الاشتباكات السابقة تزامنت مع تشكيل حكومة السنيورة الثانية:
هل من رابط بين التوتر في طرابلس وتشكيل الحكومة؟!
المستقبل - الخميس 20 آب 2009 - العدد 3398 - شؤون لبنانية - صفحة 7
فادي شامية
في 22 حزيران من العام الماضي انفجر الوضع في طرابلس بين العلويين في جبل محسن وجوارهم السني. الاشتباكات الواسعة تزامنت مع تعثر تشكيل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية، واصطدامها بالشروط المتعلقة بتوزيع الحقائب وتمثيل القوى السياسية!.
يوم الخميس في 13 آب الجاري انفجرت عبوة ناسفة في جبل محسن، أدت إلى إصابة ثلاثة مواطنين. وكان سبقت هذا الانفجار سلسلة من الأحداث الأمنية الغامضة، لا سيما إطلاق قذائف صاروخية على منطقة جبل محسن لأكثر من مرة، وتفجير قنابل يدوية في منطقتي التبانة والقبة، ومحاولة زرع عبوات في المنطقة الفاصلة بين جبل محسن وجواره.
بين توتر العام الماضي والتوتر هذا العام ثمة جامع مشترك، هو تزامنهما مع مخاض صعب ومتعثر لتشكيل حكومة جديدة. وإذا كان ثمة فارق في حجم التوتر بين العام الماضي وهذا العام، فهو يعود إلى جهود الجيش اللبناني والقوى الأمنية، المنتشرة بكثافة في المنطقة. وإلى جانب هذه الملاحظة الأولية ثمة العديد من الوقائع التي توضح الصورة:
1 - لقد بات واضحاً أن اشتباكات العام الماضي قد قامت على أساس واقع سياسي مأزوم بين فريقي 8 و14 آذار، وأنها استفادت من جراح الحرب الأهلية الغائرة بين أهالي منطقة جبل محسن وجوارها، وأن عناصر خارجية أسهمت في إذكاء نار الفتنة، وإشعالها كلما أوشكت على الهدوء، وأن مسلحين غرباء أو مرتبطين بجهات خارج طرابلس قد ساهموا في تسعير إوار النار.
2 - على مدى الشهر الماضي تعرّضت طرابلس لأكثر من محاولة توتير بين جبل محسن وجواره، وقد تبيّن أن عناصر في التبانة مرتبطة بفريق الثامن من آذار، هي المسؤولة عن التوتير المقصود، وثمة موقوفون في وزارة الدفاع حالياً، يتبعون أحد المحسوبين على هذا الفريق، المدعو (س.ح)، ألقي القبض عليهم بسبب إلقائهم عبوات وقنابل صاروخية في المنطقة.
3 - نتيجة التحقيق بحادث الانفجار الذي وقع ليل الخميس (13ـ8) في جبل محسن، تبيّن أن الجرحى الثلاثة؛ سالم حمودة، ومحمود الحسن، والقاصر علي زين العابدين قد أصيبوا نتيجة تحضيرهم عبوة ناسفة، وعلى هذا الأساس ُأقفل محل الميكانيك حيث كان يجري تحضير العبوة، وأحيل الثلاثة إلى النيابة العامة العسكرية.
4 - عقب الانفجار المذكور طالب رفعت علي عيد بـ "معاقبة من وضع القنابل"، مدعياً أن "بعضهم معروف بالأسماء، وكذلك من يزوّده بها، وإلى أين يذهب، ولكن أحداً لا يقدر على توقيفه"، متهماً "أجهزة أمنية بالتورط في هذه الأعمال". وفي المساء أصر على الكلام خلال برنامج تلفزيوني على إحدى القنوات اللبنانية، ليتحدث عما "يعانيه العلويون" مذكراً بأن النائبين العلويين لا يمثلان الطائفة. وذلك في محاولة لتوظيف حادث أمني، ـ تبين أن المسؤولين عنه محسوبون عليه ـ، في إطار صراع سياسي وانتخابي، ولو على حساب أمن أهالي جبل محسن وجواره.
5 - على خلفية الكلام غير المسؤول، والاتهامات الخطيرة التي أطلقها رفعت عيد خلال المؤتمر الصحافي المشار إليه، وتعمده إثارة النعرات المذهبية، وإثارة محرومية العلويين (ادعى رفض المستشفيات استقبال الجرحى على خلفية مذهبية)، طلب عيد زيارة الرئيس سعد الحريري في قريطم لتوضيح الأمر، لكن ذلك لم يمنع من تعبير فعاليات طرابلسية عن استيائها من عيد، مطالبةً الأجهزة الأمنية بالتحقيق معه، خصوصاً بعدما قال: "نحن قادرون على إقامة أمن ذاتي". وهو موقف كرر ما يشبهه عشية الانتخابات النيابية في محاولة لفرض نفسه على "لائحة التضامن الطرابلسي" بحجة المصالحة!.
6 - توقف متابعون ملياً أمام إصرار "الحزب العربي الديموقراطي" على زج الفلسطينيين في "التوتير المقصود"، وذلك من خلال اتهام قيادات في الحزب مخيم البداوي بأنه يؤوي أشخاصاً متهمين بالاعتداء على العلويين، الأمر الذي استتبع رداً من الفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية في المخيم أكدت فيه نفي هذه الاتهامات، وأنها "تتعاون مع قيادة الجيش في منطقة الشمال... لما فيه خير واستقرار المخيم وجواره".
بعد هذه الوقائع كلها، يُطرح السؤال الآتي: هل يجب أن تدفع طرابلس فاتورة التجاذب في تشكيل الحكومة في كل مرة؟! وهل يحق لمسؤول حزبي أن يوتّر الوضع الأمني في عاصمة الشمال خدمة لمشروعه السياسي وحساباته الانتخابية؟!