فاتح العراق عياض بن غنم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن وهيب بن ضبة القرشي الفهري.
ويقال: الأشعري وهو ابن عم أبي عبيدة بن الجراح..
وكان من أشراف قريش وهو معروف بالفتوح بالشام.
عمر عياض بن غنم عندما أسلم:
أسلم عياض t قبل صلح الحديبية -والذي كان سنة 6 من الهجرة- وشهدها..
ومات t وهو ابن ستين سنة، فيكون عمره عندما أسلم على فرض أنه أسلم سنة 5 من الهجرة؛ يكون عمره عندها خمس وأربعون سنة.
أهم ملامح شخصية عياض بن غنم :
الزهد والورع معًا:
لما ولي عياض بن غنم قدم عليه نفر من أهل بيته يطلبون صلته ومعروفه فلقيهم بالبشر فأنزلهم وأكرمهم فأقاموا أياما ثم سألوه في الصلة وأخبروه بما تكلفوا من السفر إليه رجاء معروفه فأعطى كل رجل منهم عشرة دنانير وكانوا خمسة فردوها واستخطوا ونالوا منه فقال: أي بني عم والله ما أنكر قرابتكم ولا حقكم ولا بعد شقتكم ولكن والله ما خلصت إلى ما وصلتكم به إلا ببيع خادمي وبيع ما لا غنى لي عنه فاعذروني قالوا: الله ما عذرك الله إنك والي نصف الشام وتعطي الرجل منا ما جهده أن يبلغه إلى أهله فقال: فتأمروني أن أسرق مال الله فوالله لأن أشق بالمنشار أو أبرى كما يبرى السفن أحب إلي من أن أخون فلسًا أو أتعدى وأحمل على مسلم ظلمًا أو على معاهد قالوا قد عذرناك في ذات يدك ومقدرتك فولنا أعمالاً من أعمالك نؤدي ما يؤدي الناس إليك ونصيب ما يصيبون من المنفعة فأنت تعرف حالنا وأنا ليس نعدو ما جعلت لنا..
قال والله إني لأعرفكم بالفضل والخير ولكن يبلغ عمر بن الخطاب أني قد وليت نفرًا من قومي فيلومني في ذلك ولست أحمل أن يلومني في قليل ولا كثير قالوا قد ولاك أبو عبيدة بن الجراح وأنت منه في القرابة بحيث أنت فأنفذ ذلك عمر ولو وليتنا فبلغ عمر فأنفذه فقال عياض: إني لست عند عمر بن الخطاب كأبي عبيدة بن الجراح وإنما أنفذ عمر عهدي على عمل لقول أبي عبيدة فيّ وقد كنت مستورًا عند أبي عبيدة فقال فيّ وأعلم مني ما أعلم من نفسي ما ذكر ذلك عني فانصرف القوم لائمين لعياض بن غنم.
وكان عياض بن غنم رجلاً سمحًا وكان يعطي ما يملك لا يعدوه إلى غيره لربما جاءه غلامه فيقول ليس عندنا ما تتغدون به فيقول خذ هذا الثوب فبعه الساعة فاشتر به دقيقًا فيقول له سبحان الله أفلا تقترض خمسة دراهم من هذا المال الذي في ناحية بيتك إلى غد ولا تبيع ثوبك فيقول والله لأن أدخل يدي في جحر أفعى فتنال مني ما نالت أحب إلي من أن أطمع نفسي في هذا الذي تقول فلا يزال يدفع الشيء بالشيء حتى يأتي وقت رزقه فيأخذه فيوسع فيه فمن أدركه حين يأخذ رزقه غنم ومن تركه أياما لم يجد عنده درهمًا واحدًا..
ومات عياض يوم مات وما له مال ولا عليه دين لأحد..
الجانب القيادي:
حيث إنه قاد عدة فتوحات وتولى عدة ولايات
قال ابن سعد فقال: شهد الحديبية وما بعدها وكان أحد الأمراء الخمسة يوم اليرموك.
وفي تاج العروس: رُوِيَ في بعض الآثار: أَنّ النَّبِيَّ r قال: "رُفِعَتْ لَيْلَةَ أَسْرِيَ بي مدينةٌ فأَعْجَبَتْنِي فقلتُ لجِبْرِيلَ: ما هذهِ المَدِينَةُ؟ فقال: نَصِيبِين. فقلتُ: اللّهم عَجِّلْ فَتْحَها واجْعَلْ فيها بَركةً للمسلمينَ".. فتحها عياضُ بْنُ غنم الأَشعري.
