تفسير رؤية الصلاة واركانها في المنام
قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله: الأصل في رؤيا الصلاة في المنام إنها محمودة ديناً ودنيا وتدل على إدراك ولاية ونيل رسالة أو قضاء دين أو أداء أمانة أو إقامة فريضة من فرائض الله تعالى، ثم هي على ثلاثة أضرب فريضة وسنة وتطوع فالفريضة منها تدل على ما قلنا وأن صاحبها يرزق الحج ويجتلب الفواحش لقوله تعالى \" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر \".
والسنة تدل على طهارة صاحبها وصبره على المكاره وظهور اسم حسن له لقوله تعالى \" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة \". وشفقة على خلق الله تعالى وعلى أنه يكرم عياله، ومن تحت يده ويحسن إليهم فوق ما يلزمه ويجب عليه في الطعام والكسوة ويسعى في أمور أصدقائه فيورثه ذلك عزاً، والتطوع يقتضي كمال المروءة وزوال الهموم.
وإن رأى كأنه يصلي فريضة الظهر في يوم صحو، فإنه يتوسط في أمر يورثه ذلك عزاً حسب صفاء ذلك اليوم، فإن كان يوم غميم، فإنه يتضمن حمل غموم.
وإن رأى أنه يصلي العصر، فإنه يدل على أن العمل الذي هو فيه لم يبق منه إلا أقله.
وإن رأى أنه يصلي الظهر في وقت العصر، فإنه يقضي دينه.
وإن رأى إحدى الصلاتين انقطعت عليه، فإنه يقضي نصف الدين أو نصف المهر لقوله تعالى \" فنصف ما فرضتم \".
وإن رأى كأنه يصلي فريضة المغرب، فإنه يقوم بما يلزمه من أمر عياله.
وإن رأى أنه يصلي العشاء، فإنه يعامل عياله بما يفرح به قلوبهم وتسكن إليه نفوسهم.
وإن رأى كأنه يصلي فريضة الفجر، فإنه يبتدئ أمراً يرجع إلى إصلاح معاشه ومعاش عياله.
وإن رأى كأنه يصلي الظهر أو العصر أو العتمة ركعتين، فإنه يسافر.
وإن رأت مثلها إمرأة حاضت من يومها.
وإن رأى كأنه يصلي قاعداً من غير عذر لم يقبل عمله.
وإن رأى كأنه يصلي على جنبه مرض.
وإن رأى كأنه يصلي راكباً أصابه خوف شديد.
وإن رأى كأن الإمام يصلي بالناس وهو راكب وهم ركبان، فإن كانوا في حرب رزقوا الظفر.
وإن رأى كأنه يصلي في بستان، فإنه يستغفر الله.
وإن رأى كأنه صلى في أرض مزروعة قضى الله دينه منها.
وإن رأى كأنه يصلي في مسلخ حمام دل ذلك على فساد يرتكبه، وقيل إنه يلوط بغلام.
وإن رأى كأن صلاة مفروضة فاتته ولا يجد موضعاً يقضيها فيه تعذر عليه نيل ما يطلبه.
وإن رأى كأنه يصلي في جماعة مستوية الصفوف، فإنهم يكثرون التسبيح والتهليل لقوله تعالى \" وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون \".
وإن رأى كأنه ترك صلاة فريضة، فإنه يستخف ببعض الشرائع.
والسجدة في المنام دليل الظفر ودليل التوبة من ذنب هو فيه ودليل الفوز بمال ودليل طول الحياة ودليل النجاة من الأخطار.
وإن رأى كأنه سجد لله تعالى على جبل، فإنه يظفر برجل منيع.
وإن رأى أنه سجد لغير الله تعالى لم تقض حاجته وقهر إن كان في حرب وخسر إن كان تاجراً.
وإن رأى كأنه قائم في الصلاة فلم يركع حتى ذهب وقتها، فإنه يمنع الزكاة المفروضة فلا يؤديها.
وإن رأى كأنه يصلي فيأكل العسل، فإنه يأتي إمرأته وهو صائم.
وإن رأى كأنه قاعد يتشهد فرج عنه همه وقضيت حاجته.
وإن رأى كأنه سلم وخرج من صلاته على تمامها، فإنه يخرج من همومه، فإن سلم عن يمينه دون يساره صلح بعض أموره، فإن سلم عن يساره دون يمينه، فإنه يتشوش عليه بعض أحواله.
وإن رأى أنه يصلي نحو الكعبة دل على استقامة دينه، فإن صلى نحو المغرب دل على رداءة مذهبه وجراءته على المعاصي لأنه قبلة اليهود وهم اجترؤوا على صيد الحيتان يوم سبتهم، فإن صلى نحو المشرق دل على ابتداعه واشتغاله بالباطل لأنه قبلة النصارى، فإن صلى وظهره للقبلة في الصلاة دل على نبذه الإسلام وراء ظهره بارتكاب بعض الكبائر.
وإن رأى أنه لا يهتدي إلى القبلة، فإنه متحير في أمره، فإن صلى إلى غير القبلة إلا أن عليه ثياباً بيضاً وهو يقرأ القرآن كما يجب رزق الحج، لقوله تعالى \" فأينما تولوا فثم وجه الله \".
وإن رأى من ليس بإمام في اليقظة كأنه يؤم الناس في الصلاة كان للولاية أهلاً نال ولاية شريفة وصار مطاعاً، فإن أم بهم إلى القبلة وصلى به صفة تاما عدل في ولايته.
