الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الغرض الشرعي من وراء الغسل عند نزول المني أو وجود سبب آخر من أسباب الغسل هو استباحة الصلاة أو الطواف أو غيرهما مما تشترط لصحته الطهارة من الحدث، لقول الله عز وجل: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6].
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة بغير طهور.... أخرجه مسلم.
أما السؤال عن الحكمة من إيجاب الغسل من المني دون غيره من بول ونحوه؟
فالجواب عنه: أن أوامر الشرع تنقسم إلى قسمين: قسم تظهر الحكمة منه وعلته، وقسم تقصر عقولنا عن إدراك الحكمة منه، بمعنى أنه غلب عليه جانب التعبد.
ولا يخلو أمر من أوامر الشارع ولا خلق من خلقه من حكمة بالغة وراءه، علمها من علمها وجهلها من جهلها، وإذا لم تصل أفهامنا ولم تدرك عقولنا بجلاء الحكمة من أمر ما فلا يعني ذلك أنه خالٍ من حكمة،
ولعل الغسل من الجنابة من النوع الذي غلب فيه جانب التعبد جانب التعليل، مع أن له حِكَماً كثيرة، وفوائد جليلة حسية ومعنوية منها ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أبي رافع بقوله هذا أزكى وأطهر، يعني الغسل من الجنابة،
فعندما يفقد المجامع النشاط والحيوية بسبب الجماع فإن الاغتسال يعيد إلى الجسم ذلك النشاط وتلك الحيوية، ولذا نرى الإنسان بعد الجماع تضعف قوة بدنه، والغسل بالماء يعيد إلى البدن هذه القوة المفقودة بخروج المني، كما أن خروج هذه القوة من الجسم يسبب الكسل، والاغتسال يعيد إلى الجسم نشاطه،
وقد صرح الأطباء أن الاغتسال بعد الجماع يعيد إلى البدن قوته وأنه أنفع شيء له في تنشيط دورة الدم في الجسم ليعود إليه نشاطه وقوته، وأن ترك الاغتسال يسبب له أضراراً كبيرة.
أضرار تأخير الغسل من الجنابة من الناحية الطبية
بعد ممارسة العلاقة الحميمة بين الزوجين، يجب عليهما القيام بالإغتسال وتنظيف المنطقة الحساسة حتى لا يتسبب هذا في مشكلات صحية.
أضرار تأخير الغسل من الجنابة
سواء نتيجة الجماع أو من دونه، قد ينزل المنى من قضيب الرجل أو يدخل في المهبل لدى المرأة، وهو ما يسمى بالجنابة، والتي تستلزم الغسل بعد الإنتهاء من ممارسة العلاقة الحميمة.
يتسبب تأخير الغسل من الجنابة في حدوث بعض المشكلات الصحية سواء للرجل أو المرأة، فما هي هذه المشكلات وكيف يمكن تفاديها؟
1- الإلتهابات والفطريات
تزداد فرص وجود إلتهابات وفطريات نتيجة تشجيع نمو الميكروبات والبكتيريا الضارة التي تزداد بمرور الوقت إذا لم يتم تطهير المنطقة التناسلية، وذلك لأنها ستصبح بيئة رطبة ومثالية لتكوين البكتيريا إذا بقي في في المنطقة الحساسة لفترة طويلة.
ومع نمو البكتيريا والفطريات في هذه المنطقة، سوف تزداد فرص حدوث التهيجات والحكة، مما يزيد الأمر سوءاً، فتنتقل هذه الإلتهابات إلى المناطق المختلفة من حول الأعضاء التناسلية ويمكن أن تؤثر على الخصوبة.
وبالنسبة للنساء، لا ينصح بإستخدام الدش المهبلي للتنظيف والذي يساعد في نقل الجراثيم إلى داخل الحوض مما يؤدي إلى إلتهابات داخلية، والأفضل هو إستخدام مطهر طبي مخصص للمنطقة الحساسة.
2- حرقان البول
أيضاً تتسبب البكتيريا والفطريات التي تنمو بسبب تأخير الغسل من الجنابة في الإصابة بإلتهابات مجرى البول والشعور بحرقان عند التبول وما يعقبها من مشكلات صحية.
ويحدث هذا لأن البكتيريا الضارة سوف تنتشر في المناطق المحيطة بالأعضاء التناسلية عند تأخير الإغتسال، مسببة تهيجات وحكة والام غير محتملة.
ويجب تطهير وتنظيف المنطقة التناسلية بالكامل لأن المنى قد يصل إلى مناطق مختلفة بسبب الحركة المستمرة خلال الممارسة الجنسية.
3- الرائحة الكريهة
نتيجة تكون البكتيريا الضارة في المنطقة الحساسة، فسوف تصبح رائحة المنطقة التناسلية كريهة إذا لم يتم الإغتسال بعد الجماع.
وقد يحدث ما يسمى بـ"الإلتهابات الجرثومية"، والذي ينتج عنه إفرازات غير طبيعية وحكة وحرقان البول والرائحة الكريهة.
وبشكل عام فإن بقاء المنى لفترة طويلة يؤدي إلى رائحة سيئة، ولهذا فإن الأفضل غسل المنطقة جيداً للتخلص من اثار المنى وإستعادة نظافة المنطقة التناسلية.
4- الام الظهر
حيث يزداد الشعور بإرتخاء العضلات والضغط على الفقرات بعد الجماع، مما يسبب الام شديدة في الظهر.
ولذلك فإن الإستحمام يساعد في تنشيط الدورة الدموية وتدفق الدم إلى منطقة الغضروف، وبالتالي الوقاية من الام أسفل الظهر والفقرات.
كما أن الإستحمام يضمن مرونة العظام والمفاصل بعد هذه الممارسة التي تتطلب مجهود كبير وتسبب الام مختلفة في الجسم سواء الذراعين أو الساقين والظهر، وتأتي الماء لتساعد في التخلص من هذه الالام.
5- الخمول والكسل
عند القيام بالإغتسال بعد الجنابة، فإن الشبكات العصبية الحسية تنبه لإستيقاظ الجهاز العصبي وإستعادته للحيوية والنشاط، وكذلك ينشط تدفق الدم إلى المخ، مما يساعد في عدم الشعور بالخمول والكسل عقب الجماع.
حيث أن الرجال والنساء يشعرون بإجهاد شديد بعد الممارسة الجنسية، وإذا لم يتم الإغتسال فسوف تزداد هذه المشاعر بالتعب والإرهاق ويميل الزوجين إلى النوم وتقل قدرتهما على ممارسة المهام اليومية كما تنخفض الطاقة لديهما.
لهذا إن من السنة المبادرة إلى الاغتسال بعد الجماع، ويجوز أن ينام الإنسان أو يأكل أو يشرب وهو جنب، لكن الأولى ألا ينام أو يأكل أو يباشر أى عمل إلا بعد أن يغسل فرجه ويتوضأ وضوءًا كوضوئه للصلاة؛ لقول عائشة رضى الله عنها: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه، وتوضأ للصلاة.