتشر بحد السيف".
وأَضاف أن الكتاب "يرد أيضا على رؤى مغالية لبعض المسلمين تدعي أن المسلمين عليهم مقاتلة العالم أجمع، وأن الدول الإسلامية كلها آثمة لاشتراكها بالأمم المتحدة التي تقر نظام الحدود الدولية، وللأسف فإن من هؤلاء عمداء كليات في بعض الدول العربية، وانطلاقا من هذا الفكر انتشرت جماعات العنف التي فعلت ببلادها ما فعلت من قتل وترويع لأهلهم المسلمين".
وأشار الشيخ القرضاوي إلى أنه "في مقابل هذا الجانب المتشدد في الغلو والتطرف، هناك أيضا الجانب المقصر والمفرط، وهم الذين يريدون إماتة الجهاد في الأمة وجعلها مستسلمة في مواجهة من يعتدي عليها تحت دعاوى السلام، وهذا ما تريده لنا إسرائيل والاستعمار الغربي".
وأضاف: "ولذا أردت أن أثبت من خلال الكتاب أن الإسلام دين جهاد وسلام، يجاهد من قاتله، ويتقرب لمن مد يده بالسلام، وأنه انتشر على السيف لا بالسيف، فمنذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم رفع المشركون السيف في وجهه وظل المسلمون 13 عاما في صراع مرير حتى أذن لهم بالدفاع عن أنفسهم".
أما نشر الإسلام الذي يرى البعض أن الجهاد بالسيف شرع لأجله، فقد أكد د. القرضاوي أن "السماوات الآن أصبحت مفتوحة، ولم نعد في حاجة لجيوش تغزو الشعوب وتحارب العالم لنشر الإسلام، وإنما جيوش من الدعاة القادرين على مخاطبة العقول بألسنتها وأسلوبها ورد الشبهات".
القمني
وردا على سؤال لأحد الحضور حول رأي الشيخ في منح الكاتب المصري سيد القمني جائزة الدولة التقديرية "رغم تطاوله على الإسلام والرسول بل المسيحية أيضا" قال د.القرضاوي: "فوجئت وأعتقد أن المصريين كلهم فوجئوا بمنح مثل هذا الرجل جائزة الدولة التقديرية التي أعطيت من قبل لعلماء كبار، ففضلا عن أفكاره الدينية الخاطئة، فإنه ليس بعالم، بل على العكس فإن رسالة الدكتوراه التي يقول إنه يحملها مزورة على حد ما ذكر مؤخرا، ولا شك أن هناك خطأ قد حدث حين أعطي جائزة الدولة، وآسف جدا لهذا الأمر".
وخلال نقاش أثاره جمهور الندوة أبدى د.القرضاوي أسفه لـ"انتشار الفساد في كثير من الدول العربية بسبب غياب الديمقراطية، فالاستبداد يفسد الحياة كلها، وهو أكبر المصائب التي تعاني منها الأمة، ولا علاج للمشاكل التي نعيشها إلا بالحرية التي أراها مقدمة على تطبيق الشريعة الإسلامية".
واستمرت الندوة على مدار نحو ساعتين ونصف بدءا من الثامنة والنصف مساءً بتوقيت القاهرة، ولم تشهد هذه المرة تكثيفا أمنيا حول النقابة كما كان معتادا في سابقتها.
شريف عبد المنعم