فرحة عون لم تكتمل!
فادي شامية
كاد يطير من الفرح. مساء الأحد الماضي اكتفى من الأخبار بحدث واحد. بادر للاتصال بحلفائه، وبحلفاء حلفائه قائلاً: "وليد جنبلاط أعاد تموضعه. التوافق حول صيغة 15ـ10ـ5 انتهى، 14 آذار فراغ، والفراغ لن يتحول إلى شيء. الأكثرية لم تعد أكثرية، وعليهم أن يتنحوا حتى تشكل المعارضة الحكومة".
ارتاح قليلاًً من نشوة الفرح الذي سرى في جسده المهدود منذ فرز آخر الصناديق الانتخابية منتصف ليل السابع من حزيران. أحضر أوراقه وبدأ باستعراض الأسماء والوزارات؛ جبران باسيل للاتصالات، عصام أبو جمرا للداخلية، آلان طابوريان للطاقة، ماريو عون لـ... وقبل أن يكمل أبلغه أحد مساعديه أن حليفه الذي يثق به، اتصل مخبراً بأن الأجواء لا توحي باعتذار الحريري. هز رأسه ثم انتفض غاضباً: "وإن يكن، نسوا أن جبران باسيل هو وزير، ووزير ناجح، بصرف النظر عن كونه صهر الجنرال أو لا؟!. جبران باسيل سيكون وزيراً. هم أخذوا قراراً بكسر كلمة العماد عون. فحتى لو لم أكن أريد توزيره سيظن الناس أنني تنازلت عن توزيره تحت الضغط"!.
غادر سعد الحريري إلى فرنسا، فاستعاد الجنرال أحلامه. صلى لئلا يعود "وارث الحريرية" الشاب. لكن مرة جديدة خاب ظنه، فقد عاد الحريري، وتخطى المشاكل المستجدة، وبقي عون وحيداً يصارع من أجل وزارةٍ لصهره "الناجح"!.
في الاجتماعات الليلية عبثاً يحاول الحلفاء والأقارب والأصقاء إقناعه بمرشحين آخرين، يقولون؛ آلان ابن أختك وقد فاز في الانتخابات!. روي الهاشم هو صهرك أيضاً ويدير قناة otv التابعة لك!، ليس جيداً أن نختصر تياراً وطنياً كبيراً بصهرٍ قد يكسر الظهر!... لكنه الجنرال وأمره يقول: "يريدون تحميلنا مسؤولية عدم التأليف. حسناً الحكومة مؤجلة، وأنا أصر على جبران باسيل"!.
يذكره أحدهم -على وجَلٍ منه- برفضه السابق توزير الراسبين بعد انتخابات العام 2005، واعتباره توزير المرشح الخاسر نسيب لحود منافٍ للديمقراطية. ينظر بغضب قبل أن ينجده أحد أعضاء كتلته "الأذكياء" مميِّزاً بين المرشح الخاسر الذي يمثل تياراً، والمرشح الخاسر المستقل. يرتاح الجنرال قليلاً لهذا التفسير، خصوصاً أننا نتحدث عن وزير فوق العادة!.
يواصل الرئيس المكلف جهوده مع عون. يطلب من حلفاء الجنرال الضغط عليه، إن كانوا فعلاً يريدون الإسراع في تشكيل الحكومة، فالأصل أنهم كتلة واحدة وقد نالوا عشرة مقاعد. يراجع عون حساباته، فيطالب بوزارة الداخلية ثمناً للتخلي عن الاتصالات. يذكّرونه بأن الداخلية محسومة للرئيس، فيقول: "رئيس الجمهورية ليس بحاجة إلى وزارات فعلية بقدر ما هو بحاجة إلى أصوات"!.
حسابات الجنرال هذه المرة تبدو طريفة للغاية، فهي تعطي فريق الرابع عشر من آذار الفائز في الانتخابات النيابية وزارة سيادية واحدة، وتعطي فريق الثامن آذار الخاسر في الانتخابات النيابية وزارتين سياديتين!.
في الدوحة مارس عون لعبته المفضلة نفسها إلى أن أبلغه حلفاءه بأن اللعبة انتهت وأن والاتفاق قد أبرم. خسر عون حلم الرئاسة وعاد إلى بيروت بخبريات انتصاراته المجيدة و"تحريره" الصوت المسيحي. وعما قريب ثمة من سيقول لعون مجدداً: اللعبة انتهت، فالاستحقاقات داهمة، وحاجتنا لحكومة برئاسة الحريري لا تقل عن حاجة الحريري لإشراكنا في الحكومة... على الجنرال أن يحضّر خبريات الانتصارات الجديدة من الآن،... أو يبقى البلد بلا حكومة!!.
-------
ملاحظة: جميع العبارات الواردة بين مزدوجين مأخوذة حرفياً من تصاريح أدلى بها الجنرال عون مؤخراً.