ليالي رمضان الرائعة في صيدا
تتفوق على باقي المدن اللبنانية في أجواءها الرمضانية:
فادي شامية
لرمضان نكهة خاصة في صيدا، تميّزها عن باقي المدن في لبنان. أول الميزات؛ نسبة الصيام المرتفعة بين أهالي صيدا، إذ يمكن رؤية الشوارع خالية تماماً وقت الفطور، لانشغال الجميع بالإفطار بعد يوم الصيام الطويل.
وثاني هذه الميزات، الأجواء الدافئة التي تخيم على المدينة، والارتباط العائلي القوي بين أبنائها، ما ينعكس أجواءً حميمة في رمضان، حتى قيل إن صيدا أصغر من مدينة وأكبر من قرية، رغم أنها عاصمة الجنوب.
وثالث هذه الميزات تلك العلاقة الوثيقة بين طقوس شهر رمضان المتوارثة في صيدا، وبين البلدة القديمة، مهد العائلات الصيداوية المختلفة، حيث كانت تعيش مع بعضها البعض في أحياء وحارات ضيقة ومتلاصقة، تأكل من طبخات بعضها البعض، وتجتمع بعد التراويح للسمر وللاستماع إلى الحكواتي حتى السحور.
وقد عرفت مدينة صيدا خمسة "حكواتية" على مدى قرن ونصف قرن من الزمان، كان آخرهم الحاج ابراهيم الحكواتي الذي توفي سنة 1981. ولم يبق من الحكواتي في صيدا إلا اسم عائلة من أبرز العائلات الصيداوية حالياً.
رمضان في هذا العام سيكون حافلاً بالكثير من الأنشطة الثقافية والاجتماعية والترفيهية، فقد باتت الجهات المؤثرة في صيدا تتنافس على هذا الخير، ومن المتوقع افتتاح معارض للكتب والمعروضات الأخرى، إضافة إلى حفلات إنشادية مختلف، ومحاضرات.
وتشهد صيدا منذ أعوام نهضة كبيرة في بلدتها القديمة، التي أعيد ترميمها، وإظهار معالمها الجمالية، حيث باتت تستقطب الزوار من مختلف المناطق اللبنانية، لتمضية ليالي رمضان تحت القباب ووسط الأزقة التاريخية، حيث يتفنن أصحاب المطاعم في إعادة إحياء الأجواء التقليدية، من خلال الفرق التراثية والحكواتية، والأزياء التراثية. كما تشهد الأسواق، لا سيما مع اقتراب عيد الفطر، حركة لافتة، يعوّل عليها التجار كثيراً في نشاطهم التجاري.
الجدير ذكره أن صيدا، واحدة من أقدم مدن العالم، وهي أول مدينة أسسها الفينيقيون عام 2800 ق.م. مؤسسها هو صيدون أول أولاد كنعان بن نوح عليه السلام، وقد صارت في زمن يوشع بن نون عليه السلام أم المدن الفيفيقية قاطبة، وقد ورد ذكرها في أسفار العهد القديم تحت اسم صيدون العظيمة، وقد وطأتها أقدام السيد المسيح، وجاء ذكرها في إنجيل لوقا ومرقس ومتى.
وهي اليوم مدينة تضم نحو مئة ألف نسمة من أبنائها، ومثلهم من المقيمين اللبنانيين والفلسطينيين، وهي تحتضن أكبر المخيمات الفلسطينية؛ عين الحلوة. وهي ما زالت صيدا إلى اليوم تحافظ على أجوائها الإسلامية، بل يزداد أهلها تمسكاً بها، لا سيما في رمضان.