ومن البلاد التي فتحها أيضًا الرهاء بضم أوله ممدود مدينة من أرض الجزيرة ودخل أهل سائر الجزيرة فيما دخل فيه أهل الرهاء من الصلح.
لما فرغ عياض بن غنم من الجزيرة دخل الدرب فبلغ بدليس فجازها إلى خلاط وصالح بطريقها وانتهى إلى العين الحامضة فلم يتجاوزها وعاد فضمن صاحب بدليس خراج خلاط وجماجمها ثم انصرف إلى الرقة ومضى إلى حمص..
وجاء في معجم البلدان: اجتمع الروم فحاصروا أبا عبيدة بن الجراح والمسلمين بحمص فكتب عمر إلى سعد بإمداد أبي عبيدة بالمسلمين من أهل العراق فأرسل إليه الجيوش مع القواد وكان فيهم عياض بن غنم وبلغ الروم الذين بحمص مسير أهل العراق إليهم فخرجوا عن حمص ورجعوا إلى بلادهم فكتب سعد إلى عياض بغزو الجزيرة فغزاها سنة 71هـ وافتتحها فكانت الجزيرة أسهل البلاد افتتاحا لأن أهلها رأوا أنهم بين العراق والشام وكلاهما بيد المسلمين فأذعنوا بالطاعة فصالحهم على الجزية والخراج فكانت تلك السهول ممتحنة عليهم وعلى من أقام بها من المسلمين.
شدة الكرم والسخاء والجود:
فقيل عنه: كان صالحًا فاضلاً جوادًا. وكان يسمى (زاد الركاب) يطعم الناس زاده فإذا نفد الزاد نحر لهم بعيره.
بعض المواقف من حياة عياض بن غنم مع الصحابة :
عن شريح بن عبيد الحضرمي وغيره قال جلد عياض بن غنم صاحب داريا حين فتحت فأغلظ له هشام بن حكيم القول حتى غضب عياض ثم مكث ليالي فأتاه هشام بن حكيم فاعتذر إليه ثم قال هشام لعياض ألم تسمع النبي يقول
إن من أشد الناس عذابًا أشدهم عذابًا في الدنيا للناس فقال عياض بن غنم يا هشام بن حكيم قد سمعنا ما سمعت ورأينا ما رأيت أولم تسمع رسول الله r يقول من أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يبد له علانية ولكن ليأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه له وإنك يا هشام لأنت الجريء إذ تجترئ على سلطان الله فهلا خشيت أن يقتلك السلطان فتكون قتيل سلطان الله تبارك وتعالى.
بعض الأحاديث التي نقلها عياض بن غنم عن النبي صلى الله عليه وسلم:
عن عياض بن غنم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يومًا فإن مات فإلى النار وإن تاب قبل الله منه. وإن شربها الثانية لم تقبل له صلاة أربعين يومًا فإن مات فإلى النار وإن تاب قبل الله منه. وإن شربها الثالثة أو الرابعة كان حقًّا على الله أن يسقيه من ردغة الخبال". فقيل: يا رسول الله وما ردغة الخبال, قال: "عصارة أهل النار".
وعنه أن النبي قال: "لا تأكلوا الحمر الإنسية".
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من أراد أن ينصح السلطان فلا يبدأه علانية ولكن يأخذ بثوبه وليخل به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الحق الذي عليه.
وأخرج ابن مردويه عن عياض بن غنم أنه سمع رسول الله r تلا قوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: 1- 3], يقول: "لو دخلتم القبور, {ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ} [التكاثر: 4], وقد خرجتم من قبوركم, {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ} [التكاثر: 5], في يوم محشركم إلى ربكم {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} [التكاثر: 6], أي في الآخرة حق اليقين كرأي العين {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} [التكاثر: 7], يوم القيامة {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8], بين يدي ربكم عن بارد الشراب وظلال المساكن وشبع البطون واعتدال الخلق ولذاذة النوم حتى خطبة أحدكم المرأة مع خطّاب سواه فزوجها ومنعها غيره".
بعض كلمات عياض بن غنم :
قال عياض بن غنم:
من مـبلغ الأقـوام أن جـمـوعـنا *** حوت الجزيرة غير ذات رجام
جمعوا الجزيرة والغياب فــنفســوا *** عمن بحمــص غيابة القـدام
إن الأعـــزة والأكارم مـعشـر *** فضوا الجزيرة عن فراج الهــام
غلبوا الملـوك على الجزيرة فانتـهوا *** عن غزو من يأوي بلاد الشــام
وفاة عياض بن غنم :
توفي بالشام سنة 20هـ، وهو ابن 60 سنة.