سيرة الصحابي سارية بن زنيم
هو سارية بن زنيم بن عبد الله بن جابر بن محمية بن كنانة الدؤلي.
كان خليعا في الجاهلية -أي لصًّا كثير الغارة- وأنه كان يسبق الفرس عَدْوًا على رجليه(1).
وكان (حليفًا) في الجاهلية، وكان أشد الناس حضرًا(2).
ولا نعلم بالضبط متى أسلم سارية والظاهر أنَّه أسلم متأخرًا لعدم ورود اسمه بين الصحابة الذين شهدوا بدرًا أو أحد أو الخندق، ولكن موقفه مع أسيد بن أناس يدل على أنَّه أسلم قُبيل الفتح(3).
فموقفه مع أسيد بن اناس يدل علي حرصه علي أن يؤمن كل الناس؛ فإنه لمَّا قَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدُ بني عبد بن عدي ومعهم رهطٌ من قومهم فذكر قصتهم مطوَّلة، وفيها قالوا: إنا لانريد قتالك، ولو قاتلت غير قريش لقاتلنا معك. ثم أسلموا واستأمنوا لقومهم سوى رجلٍ منهم أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يقال له أسيد بن أبي أناس، فتبرَّءوا منه، فبلغ أسيدا ذلك فأتى الطائف فأقام به، فلما كان عام الفتح خرج سارية بن زنيم إلى الطائف فقال له: يا ابن أخي أخرج إليه فإنَّه لا يقتل من أتاه. فخرج إليه، فأسلم ووضع يده في يده، فأمَّنه النبي صلى الله عليه وسلم(4).
أهم ملامح شخصيته:
كان سارية يتحلى بالشجاعة الشخصية النادرة وقد تجلت هذه الشجاعة في فتح (فسا ودارأبجرد)
كان سريع القرار صحيحه لمَّاحًا للفرص المناسبة لا يُضيِّعها، لذلك أسند عمر رضي الله عنه إليه مهمة فتح ولايتين من أهمِّ ولايات فارس.
من مواقفه مع الصحابة:
خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الجمعة إلى الصلاة فصعد المنبر ثم صاح: "يا سارية بن زنيم، الجبل. يا سارية بن زنيم، الجبل. ظلم من استرعى الذئب الغنم". قال: ثم فخطب حتى فرغ، فجاء كتاب سارية بن زنيم إلى عمر بن الخطاب إن الله قد فتح علينا يوم الجمعة لساعة كذا وكذا لتلك الساعة التي خرج فيها عمر فتكلَّم على المنبر. قال سارية: وسمعت صوتًا: "يا سارية بن زنيم، الجبل، يا سارية بن زنيم، الجبل، ظلم من استرعى الذئب الغنم". فعلوت بأصحابي الجبل، ونحن قبل ذلك في بطن وادٍ محاصروا العدو، ففتح الله علينا. فقيل لعمر بن الخطاب: ما ذلك الكلام، فقال: والله ما ألقيت له بالًا شيء أتى(5).
وهنا يظهر إخلاص الفاروق عمر رضي الله عنه، فالمسافة بين المدينة المنورة وبلاد الشام كبيرة جدًّا!! فكيف سمع سارية بن زنيم رضي الله عنه صوت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه؟!. إنَّه الإيمان الذي زرعه رسول الله صلي الله عليه وسلم في قلوب هؤلاء الصحابة الأطهار رضوان الله عليهم أجمعين.
من كلماته:
يُروَى له -أو لأخيه أنس- وهو أصدق بيت قالته العرب:
فما حَمَلتْ من ناقةٍ فوقَ رَحلِه... أبرَّ وأوفى ذِمّةً من محمّدِ(6)
وهكذا ينطلق لسان سارية ( رضي الله عنه ) مدافعا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، يُدافع عنه بنفسه وبلسانه، فالصحابة رضوان الله عليهم أجمعين النبي أحب إليهم من أرواحهم التي بين جنبيهم.
وفاته:
وقد سكت التاريخ عن أيامه الأخيرة فلا نعلم عنها شيئًا ماذا قدم للمسلمين من خدمات عامة بعد الفتح؟ وأين استقر ومتى وأين تُوفِّي؟
مصادر الدراسة:
1 - الإصابة في تمييز الصحابة [جزء 3 - صفحة 5].
2- الإكمال [جزء 4 - صفحة 246].
3- قادة الفتح الإسلامي (قادة فتح بلاد فارس).
4- الإصابة في تمييز الصحابة [جزء 1 - صفحة 79].
5- تاريخ دمشق [جزء 20 - صفحة 25].
6- الوافي في الوفيات [جزء 1 - صفحة 2019].