وإن رأى في صلاتهم نقصاناً أو زيادة أو تغيراً جار في ولايته وأصابه فقر ونكبة من جهة اللصوص، فإن صلى بهم قائماً وهم جلوس، فإنه لا يقصر في حقوقهم ويقصرون في حقه أو تدل رؤياه أنه يتعهد قوماً مرضى، فإن صلى بقوم قاعداً وهم قيام، فإنه يقصر في أمر يتولاه، فإن صلى بقوم قيام وقوم قعود، فإنه يلي أمر الأغنياء وأمر الفقراء، فإن صلى بهم قاعداً وهم قعود، فإنهم يبتلون بغرق أو سرقة ثياب أو افتقار.
وإن رأى أنه يصلي بالنساء، فإنه يلي أمور قوم ضعاف، فإن أم بالناس على جنبه أو مضطجعاً وعليه ثياب بياض وينكر موضعه ذلك ولا يقرأ في صلاته ولا يكبر، فإنه يموت ويصلي الناس عليه، وكذلك إن رأت إمرأة كأنها تؤم بالرجال ماتت لأن المرأة لا تقدم الرجال إلا في الموت.
وإن رأى الوالي أنه يؤم بالناس عزل، ومن صلى بالرجال والنساء نال القضاء بين الناس إن كان أهلاً لذلك وإلا نال التوسط والإصلاح بين الناس.
ومن رأى أنه أتم الصلاة بالناس تمت ولايته، فإن انقطعت عليه الصلاة انقطعت ولايته ولم تنفذ أحكامه ولا كلامه، فإن صلى وحده والقوم يصلون فرادى، فإنهم خوارج، فإن صلى بالناس صلاة نافلة دخل في ضمان لا يضره، فإن كان القوم جعلوه إماماً، فإنه يرث ميراثاً لقوله تعالى \" ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين \".
وإن رأى كأنه أم بالناس ولا يحسن أن يقرأ، فإنه يطلب شيئاً لا يجده.
وإن رأى أنه صلى بقوم فوق سطح، فإنه يحسن إلى أقوام يكون له بذلك صيت حسن من جهة فرض أو صدقة.
وإن رأى أنه يدعو دعاء معروفاً، فإنه يصلي فريضة، فإن دعا دعاء ليس فيه اسم الله، فإنه يصلي صلاة رياء.
وإن رأى كأنه يدعو لنفسه خاصية رزق ولداً لقوله تعالى \" إذ نادى ربه نداء خفياً \". فإن كان يدعو ربه في ظلمة ينجو من غم لقوله تعالى \" فنادى في الظلمات \". وحسن الدعاء دليل على حسن الدين والقنوت دليل على الطاعة وكثرة ذكر الله تعالى دليل على النصر لقوله تعالى \" وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظلموا \".
ومن رأى كأنه يستغفر الله تعالى رزق حلالاً وولداً لقوله تعالى \" استغفروا ربكم إنه كان غفاراً \".
وإن رأى كأنه فرغ من الصلاة واستغفر الله تعالى ووجهه إلى القبلة، فإنه يستجاب دعاؤه، وإن كان وجهه إلى غير القبلة، فإنه يذنب ذنباً ويموت منه، فإن سكت عن الإستغفار دل على نفاقه لقوله تعالى \" وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله \".
وإن رأت إمرأة كأنه يقال لها استغفري لذنبك، فإنها تتهم بذنب وفاحشة لقصة زليخا.
وإن رأى أنه يقول سبحان الله فرج عنه همومه من حيث لا يحتسب.
وإن رأى كأنه نسي التسبيح أصابه حبس أو غم لقوله تعالى \" فلولا أنه كان من المسبحين \".
وإن رأى كأنه قال لا إله إلا الله، أتاه الفرج من غم هو فيه وختم له بالشهادة.
وإن رأى كأنه يكبر الله، أتى مناه ورزق الظفر بمن عاداه.
وإن رأى كأنه يحمد الله، نال نوراً وهدى في دينه.
ومن رأى كأنه يشكر الله تعالى نال قوة وزيادة نعمة، وإن كان صاحب هذه الرؤيا والياً ولي بلدة عامرة لقوله تعالى \" واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور \". وقيل من رأى كأنه يحمد الله رزق ولداً لقوله تعالى \" الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل \".
ومن رأى كأنه صلى يوم الجمعة، فإنه يسافر سفراً ممتنعاً ينال خيراً وبراً ورزقاً وفضلاً.
ومن رأى كأنه صلى صلاة الجمعة يوم الجمعة اجتمعت له أموره المتفرقة وأصاب بعد العسر.
ومن رأى كأنه فرغ من الصلاة وقضاها نال من الله فضلاً ورزقاً واسعاً.
وإن رأى أن الناس يصلون الجمعة في الجامع وهو في بيته أو حانوته أو قرية يسمع التكبير والركوع والسجود والتشهد والتسليم ويظن أن الناس قد رجعوا من الصلاة، فإن والي تلك الكورة يعزل.
وإن رأى كأنه يحفظ الصلاة، فإنه ينال كرامة وعزاً لقوله تعالى \" الذين هم على صلاتهم يحافظون \".
وإن رأى أنه صلى وخرج من المسجد، فإنه ينال خيراً ورزقاً لقوله تعالى \" فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون \".
والله تعالى أعلم